مَكَانَهُ وَفَتْحُ بَابٍ بَيْنَ دَارَيْهِ، وَإِنْ كَانَتَا تُفْتَحَانِ إلَى دَرْبَيْنِ أَوْ دَرْبٍ وَشَارِعٍ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُصَادِفٌ لِلْمِلْكِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَزَالَ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَهُمَا دَارًا وَاحِدَةً وَتَرَكَ بَابَيْهِمَا بِحَالِهِمَا. وَلَوْ تَنَازَعَا جِدَارًا أَوْ سَقْفًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ بَنَى مَعَ بِنَاءِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ الْيَدُ لِظُهُورِ أَمَارَةِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَهُمَا الْيَدُ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ، فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ أَوْ حَلَفَ وَنَكَلَ الْآخَرُ قَضَى لَهُ بِهِ وَإِلَّا جَعَلَ بَيْنَهُمَا لِظَاهِرِ الْيَدِ فَيَنْتَفِعُ بِهِ كُلٌّ مِمَّا يَلِيهِ.
فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ
وَهِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا لُغَةً التَّحَوُّلُ وَالِانْتِقَالُ وَشَرْعًا عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْلَ دَيْنٍ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الرُّجُوعَ هُنَاكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ وَهُوَ خَسَارَةٌ فَلَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ مَجَّانًا، بِخِلَافِهِ هُنَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ خَسَارَةٌ لِعَدَمِ اقْتِضَائِهِ لُزُومَ سَدِّ الْبَابِ، وَخَسَارَةُ فَتْحِهِ إنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِذْنِ لَا عَلَى الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّ فَتْحَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِاسْتِطْرَاقُ؛ اهـ بِحُرُوفِهِ. قَوْلُهُ: (فَتْحُ الطَّاقَاتِ) وَلَوْ كَانَ يُشْرِفُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَرِيمِ جَارِهِ لِتَمَكُّنِ الْجَارِ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِبِنَاءِ سُتْرَةٍ أَمَامَ الْكُوَّةِ وَإِنْ تَضَرَّرَ صَاحِبُهَا بِمَنْعِ الضَّوْءِ مِنْهَا أَوْ النَّظَرِ؛ وَلِأَنَّ صَاحِبَهَا لَوْ أَرَادَ رَفْعَ جَمِيعِ الْحَائِطِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا بَابٌ يُقْفَلُ عَلَيْهَا أَوْ لَهَا وَكَانَ فِي دَاخِلِ مِلْكِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ لَهَا بَابٌ وَيُفْتَحُ لِهَوَاءِ الطَّرِيقِ كَانَ حُكْمُهَا كَالرَّوْشَنِ فَيُمْنَعُ مِنْهَا لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِهِ عَدَمُ الضَّرَرِ وَهَذَا فِيهِ ضَرَرٌ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: أَمَّا إذَا كَانَ لَهَا غِطَاءٌ أَوْ شُبَّاكٌ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الدَّرْبِ مُنِعَتْ، وَإِنْ كَانَ فَاتِحُهَا مِنْ أَهْلِهِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ اهـ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ دَارَيْهِ) أَيْ فِي الْحَائِطِ الَّتِي بَيْنَ الدَّارَيْنِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ بَنَى مَعَ بِنَاءِ أَحَدِهِمَا) كَأَنْ دَخَلَ نِصْفُ لَبِنَاتِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي لَبِنَاتِ الْآخَرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِدَارِ. وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُ السَّقْفِ بُنِيَ مَعَ بِنَاءِ أَحَدِهِمَا فِي الرُّبْعِ مَثَلًا، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمَالِكَيْنِ فِيهِ سَاكِنٌ فَوْقَ الْآخَرِ، فَالسَّقْفُ الَّذِي بَيْنَ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ إذَا كَانَ عَقْدًا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ لِلْأَسْفَلِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ اتِّصَالًا بِبِنَائِهِ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
تَنْبِيهٌ: السَّقْفُ بَيْنَ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ كَالْجِدَارِ الْمَذْكُورِ. وَفِي الرَّوْضِ: يَجُوزُ لِأَصْحَابِ الْعُلُوِّ وَضْعُ الْأَثْقَالِ الْمُعْتَادَةِ عَلَى السَّقْفِ الْمَمْلُوكِ لِلْآخَرِ أَوْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَلِلْآخَرِ تَعْلِيقُ الْمُعْتَادِ بِهِ كَثَوْبٍ وَلَوْ بِوَتَدٍ يَدُقُّهُ فِيهِ اهـ. وَلِلْآخَرِ مِنْهُمَا أَنْ يَفْعَلَ مَا يُرِيدُ فِي مِلْكِهِ، وَلَيْسَ لِلْأَعْلَى غَرْزُ وَتِدٍ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْأَسْفَلِ كَمَا مَرَّ نَظَرًا لِلْعَادَةِ فِي الِانْتِفَاعِ ق ل.
فَرْعٌ: مَا يَعْتَمِدُهُ الْمُهَنْدِسُونَ وَأَرْبَابُ الْبُنْيَانِ مِنْ وَضْعِ الْجُذُوعِ وَالطَّاقَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَقْضُونَ بِهِ لِلْجَارِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْمِلْكُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْحُدُودِ وَالْجِهَاتِ. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْيَدُ) لِظُهُورِ أَمَارَةِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِالْجِدَارِ أَوْ السَّقْفِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَوْ حَلَفَ كُلٌّ لِلْآخَرِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ادَّعَى الْجَمِيعَ أَوْ نَكَلَ كُلٌّ عَنْ الْيَمِينِ جُعِلَ بَيْنَهُمَا؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (مِمَّا يَلِيهِ) عَلَى الْعَادَةِ، وَيَبْقَى الْخَشَبُ الْمَوْجُودُ عَلَى الْجِدَارِ بِحَالِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا فِي صُورَتَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا فِي صُورَتَيْنِ، وَإِذَا تَأَمَّلْت وَجَدْته لِأَحَدِهِمَا فِي صُوَرٍ وَلَهُمَا فِي صُوَرٍ اهـ م د. وَهُوَ مَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ بَنَى عَلَى بِنَائِهِ أَوْ حَلَفَ وَنَكَلَ الْآخَرُ أَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً بِأَنَّهُ لَهُ
[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]
ِ ذَكَرَهَا بَعْدَ الصُّلْحِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ النِّزَاعِ، وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِتَحَوَّلَ وَهِيَ رُخْصَةٌ جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ كَمَا يَأْتِي.