للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ بِالْبَلَدِ نَقْدَانِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِأَغْلَبِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمُعَامَلَةِ بَاعَ بِأَنْفَعِهِمَا لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فَإِذَا بَاعَ بِهِمَا قَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ وَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ. وَلَوْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مُؤَجَّلًا صَحَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْأَجَلَ وَحُمِلَ مُطْلَقُ أَجَلٍ عَلَى عُرْفٍ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ رَاعَى الْوَكِيلُ الْأَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ. وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَحَيْثُ قَدَّرَ الْأَجَلَ اتَّبَعَ الْوَكِيلُ مَا قَدَّرَهُ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ بَاعَ بِحَالٍ أَوْ نَقَصَ عَنْ الْأَجَلِ كَأَنْ بَاعَ إلَى شَهْرٍ مَا قَالَ الْمُوَكِّلُ بِعْهُ إلَيَّ شَهْرَيْنِ صَحَّ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ الْمُوَكِّلُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ كَنَقْصِ ثَمَنٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ مُؤْنَةِ حِفْظٍ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ هَذَا بِكَمْ شِئْت، فَلَهُ بَيْعُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا بِنَسِيئَةٍ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِمَا شِئْت أَوْ بِمَا تَرَاهُ، فَلَهُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لَا بِغَبْنٍ وَلَا بِنَسِيئَةٍ، وَبِكَيْفَ شِئْت، فَلَهُ بَيْعُهُ بِنَسِيئَةٍ لَا بِغَبْنٍ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِمَا عَزَّ وَهَانَ فَلَهُ بَيْعُهُ بِعَرَضٍ وَغَبْنٍ لَا بِنَسِيئَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَمْ لِلْعَدَدِ فَشَمِلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَمَا لِلْجِنْسِ فَشَمِلَ النَّقْدَ وَالْعَرَضَ، لَكِنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ لَمَّا قَرَنَ بِعَزَّ وَهَانَ شَمِلَ عُرْفًا الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ أَيْضًا وَكَيْفَ لِلْحَالِ فَشَمِلَ الْحَالَّ وَالْمُؤَجَّلَ.

(وَلَا يَجُوزُ) لِلْوَكِيلِ (أَنْ يَبِيعَ) مَا وُكِّلَ فِيهِ (مِنْ نَفْسِهِ) وَلَا مِنْ مُوَلِّيهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَأَبِيهِ وَوَلَدِهِ الرَّشِيدِ، وَلَهُ قَبْضُ ثَمَنٍ حَالٍّ ثُمَّ يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ إنْ تَسَلَّمَهُ لِأَنَّهُمَا مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْبَيْعِ فَإِنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ التَّسْلِيمِ لِتَعَدِّيهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِذَا غَرِمَهَا ثُمَّ قَبَضَ الثَّمَنَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُتَقَوِّمًا، لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِأَغْلَبِهِمَا) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ، أَيْ إنْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ وَاحِدًا فَظَاهِرٌ لُزُومُ الْبَيْعِ بِهِ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَهُوَ مَا قَالَهُ. وَحَيْثُ خَالَفَ مَا لَزِمَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْفَعِهِمَا) أَيْ وُجُوبًا، فَإِنْ خَالَفَ فَسَدَ الْبَيْعُ وَكَانَ ضَامِنًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَيَسَّرَ مَنْ يَشْتَرِي بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَنْ يَشْتَرِي بِغَيْرِ الْأَنْفَعِ فَهَلْ لَهُ الْبَيْعُ مِنْهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الثَّانِي، وَلَوْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ الْأَنْفَعَ حِينَئِذٍ كَالْمَعْدُومِ اهـ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ) أَيْ أَنْ يُشْهِدَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا بَاعَ مُؤَجَّلًا بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ، وَهُوَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ، وَيَظْهَرُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُشْتَرِي ثِقَةً مُوسِرًا اهـ س ل. قَوْلُهُ: (صَحَّ الْبَيْعُ) أَيْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي الشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُؤْنَةِ حِفْظٍ) أَيْ لِلثَّمَنِ، مَنْهَجٌ.

قَوْلُهُ: (حَمَلَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ، وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى شَرْطٍ ثَالِثٍ وَهُوَ لَمْ يُعَيِّنْ مُشْتَرِيًا. قَوْلُهُ: (لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ) أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ فَوَّتَهَا الْوَكِيلُ عَلَيْهِ؛ وَالْمُحَابَاةُ الْإِكْرَامُ وَالْمُسَامَحَةُ بِبَعْضِ الثَّمَنِ.

قَوْلُهُ: (فَرْعٌ إلَخْ) الْأَوْلَى: " فُرُوعٌ " وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مَا ذُكِرَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا الْعَاقِدَانِ وَتَرْجِعُ لِمَعَانِيهَا الْمَوْضُوعَةِ لَهَا مِنْ أَرْبَابِهَا، وَقَالَ حَجّ: إنْ عَرَفَا مَعْنَاهَا الْمَذْكُورَ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَإِنْ عُرِفَ لَهُمَا عُرْفٌ مُطَّرِدٌ فِيهَا فَظَاهِرٌ إنَّهَا تُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِمُرَادِ الْكُلِّ اهـ. وَمِثْلُهُ الشَّوْبَرِيِّ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَهُوَ قَوْلُهُ " بِثَمَنِ الْمِثْلِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ إلَخْ " أَيْ مَحِلُّ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفُرُوعِ.

قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ) أَيْ وَتَوْجِيهُ الْمَذْكُورَاتِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ لِنَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ) وَإِنْ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَنَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ أَيْضًا. وَالتَّعْلِيلُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ جَازَ أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ حِينَئِذٍ، وَالْعِلَّةُ الْمُطَّرِدَةُ اتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَاتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ. وَإِنَّمَا جَازَ تَوَلِّي الْجَدِّ تَزْوِيجَ بِنْتِ ابْنِهِ ابْنَ ابْنِهِ الْآخَرِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ أَصَالَةٌ مِنْ الشَّرْعِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ نَفْسِهِ وَمُوَلِّيهِ.

قَوْلُهُ: (كَأَبِيهِ وَوَلَدِهِ الرَّشِيدِ إلَخْ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِوُجُوبِ الْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ أَمْرَ الْقَضَاءِ فَوَلَّى أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ فَلَا يَصِحُّ لِلتُّهْمَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ قَبْضُ ثَمَنٍ حَالٍّ) بَلْ عَلَيْهِ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>