للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَابَ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ عَرَفَ مَحِلَّهُ وَأَمِنَ الطَّرِيقَ وَلَا حَائِلَ وَلَوْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَيُمْهَلُ مُدَّةَ إحْضَارِهِ بِأَنْ يُمْهَلَ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أُمْهِلَ مُدَّةَ إقَامَةِ الْمَسَافَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ ثُمَّ إنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حُبِسَ إلَى أَنْ يَتَعَذَّرَ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ يُوَفِّي الدَّيْنَ فَإِنْ وَفَّاهُ ثُمَّ حَضَرَ الْمَكْفُولُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَالْمُتَّجِهُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِرْدَادَ وَلَا يُطَالَبُ كَفِيلٌ بِمَالٍ وَلَا عُقُوبَةٍ وَإِنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ إنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ لِلْمَكْفُولِ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَاهَا

فَصْلٌ: فِي الشَّرِكَةِ

هِيَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِ الشِّينِ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا لُغَةً الِاخْتِلَاطُ وَشَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ عَقْدٌ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْكَفِيلُ، فَإِنْ أَتَى بِهِ فِي غَيْرِ مَحِلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْتَحَقَّ الْقَبُولُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَبُولُ، فَإِنْ امْتَنَعَ رَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ يَقْبِضُ عَنْهُ، فَإِنْ فَقَدَ أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ سَلَّمَهُ وَبَرِئَ.

قَوْلُهُ: (كَتَسْلِيمِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ نَفْسَهُ، أَيْ بِلَا حَائِلٍ، كَأَنْ يَقُولَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ: سَلَّمْت نَفْسِي عَلَى جِهَةِ الْكَفِيلِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحِلِّ التَّسْلِيمِ وَزَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ لَا غَرَضَ. وَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، فَلَا عِبْرَةَ بِتَسْلِيمِهِمَا إلَّا إنْ رَضِيَ بِهِ الْمَكْفُولُ لَهُ ح ل.

قَوْلُهُ: (إحْضَارُ الْمَكْفُولِ) الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) كَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ يُوَفِّي) أَيْ الْكَفِيلُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ حَضَرَ الْمَكْفُولُ) الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ قَوْلُهُ: (فَالْمُتَّجِهُ إلَخْ) فَلَوْ تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ عَلَى الْمُؤَدَّى إلَيْهِ، فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ لِأَنَّ أَدَاءَهُ عَنْهُ يُشْبِهُ الْقَرْضَ الضِّمْنِيَّ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يُرَاعِ فِي الْأَدَاءِ جِهَةَ الْمَكْفُولِ بَلْ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ بِتَخْلِيصِهِ لَهَا مِنْ الْحَبْسِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ اهـ ابْنُ حَجَرٍ، وَأَقَرَّهُ ع ش عَلَى م ر. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ: " أَنَّ لَهُ الِاسْتِرْدَادَ " أَيْ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ وَالدَّائِنِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ حُضُورُ الْمَكْفُولِ لَمْ يَرْجِعْ ق ل. وَالْمُرَادُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِرْدَادَ أَيْ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ بَدَلَهُ إنْ تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ بِالْأَدَاءِ، وَإِنَّمَا غَرِمَهُ لِلْفُرْقَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، أَيْ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ. زَادَ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: " لِلْفُرْقَةِ ": أَيْ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْوَفَاءَ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ لِتَبَرُّعِهِ بِأَدَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ) كَقَوْلِهِ: كَفَلْت بَدَنَهُ بِشَرْطِ الْغُرْمِ أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوَهُ ح ل. وَلَيْسَ مِنْ الشَّرْطِ. مَا لَوْ قَالَ: كَفَلْت بَدَنَهُ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَيَّ ضَمَانُ الْمَالِ، فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَهَذَا وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَاهَا) وَهُوَ عَدَمُ غُرْمِ الْكَفِيلِ الْمَالَ.

[فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ]

وَجْهُ مُنَاسَبَتِهَا لِلضَّمَانِ ضَمَانُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَشْرَكَ، وَمَصْدَرُهُ الْإِشْرَاكُ، وَيُقَالُ لِمَنْ أَثْبَتَهَا مُشْرِكٌ وَشَرِيكٌ؛ لَكِنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَ الْإِشْرَاكَ وَالْمُشْرِكَ لِمَنْ جَعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا.

قَوْلُهُ: (هِيَ بِكَسْرِ الشِّينِ) حَاصِلُ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ: ثَلَاثَةٌ فِي الشَّرْحِ، وَالرَّابِعَةُ شِرْكٌ بِحَذْفِ التَّاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ؛ لَكِنَّ هَذَا الرَّابِعَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الشَّرِكَةِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ وَبَيْنَ النَّصِيبِ مِنْ الشَّيْءِ.

قَوْلُهُ: (الِاخْتِلَاطُ) أَيْ سَوَاءً كَانَ بِعَقْدٍ أَوْ لَا مَعَ تَمْيِيزٍ أَوْ لَا فِي مِثْلِيٍّ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (ثُبُوتُ الْحَقِّ) الْمُرَادُ بِالْحَقِّ مِلْكُ الْعَيْنِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ فَيَدْخُلُ الْمُؤَجِّرُ. وَهَذَا لَيْسَ بِمَقْصُودِ الْبَابِ، إذْ مَقْصُودُهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ الْحَقِّ بِمَعْنَى التَّصَرُّفِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ فَتَفْسِيرُ الْحَقِّ فِي الْأَوَّلِ غَيْرُ تَفْسِيرِهِ فِي الثَّانِي كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ شَيْخُنَا. وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا سَطَرَهُ الْمُحَشِّي. قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ) لِأَنَّ الْبَابَ مَعْقُودٌ لِلشَّرِكَةِ الْخَاصَّةِ أَيْ الَّتِي تُفِيدُ التَّصَرُّفَ لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا بِعَقْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>