للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَطَبَ بِفِرْقَةٍ وَصَلَّى بِأُخْرَى، وَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ مِنْ السَّامِعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا لِلْحَاجَةِ مَعَ سَبْقِ انْعِقَادِهَا، وَتَجْهَرُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ، وَلَا تَجْهَرُ الثَّانِيَةُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ بِهِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ.

فَصْلٌ

فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ وَبَدَأَ بِهَذَا فَقَالَ: (وَيُحَرَّمُ عَلَى الرِّجَالِ) الْمُكَلَّفِينَ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ وَكَذَا الْخَنَاثَى خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (لُبْسُ الْحَرِيرِ) وَهُوَ مَا يَحِلُّ عَنْ الدُّودَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا وَالْقَزِّ وَهُوَ مَا قَطَعَتْهُ الدُّودَةُ وَخَرَجَتْ مِنْهُ وَهُوَ كَمِدُ اللَّوْنِ. وَمِثْلُ اللُّبْسِ سَائِرُ أَنْوَاعِ الِاسْتِعْمَالِ بِفُرُشٍ وَتَدَثُّرٍ وَجُلُوسٍ عَلَيْهِ وَاسْتِنَادٍ إلَيْهِ وَتَسَتُّرٍ بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ تَحْرِيمُ النَّوْمِ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْهُمْ مَعَ كُلِّ فِرْقَةٍ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرُ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ) الْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْصَ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى يَضُرُّ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءً كَانَ فِي أُولَاهُمْ أَوْ فِي ثَانِيَتِهِمْ، وَالنَّقْصُ فِي الثَّانِيَةِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً كَانَ فِي أُولَاهُمْ أَوْ فِي ثَانِيَتِهِمْ؛ قَرَّرَهُ الشَّبْشِيرِيُّ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعَ الْخُطْبَةَ مِنْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعُونَ إذْ لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ سَمَاعِ الْأَرْبَعِينَ مَعَ جَوَازِ نَقْصِهِمْ عَنْ الْأَرْبَعِينَ وَلَوْ عِنْدَ التَّحَرُّمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ع ش عَلَى م ر؛ أَيْ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ " أَوْ فِي الثَّانِيَةِ " أَيْ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَيْضًا، فَلَا تَبْطُلُ سَوَاءً حَدَثَ النَّقْصُ فِي ثَانِيَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ فِي أُولَاهَا. اهـ. مَرْحُومِيُّ.

قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ) أَيْ كَصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَتَجْهَرُ الْفِرْقَةُ الْأُولَى فِي ثَانِيَتِهِمْ لِانْفِرَادِهِمْ دُونَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ لِاقْتِدَائِهِمْ بِهِ حُكْمًا

[فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ]

ِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِلْمُحَارِبِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى مُنَاسَبَةِ هَذَا الْفَصْلِ لِمَا قَبْلَهُ؛ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: ذَكَرَهُ هُنَا الْأَكْثَرُونَ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَأَنَّ وَجْهَ مُنَاسَبَتِهِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُقَاتِلِينَ يَحْتَاجُونَ لِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ لِلْبَرْدِ وَالْقِتَالِ، وَذَكَرَهُ جَمْعٌ فِي الْعِيدِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَبَدَأَ بِهَذَا) أَيْ مَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ أَفْرَادَهُ مَضْبُوطَةٌ، بِخِلَافِ مَا يَحِلُّ فَأَفْرَادُهُ كَثِيرَةٌ غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ وَضَابِطُ الْفَصْلِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا عُرْفًا سَوَاءً كَانَ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَالِاسْتِعْمَالِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ) وَهُوَ صَغِيرَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر خِلَافًا لحج، وَقَالَ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: إنَّهُ مِنْ الصَّغَائِرِ مَعَ عَدَمِ الْإِصْرَارِ، وَاَلَّذِي فِي حَاشِيَةِ ع ش أَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (عَلَى الرِّجَالِ) وَلَوْ ذِمِّيِّينَ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ لُبْسِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حُكْمًا فِيهِ، فَكَمَا لَا يُمْنَعُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ لَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ) خَرَجَ مَا إذَا اُضْطُرَّ أَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (لُبْسُ الْحَرِيرِ) وَكَذَا اتِّخَاذُهُ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ إنْ كَانَ لِأَجَلِ اسْتِعْمَالِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ لِأَجَلِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ أَوْ يُعِيرَهُ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ لُبْسُهُ فَيَجُوزُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالِاسْتِعْمَالِ بَدَلَ اللُّبْسِ لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ " وَمِثْلُ اللُّبْسِ إلَخْ " وَمِثْلُ الْحَرِيرِ الْمُزَعْفَرُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ أَيْ الْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ؛ وَأَمَّا الْمُعَصْفَرُ فَمَكْرُوهٌ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَصْبُوغَاتِ مِنْ أَحْمَرَ وَأَخْضَرَ وَمُخَطَّطٍ فَإِنَّهَا تَحِلُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْهَا خ ض وَفِي شَرْحِ م ر تَقْيِيدُ حُرْمَةِ الْمُزَعْفَرِ بَعْضُهُ بِصِحَّةِ إطْلَاقِ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا، قَالَ: فَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا يَحِلُّ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ ق ل بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْإِبْرَيْسَمُ فَمُقَابِلُ الْقَزِّ الْإِبْرَيْسَمُ، وَأَمَّا الْحَرِيرُ فَيَعُمُّهُمَا وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَلَوْ أَبْقَى الشَّارِحُ الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْقِسْمَيْنِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ، فَذَكَرَ الْحَرِيرَ أَوَّلًا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ ثَانِيًا بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْإِبْرَيْسَمُ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ كَمِدُ اللَّوْنِ) أَيْ غَيْرُ صَافٍ.

قَوْلُهُ: (سَائِرُ أَنْوَاعِ الِاسْتِعْمَالِ) وَلَيْسَ مِنْهَا الْمَشْيُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لِمُفَارِقَتِهِ لَهُ حَالًا لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ عُرْفًا شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَتَدَثُّرٍ) أَيْ تَدَفٍّ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَجُلُوسٍ عَلَيْهِ) أَيْ بِلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>