للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْهُ وَإِنْ مَلَكَهُ بِعِوَضٍ بِمُحَابَاةٍ مِنْ الْبَائِعِ فَقَدْرُهَا كَمِلْكِهِ مَجَّانًا فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ وُهِبَ لِرَقِيقٍ جُزْءُ بَعْضِ سَيِّدِهِ فَقَبِلَ عَتَقَ. قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ، وَسَرَى وَعَلَى سَيِّدِهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَهُ هِبَةٌ لِسَيِّدِهِ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَسْرِي لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْإِرْثِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ غَرِيبٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.

فَصْلٌ: فِي الْوَلَاءِ

وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ لُغَةً الْقَرَابَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَهِيَ الْمُعَاوَنَةُ وَالْمُقَارَبَةُ وَشَرْعًا عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا زَوَالُ الْمِلْكِ عَنْ الرَّقِيقِ بِالْحُرِّيَّةِ وَهِيَ مُتَرَاخِيَةٌ عَنْ عُصُوبَةِ النَّسَبِ فَيَرِثُ بِهَا الْمُعْتِقُ وَيَلِي أَمْرَ النِّكَاحِ وَالصَّلَاةِ وَيَعْقِلُ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» أَيْ اخْتِلَاطٌ كَاخْتِلَاطِ النَّسَبِ: «لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» .

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُسْتَغْرِقٍ) : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا، أَوْ سَقَطَ بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ إنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي الْأُولَى أَوْ ثُلُثِ الْمَالِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ إجَازَةِ الْوُرَّاثِ فِيهِمَا وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ ذَلِكَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي الْأُولَى وَلَا مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ: بِقَدْرِ ثُلُثِ ذَلِكَ، أَيْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ ثُلُثِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (بِمُحَابَاةٍ) أَيْ بِنَقْصٍ عَنْ قِيمَتِهِ كَأَنْ اشْتَرَى بِخَمْسِينَ مَا يُسَاوِي مِائَةً. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (فَقَدْرُهَا) : وَهُوَ الْخَمْسُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ فَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْهُ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الِاعْتِبَارِ، بَلْ يُعْتَبَرُ مَا دَفَعَهُ فَقَطْ هُوَ الْخَمْسُونَ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ مِائَةٌ أُخْرَى، عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ، لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي دَفَعَهَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَالْخَمْسُونَ الْمُحَابَى بِهَا قَطَعْنَا النَّظَرَ عَنْهَا فَلَوْ لَمْ نَقْطَعْ النَّظَرَ عَنْ الْمُحَابَى بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَانِ أُخْرَيَانِ، غَيْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا الْخَمْسُونَ، الَّتِي دَفَعَهَا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِهَا مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (لِرَقِيقٍ) يَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ، أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَيَقْبَلُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ فَفِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ كَالْقِنِّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ فَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِنٌّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِسَيِّدِهِ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ اهـ أج وَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شُرُوطِ السِّرَايَةِ. قَوْلُهُ: (جُزْءُ بَعْضِ سَيِّدِهِ) أَيْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ) مُعْتَمَدٌ كَمَا فِي م ر وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ ضَعِيفٌ أج.

[فَصْلٌ فِي الْوَلَاءِ]

ِ قِيلَ: كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ أَبْوَابِ الْعِتْقِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ. كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: سَوَاءٌ كَانَ مُنْجَزًا إلَخْ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِالْقَوْلِ: لِثُبُوتِهِ لِلْمُعْتِقِ وَلِعَصَبَتِهِ، بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِيهِمَا لِلْعَصَبَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (الْمُعَاوَنَةُ وَالْمُقَارَبَةُ) مُتَغَايِرَانِ وَالْمُقَارَبَةُ لِلشَّيْءِ الْقُرْبُ مِنْهُ أَيْ فَكَأَنَّهُ أَحَدُ أَقَارِبِهِ. قَوْلُهُ: (بِالْحُرِّيَّةِ) الْأَوْلَى بِالْعِتْقِ.

قَوْلُهُ: (مُتَرَاخِيَةٌ) أَيْ أَحْكَامُهَا الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ) أَيْ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لُحْمَةٌ) أَيْ تَشَابُهٌ وَاخْتِلَاطٌ كَمَا تُخَالِطُ اللُّحْمَةُ سَدَى الثَّوْبِ حَتَّى يَصِيرَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُدَاخَلَةِ الشَّدِيدَةِ وَالسَّدَى بِفَتْحِ السِّينِ مَعَ الْقَصْرِ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ النَّاسِ بِالْقِيَامِ وَيُسَمُّونَهُ أَيْضًا بِالْمُسْدِيَةِ اهـ. وَفِي الْمُخْتَارِ اللُّحْمَةُ بِالضَّمِّ الْقَرَابَةُ. وَلُحْمَةُ الثَّوْبِ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ: حَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، لَحْمَةُ الْقَرَابَةِ وَلَحْمَةُ النَّسَبِ اللَّامُ مَفْتُوحَةٌ فِيهِمَا. ثُمَّ قَالَ: وَالْعَامَّةُ يَقُولُونَ: بِضَمِّ اللَّامِ فِي الْحَرْفَيْنِ. وَاَلَّذِي أَعْرِفُهُ لُحْمَةُ النَّسَبِ بِضَمِّ اللَّامِ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>