للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللُّحْمَةُ بِضَمِّ اللَّامِ الْقَرَابَةُ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا. وَلَا يُورَثُ بَلْ يُورَثُ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ وُرِثَ لَاشْتَرَكَ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَالْوَلَاءُ مِنْ حُقُوقِ الْعِتْقِ) اللَّازِمَةِ لَهُ فَلَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ، فَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ لَغَا الشَّرْطُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ. إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ سَوَاءٌ أَحَصَلَ الْعِتْقُ مُنَجَّزًا أَمْ بِصِفَةٍ أَمْ بِكِتَابَةٍ بِأَدَاءِ نُجُومٍ أَمْ بِتَدْبِيرٍ أَمْ بِاسْتِيلَادٍ، أَمْ بِقَرَابَةٍ كَأَنْ وَرِثَ قَرِيبَهُ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ مَلَكَهُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ بِشِرَاءِ الرَّقِيقِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ أَمْ ضِمْنًا كَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَأَجَابَهُ أَمَّا وَلَاؤُهُ بِالْإِعْتَاقِ فَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَأَمَّا بِغَيْرِهِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا أَعْتَقَ غَيْرُهُ عَبْدَهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ. وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ الْمُعْتِقِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ لَا لِلْمَالِكِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِزَعْمِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

جَوَازِ الْفَتْحِ وَلَحْمَةُ الثَّوْبِ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ اهـ وَقَالَ ق ل قَوْلُهُ: لُحْمَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنَى الِاخْتِلَاطِ أَوْ بِمَعْنَى الْمُلَاصَقَةِ وَتَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ لَهُ: وَبِالْقَرَابَةِ بَعِيدٌ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَيْ اخْتِلَاطٌ) فَسَّرَ اللُّحْمَةَ هُنَا بِالِاخْتِلَاطِ وَفَسَّرَهَا فِيمَا يَأْتِي بِالْقَرَابَةِ وَيُمْكِنُ أَنَّ التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ لُغَوِيٌّ وَالثَّانِيَ شَرْعِيٌّ كَذَا قِيلَ: وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ الْعَكْسُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَوْ وُرِثَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَكَانَ حَقُّ التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُ لَوْ وُرِثَ لَمْ يَثْبُتْ لِلْعَصَبَةِ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ اهـ م د.

قَوْلُهُ: (مِنْ حُقُوقِ الْعِتْقِ) أَيْ مِنْ آثَارِهِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ عَلَى الْعَتِيقِ وَلَوْ كَافِرًا وَلَا يَثْبُتُ مَعَهُ الْإِرْثُ مَا دَامَا عَلَى اخْتِلَافِ الدِّينِ وَهُوَ قِسْمَانِ: وَلَاءُ مُبَاشَرَةٍ، وَهُوَ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى مَنْ مَسَّهُ رِقٌّ لِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ الْعِتْقُ. وَوَلَاءُ سِرَايَةٍ وَهُوَ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى مَنْ لَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ، مِنْ جِهَةِ أُصُولِهِ لِأَنَّ النِّعْمَةَ عَلَى الْأَصْلِ نِعْمَةٌ عَلَى فَرْعِهِ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْتَفِي) أَيْ الْوَلَاءُ بِنَفْيِهِ أَيْ بِإِنْكَارِهِ وَجَحْدِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُفَرَّعُ هُوَ الثَّانِيَ. اهـ. شَيْخُنَا. وَلَيْسَ لَنَا شَرْطٌ يَصِحُّ مَشْرُوطُهُ مَعَ فَسَادِ شَرْطِهِ، إلَّا هَذَا وَالْعُمْرَى وَالرُّقْبَى. قَوْلُهُ: (قَضَاءُ اللَّهِ) أَيْ حُكْمُهُ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ. وَبِشَرْطِهِ أَيْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْثَقُ أَيْ أَقْوَى.

قَوْلُهُ: (إنَّمَا الْوَلَاءُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلشَّرْطِ.

قَوْلُهُ: (أَمْ بِصِفَةٍ) أَيْ أَمْ حَصَلَ بِصِفَةٍ أَمْ بِكِتَابَةٍ بِأَدَاءٍ أَيْ مَعَ أَدَاءً إلَخْ، إذْ الْعِتْقُ بِهِ لَا بِالْكِتَابَةِ كَمَا قَالَهُ ع ش: قَوْلُهُ: (أَمْ بِقَرَابَةٍ) فَإِنْ قُلْت: إنَّ الْغَرِيبَ مُتَّصِفٌ بِوَصْفِ الْقَرَابَةِ فَمَا فَائِدَةُ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ مَعَهَا. أُجِيبَ: بِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لِثُبُوتِ الْوَلَاءِ فَائِدَةٌ: فِي بِنْتٍ أَعْتَقَتْ أَبَاهَا وَلَمْ يَكُنْ غَيْرُهَا، فَإِنَّهَا تَأْخُذُ النِّصْفَ بِالنَّسَبِ، وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بِالْوَلَاءِ فَتُقَدَّمُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَأَيْضًا الْأَيْمَانُ وَالتَّعَالِيقُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِشِرَاءِ الرَّقِيقِ) أَيْ أَمْ حَصَلَ بِشِرَاءِ الرَّقِيقِ وَانْظُرْ: لَوْ عَجَزَ عَنْ الثَّمَنِ هَلْ يَعُودُ رَقِيقًا. أَوْ يَسْتَمِرُّ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْيَسَارِ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، يَظْهَرُ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَمْ ضَمَانٌ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مُنَجَّزًا. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الضِّمْنِيَّ مُنَجَّزٌ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ اسْتِقْلَالًا أَمْ ضِمْنًا.

قَوْلُهُ: (عَقْدُ عَتَاقَةٍ) فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ فَيَكُونُ بَيْعُهُ لَهُ عِتْقًا لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ.

قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِ: إلَخْ) فِي كَوْنِ الْعِتْقِ ضِمْنِيًّا فِيمَا ذُكِرَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ وَالضِّمْنِيُّ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ إنْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا أَوْ الْهِبَةُ إنْ لَمْ يَقُلْ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا أَعْتَقَ غَيْرَهُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ: لِغَيْرِهِ إلَخْ. وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَعْتَقَ غَيْرُهُ عَبْدَهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيْ بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتَقْتُك عَنْ فُلَانٍ، وَلَمْ يَكُنْ فُلَانٌ أَذِنَ لَهُ فِي إعْتَاقِهِ عَنْهُ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُبَاشِرِ لِلْعِتْقِ خِلَافًا لِمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ عَتَقَ عَنْهُ لَا لِلْمَالِكِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَثْبُتُ لَهُ) أَيْ لِلَّذِي أَعْتَقَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ مُعْتَمَدٌ. وَقَوْلُهُ: فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْوَلَاءُ مِنْ حُقُوقِ الْعِتْقِ. وَالثَّانِي أَظْهَرُ، لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِيمَا ذَكَرَهُ عِتْقٌ لَا إعْتَاقٌ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>