للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتِمَّةٌ: يُكْرَهُ سَبُّ الرِّيحِ وَيُجْمَعُ عَلَى رِيَاحٍ وَأَرْوَاحٍ بَلْ يُسَنُّ الدُّعَاءُ عِنْدَهَا لِخَبَرِ «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ» أَيْ مِنْ رَحْمَتِهِ «تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْت لِأَبِي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ: عَلِّمْنِي شَيْئًا يُقَرِّبُنِي إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُبْعِدُنِي عَنْ النَّاسِ فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي يُقَرِّبُك إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَمَسْأَلَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يُبْعِدُك عَنْ النَّاسِ فَتَرْكُ مَسْأَلَتِهِمْ ثُمَّ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» ثُمَّ أَنْشَدَ:

لَا تَسْأَلَنَّ بَنِي آدَمَ حَاجَةً ... وَسَلْ الَّذِي أَبْوَابُهُ لَا تُحْجَبُ

اللَّهُ يَغْضَبُ إنْ تَرَكْت سُؤَالَهُ ... وَبَنِي آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ

فَصْلٌ: فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَنُقِلَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا؛ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ الْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: لَعَلَّ هَذَا يَكُونُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ نَاهِيًا لَك عَنْ التَّعَرُّضِ إلَى عِلْمِ الْكَوَاكِبِ وَاقْتِرَانَاتِهَا وَمَانِعًا لَك أَنْ تَدَّعِيَ وُجُودَ تَأْثِيرَاتِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ فِيك قَضَاءً لَا بُدَّ أَنْ يُنَفِّذَهُ وَحُكْمًا لَا بُدَّ أَنْ يُظْهِرَهُ، فَمَا فَائِدَةُ التَّجَسُّسِ عَلَى غَيْبِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ وَقَدْ نَهَانَا سُبْحَانَهُ أَنْ نَتَجَسَّسَ عَلَى غَيْبِهِ اهـ ذَكَرَهُ ح ل فِي السِّيرَةِ.

[تَتِمَّةٌ سَبُّ الرِّيحِ]

قَوْلُهُ: (الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أَيْ مِنْ رَحْمَتِهِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الرِّيحَ الْمُفْرَدَةَ تَأْتِي بِالْعَذَابِ وَالرِّيَاحَ الْمَجْمُوعَةَ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ. وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ خَيْرِ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيَاحُ وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ» سَأَلَ اللَّهَ خَيْرَ الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّهَا لِلرَّحْمَةِ وَتَعَوَّذَ بِهِ مِنْ شَرِّ الْمُفْرَدَةِ لِأَنَّهَا لِلْعَذَابِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْأُسْلُوبُ فِي كَلَامِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَيْنُ الرِّيحِ وَاوٌ لِقَوْلِهِمْ أَرْوَاحٌ وَرُوَيْحَةٌ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا تُفْلِحُ السَّحَابُ إلَّا مِنْ رِيَاحٍ، وَيُصَدِّقُهُ مَجِيءُ الْجَمْعِ فِي آيَاتِ الرَّحْمَةِ وَالْوَاحِدِ فِي قَصَصِ الْعَذَابِ اهـ بِحُرُوفِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُرَدَّ أَنَّهَا تَأْتِي بِالْعَذَابِ أَيْضًا شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ ق ل: وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ أَيْ مِنْ حَيْثُ مَا يَظْهَرُ لَنَا وَإِلَّا فَهِيَ رَحْمَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُطْلَقًا اهـ وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر. رَوَى الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ أَنَّ «رَجُلًا شَكَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَقْرَ فَقَالَ لَهُ: لَعَلَّك تَسُبُّ الرِّيحَ؟» وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ سَبَبَ الْمَطَرِ وَالْمَطَرُ سَبَبُ الرِّزْقِ فَمَنْ سَبَّهَا مُنِعَ الرِّزْقَ بِذَلِكَ اهـ دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (يُقَرِّبُنِي) بِالْجَزْمِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَيُبْعِدُنِي كَذَلِكَ. قَوْلُهُ (وَأَمَّا الَّذِي يُبْعِدُك) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُقَرِّبُهُ مِنْ النَّاسِ لِأَنَّهُمْ يُقْبِلُونَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلِذَا رُوِيَ " وَيُقَرِّبُنِي مِنْ النَّاسِ وَأَمَّا الَّذِي يُقَرِّبُك " إلَخْ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ هَذِهِ النُّسْخَةِ أَيْ الَّتِي فِي الشَّرْحِ بِأَنَّ تَرْكَ مَسْأَلَتِهِمْ فِيهِ إعْرَاضٌ عَنْهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْبُعْدَ عَنْهُمْ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَوَى) أَيْ الْوَرَّاقُ

١ -

خَاتِمَةٌ: تُفَارِقُ الْعِيدُ الِاسْتِسْقَاءَ فِي أَنَّ الْعِيدَ تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ بِخِلَافِهَا وَصَلَاةُ الْعِيدِ تُقْضَى بِخِلَافِهَا، وَيُقْرَأُ فِي الْعِيدِ {ق} [ق: ١] وَ " اقْتَرَبَتْ " وَيُقْرَأُ فِي ثَانِيَةِ الِاسْتِسْقَاءِ سُورَةُ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: ١] لِأَنَّ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ فِيمَا يُقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَاسَهَا عَلَى الْعِيدِ فِيمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ قِيَاسًا لَا نَصًّا. وَيُفْتَتَحُ خُطْبَةُ الْعِيدِ بِالتَّكْبِيرِ وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَفِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ اسْتِدْبَارٌ وَتَحْوِيلٌ بِخِلَافِ الْعِيدِ؛ ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ.

[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْف]

أَيْ الْخَائِفِ أَوْ حَالَةِ الْخَوْفِ أَوْ فِي الْخَوْفِ فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْخَائِفِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ مِنْ الْإِضَافَةِ لِلظَّرْفِ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَتَأْخِيرُهَا لِقِلَّتِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا قَبْلَهَا وَإِلَّا فَالْأَنْسَبُ تَقْدِيمُهَا لِأَنَّهَا تَجْرِي فِي الْفَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>