للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَقْتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. وَلَيْسَ لِمُحْرِمٍ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ بِفَوْتِ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ إنْ صَلَّى الْعِشَاءَ مَاكِثًا أَنْ يُصَلِّيَهَا سَائِرًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ حَاصِلٍ كَفَوْتِ نَفْسٍ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَاكِثًا وَيُفَوِّتُ الْحَجَّ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ أَوْ يُحَصِّلُ الْوُقُوفَ لِصُعُوبَةِ قَضَاءِ الْحَجِّ وَسُهُولَةِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ؟ وَجْهَانِ: رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ، وَالنَّوَوِيُّ الثَّانِيَ بَلْ صَوَّبَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ فَتَأْخِيرُهَا وَاجِبٌ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَلَوْ صَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِشَيْءٍ ظَنُّوهُ عَدُوًّا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِهِمْ فَبَانَ خِلَافُهُ قَضَوْا إذْ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ الَّذِي أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ فِيهَا وَثَمَّ سَاتِرٌ وَهُوَ قَلِيلٌ وَفِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ وَخِيفَ هُجُومُهُ، فَيُرَتِّبُ الْإِمَامُ الْقَوْمَ فِرْقَتَيْنِ وَيُصَلِّي بِهِمْ مَرَّتَيْنِ كُلُّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ جَمِيعَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا، وَتَكُونُ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى تُجَاهَ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ، ثُمَّ تَذْهَبُ الْفِرْقَةُ الْمُصَلِّيَةُ إلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ وَتَأْتِي الْفِرْقَةُ الْحَارِسَةُ فَيُصَلِّي بِهَا مَرَّةً أُخْرَى جَمِيعَ الصَّلَاةِ، وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ لِلْإِمَامِ نَفْلًا وَهَذِهِ صِفَةُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَطْنِ نَخْلٍ مَكَانٌ مِنْ نَجْدٍ بِأَرْضِ غَطَفَانَ وَهِيَ وَإِنْ جَازَتْ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ فِيهِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقِلَّةِ عَدُوِّهِمْ وَخَوْفِ هُجُومِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ. تَتِمَّةٌ: تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِي الْخَوْفِ حَيْثُ وَقَعَ بِبَلَدٍ كَصَلَاةِ عُسْفَانَ وَكَذَاتِ الرِّقَاعِ لَا كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ إذْ لَا تُقَامُ جُمُعَةٌ بَعْدَ أُخْرَى، وَيُشْتَرَطُ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَنْ يَسْمَعَ الْخُطْبَةَ عَدَدٌ تَصِحُّ بِهِ الْجُمُعَةُ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (لِمُحْرِمٍ) خَرَجَ بِهِ مَرِيدُ الْإِحْرَامِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ إنْ ظَنَّ فَوَاتَ الصَّلَاةِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ) وَكَذَا الْعُمْرَةِ إذَا نَذَرَ فِعْلَهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَضَاقَ ذَلِكَ الْوَقْتُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَا فِيهِ لَوْ صَلَّى مَاكِثًا م ر وَخَالَفَ حَجّ فَقَالَ: يُصَلِّي ثُمَّ يَعْتَمِرُ لِأَنَّ أَصْلَ الْعُمْرَةِ وَقْتُهَا الْأَبَدُ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (إنْ صَلَّى الْعِشَاءَ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَحْصِيلُ الْوُقُوفِ إلَّا بِتَرْكِ صَلَوَاتِ أَيَّامٍ وَجَبَ التَّرْكُ. اهـ. ز ي وَعِبَارَةُ ق ل: هُوَ مِثَالٌ، وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِصَلَاةٍ وَلَا بِأَكْثَرَ وَلَا بِأَيَّامٍ وَلَا بِأَشْهُرٍ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُصَلِّيَهَا) فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرِ اسْمٍ لَيْسَ مُؤَخَّرٍ، وَقَوْلُهُ " لِمُحْرِمٍ " خَبَرُهَا مُقَدَّمٌ قَوْلُهُ: (حَاصِلٌ) أَيْ مَوْجُودٌ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ إلَى الْآنَ لَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ إنْقَاذِ النَّفْسِ وَرَدِّ النَّعْلِ وَالْبَعِيرِ النَّادِّ لِأَنَّهُ يَخَافُ فَوْتَ مَا هُوَ مَوْجُودٌ، بِخِلَافِ الْحَاجِّ فَإِنَّهُ يَرُومُ تَحْصِيلَ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ م د وَقَوْلُهُ " لِأَنَّ الْحَجَّ " الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ " لِأَنَّ عَرَفَةَ " لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ) هَذَا جَارٍ فِي الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ " قَضَوْا " يَحْتَاجُ لِتَقْيِيدٍ بِأَنْ يُقَالَ قَضَى مَنْ اشْتَمَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى مُبْطِلٍ اُحْتُمِلَ فِي الْخَوْفِ وَلَمْ يُحْتَمَلْ فِي الْأَمْنِ، كَتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ فِي صَلَاةِ عُسْفَانَ وَالِانْفِرَادِ بِرَكْعَةٍ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (ظَنُّوهُ) مِثْلُهُ الشَّكُّ.

قَوْلُهُ: (قَضَوْا) فَلَوْ بَانَ عَدُوًّا يُرِيدُ الصُّلْحَ فَلَا قَضَاءَ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (الَّذِي أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ) لَعَلَّهُ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِالْخَوْفِ.

قَوْلُهُ: (نَفْلًا) أَيْ مُعَادَةً، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا نِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فَهُوَ مُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمُعَادَةِ شَوْبَرِيُّ، وَأَقَرَّهُ أج قَالَ ع ش: وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وُجُوبُ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ.

قَوْلُهُ: (فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ فِيهِ) صَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَا تُنْدَبُ فِي الْأَمْنِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ الْأَصْلِيَّةَ خَلْفَ الْمُعَادَةِ مِنْ نَوْعِهَا مَنْدُوبَةٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر ق ل وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَبْنَى الْإِشْكَالِ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَهِيَ رَاجِعٌ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِصَلَاةِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ خَلْفَهُ، فَهِيَ وَإِنْ جَازَتْ فِي الْأَمْنِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ أَيْ فَهِيَ مُبَاحَةٌ فَهِيَ هُنَا مُسْتَحَبَّةٌ؛ لِأَنَّ كَرَاهَةَ الْفَرْضِ خَلْفَ النَّفْلِ فِي غَيْرِ الْمُعَادَةِ ح ل وَأَيْضًا لَيْسَ الْإِعَادَةُ هُنَا كَثَمَّ لِأَنَّهُ هُنَا يَأْمُرُ مَنْ صَلَّى بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ وَيُعِيدُ بِغَيْرِهِ شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ) فَهِيَ شُرُوطٌ لِلنَّدَبِ لَا لِلْجَوَازِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَرَاهَةُ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ مَحِلُّهَا فِي الْأَمْنِ ز ي، أَوْ أَنَّ مَحِلَّهُ فِي النَّفْلِ الْمَحْضِ ح ف.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَسْمَعَ الْخُطْبَةَ عَدَدٌ) أَيْ أَنْ يَسْمَعَ ثَمَانُونَ فَأَكْثَرَ وَيُصَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>