للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الرُّكْنِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ (وَأَرْكَانُ الصَّلَاةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رُكْنًا) وَهَذَا مَا فِي التَّنْبِيهِ بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي السَّجْدَتَيْنِ وَنِيَّةِ الْخُرُوجِ أَرْكَانًا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ لَا تَجِبُ، وَجَعَلَهَا فِي الْمِنْهَاجِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ كَالْهَيْئَةِ التَّابِعَةِ، وَجَعَلَهَا فِي الْحَاوِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَزَادَ الطُّمَأْنِينَةَ إلَّا أَنَّهُ جَعَلَهَا فِي الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ رُكْنًا وَاحِدًا، وَالْخُلْفُ بَيْنَهُمْ لَفْظِيٌّ، فَمَنْ لَمْ يَعُدَّ الطُّمَأْنِينَةَ رُكْنًا جَعَلَهَا فِي كُلِّ رُكْنٍ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَكَالْهَيْئَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

[فَصَلِّ فِي أَرْكَان الصَّلَاة]

عَبَّرَ هُنَا بِالْأَرْكَانِ، وَفِي الْوُضُوءِ بِالْفُرُوضِ لِأَنَّ الْفُرُوضَ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا بِخِلَافِ الْأَرْكَانِ قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الرُّكْنِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَعْنَى الرُّكْنِ لُغَةً وَفِي الْمِصْبَاحِ رُكْنُ الشَّيْءِ جَانِبُهُ فَأَرْكَانُ الشَّيْءِ أَجْزَاءُ مَاهِيَّتِه وَالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ فُهِمَ مِنْ الْفَرْقِ وَهُوَ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَكَانَ جُزْءًا مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنًى، أَيْ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ قَوْلُهُ وَالرُّكْنُ كَالشَّرْطِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَيُفَارِقُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ وَيَجِبُ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا كَالطُّهْرِ وَالسِّتْرِ. وَالرُّكْنُ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَكَانَ جُزْءًا مِنْهَا، وَلَا يَجِبُ اسْتِمْرَارُهُ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اهـ. فَفِيهِ الْفَرْقُ دُونَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ صَحِيحٌ، وَكَذَا تَقَدَّمَ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ لِفَهْمِهِ مِنْ الْفَرْقِ، وَأَمَّا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْكَانُ الصَّلَاةِ) مِنْ إضَافَةِ الْأَجْزَاءِ لِلْكُلِّ.

قَوْلُهُ: (رُكْنًا) تَمْيِيزٌ غَيْرُ مُحَوَّلٍ لِأَنَّهُ تَمْيِيزٌ مُفْرَدٌ، وَهُوَ تَمْيِيزٌ مُؤَكِّدٌ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ الْمُبْتَدَأِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " وَأَرْكَانُ الصَّلَاةِ " قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ لَمْ يَذْكُرْ نِيَّةَ الْخُرُوجِ.

قَوْلُهُ: (وَجَعَلَهَا فِي الْمِنْهَاجِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ) وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُنَاسِبُ لِأَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ بِالْهَيْئَةِ أَلْيَقُ، وَمِثْلُهَا فَقْدُ الصَّارِفِ وَكَذَا الْمُصَلِّي، وَفَارَقَ نَحْوَ الْبَيْعِ وَالصَّوْمِ حَيْثُ عَدُّوا الْبَائِعَ وَالصَّائِمَ رُكْنَيْنِ بِعَدَمِ وُجُودِ صُورَةٍ مَحْسُوسَةٍ فِي الْخَارِجِ فِيهِمَا، وَعَلَى عَدِّهِمَا أَيْ فَقْدِ الصَّارِفِ وَالْمُصَلِّي رُكْنَيْنِ تَكُونُ الْأَرْكَانُ عِشْرِينَ، وَعَلَى عَدِّ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ تَكُونُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ: (بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ كَالْهَيْئَةِ) أَيْ الصِّفَةِ، وَانْظُرْ لِمَ أَتَى بِالْكَافِ مَعَ أَنَّهَا هَيْئَةٌ وَجَعَلَهَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ هَيْئَةً تَابِعَةً لِلرُّكْنِ.

قَوْلُهُ: (وَالْخُلْفُ بَيْنَهُمْ لَفْظِيٌّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهَذَا فِي غَيْرِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ، أَمَّا الْخِلَافُ فِيهَا فَمَعْنَوِيٌّ كَمَا قَالَهُ ق ل. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَوِيًّا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي السُّجُودِ فِي طُمَأْنِينَةِ الِاعْتِدَالِ مَثَلًا، فَإِنْ جَعَلْنَاهَا تَابِعَةً لَمْ يُؤَثِّرْ شَكُّهُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا مَقْصُودَةً لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِلِاعْتِدَالِ فَوْرًا كَمَا فِي أَصْلِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَعُودُ كَمَا يَأْتِي اهـ اج. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ شَكُّهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَدَارُكِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّكِّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ فِيهَا لِكَثْرَةِ حُرُوفِهَا وَغَلَبَةِ الشَّكِّ فِيهَا، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْعَوْدِ لِلطُّمَأْنِينَةِ إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُتَابَعَةُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ، وَيَتَدَارَكُ بَعْدَ السَّلَامِ رَكْعَةً.

قَوْلُهُ: (فَمَنْ لَمْ يَعُدَّ الطُّمَأْنِينَةَ) تَفْرِيعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ وَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِهِ وَالْخُلْفُ بَيْنَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>