للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَوَجَدْت فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هُونًا لَهَا لَمْ تَطْلُقْ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيّ لِلِاسْتِحَالَةِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا لِلْيَأْسِ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ قَبَّلْت ضَرَّتَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَبَّلَهَا مَيِّتَةً لَمْ تَطْلُقْ، بِخِلَافِ تَعْلِيقِهِ بِتَقْبِيلِ أُمِّهِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ بِتَقْبِيلِهِ لَهَا مَيِّتَةً إذْ قُبْلَةُ الزَّوْجَةِ قُبْلَةُ شَهْوَةٍ وَلَا شَهْوَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْأُمُّ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ قُبْلَتَهَا قُبْلَةُ شَفَقَةٍ وَكَرَامَةٍ؛ أَكْرَمَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَجَمِيعَ أَهْلِنَا وَمَشَايِخِنَا وَأَصْحَابِنَا وَالْمُسْلِمِينَ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ.

فَصْلٌ

وَالتَّرْجَمَةُ بِالْفَصْلِ سَاقِطَةٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَهُوَ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ اصْطِلَاحَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ أَضْبَطُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

نَادِرٌ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ فَجُعِلَ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ الْمَحْضِ، وَإِذَا قَالَ لَهَا: إنْ أَبْرَأْتِينِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ شُرِطَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عِلْمُ الزَّوْجَيْنِ بِقَدْرِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ، فَإِنْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْجَهْلِ بِهِ حَالًّا وَإِنْ أَمْكَنَ الْعِلْمُ بِهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ وَكَوْنِهَا رَشِيدَةً وَأَنْ تُجِيبَهُ فَوْرًا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ وَأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالْمَالِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ زَكَاةٌ، فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ زَكَاةٌ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ مَلَكُوا بَعْضَهُ فَلَمْ يُبَرَّأْ مِنْ كُلِّهِ، وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ ثُمَّ ادَّعَتْ جَهْلَهَا بِقَدْرِهِ فَإِنْ زَوَّجَتْ صَغِيرَةً صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا أَوْ بَالِغَةً وَدَلَّ الْحَالُ عَلَى جَهْلِهَا لِكَوْنِهَا مُجْبَرَةً لَمْ تُسْتَأْذَنْ فَكَذَلِكَ.

فَرْعٌ: يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ تَحْصُلَ مُشَاجَرَةٌ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ فَتَقُولُ لَهُ: أَبْرَأْتُك، فَيَقُولُ لَهَا: إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا إنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَعْلُومٍ وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُجَرَّدِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ، وَقَدْ وَجَدْت لَا بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ لِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَرَّأُ مِنْهُ مَجْهُولًا فَلَا بَرَاءَةَ وَلَا وُقُوعَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُجَرَّدِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ إلَخْ، نَعَمْ لَوْ قَالَتْ أَرَدْت الْإِبْرَاءَ عِوَضًا عَنْ الطَّلَاقِ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ وَقَعَ بَائِنًا. اهـ. حَجّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ لَا غَرَضَ لَهَا فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَكَانَ تَعْلِيقًا مَحْضًا، وَعَلَى فَرْضِ غَرَضٍ لَهَا فَهُوَ نَادِرٌ كَمَا عَلِمْت، بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ فَإِنَّ لَهَا غَرَضًا فِي طَلَاقِ نَفْسِهَا وَمِلْكِ بُضْعِهَا فَكَانَ تَعْلِيقًا عَلَى الْبَرَاءَةِ فَكَانَ بَائِنًا.

قَوْلُهُ: (هُونًا) ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ (هَاؤُنَا) بِهَاءٍ بَعْدَهَا أَلْفٌ وَبَعْدَ الْأَلْفِ هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ وَاَلَّذِي فِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ أَصْلَهُ هَاوُونَ بِوَاوَيْنِ لِجَمْعِهِ عَلَى هَوَاوِينَ فَخُفِّفَ بِحَذْفِ الْوَاوِ الثَّانِي ثُمَّ خُفِّفَ بِفَتْحِ الْوَاوِ فَصَارَ هَاوُنًا إذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَاعِلٌ بِالضَّمِّ وَلَامُهُ وَاوٌ فَفُقِدَ النَّظِيرُ مَعَ ثِقَلِ الضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْوَاوِ بَعْدَ الْأَلْفِ لَا بِالْهَمْزَةِ فَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ غَيْرُ صَحِيحٍ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ قِرَاءَتُهُ بِوَاوٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْهَاءِ بِدُونِ أَلْفٍ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعْرَبٌ كَأَنَّهُ مِنْ الْهَوْنِ وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْهَاوَنُ بِفَتْحِ الْوَاوِ الَّذِي يُدَقُّ فِيهِ. اهـ. وَالْهَاوَنُ مِثَالٌ، فَمِثْلُهُ كُلُّ مَا يَتَعَذَّرُ كَسْرُهُ عَلَى رَأْسِهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُمْكِنُ بِرَدِّ الْهَوْنِ بِمِبْرَدٍ حَتَّى يَرِقَّ جِدًّا وَيَكْسِرَهُ فِي رَأْسِهَا فَلَا وُقُوعَ حِينَئِذٍ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ مُرَادَ الْحَالِفِ الْكَسْرُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فِي وَقْتِ الْحَلِفِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ حَالًا كَمَا قَالَهُ م ر فِي شَرْحِهِ، كَالتَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ كَأَنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ حَالًا لِاسْتِحَالَتِهِ. اهـ. م ر. وَمَحَلُّ كَوْنِ التَّعْلِيقِ بِإِنْ فِي النَّفْيِ لِلتَّرَاخِي إذَا كَانَ الْمَنْفِيُّ مُمْكِنًا، فَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا كَمَا هُنَا وَقَعَ حَالًا.

فَرْعٌ: كِتَابَةُ الْكِنَايَةِ لَا تُؤَثِّرُ لِانْضِمَامِ ضَعِيفٍ إلَى ضَعِيفٍ خِلَافًا لِلْقَاضِي. اهـ. ابْنُ الْمُلَقِّنِ. فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَقَعُ بِكِتَابَةِ الْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ م ر وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (لِلِاسْتِحَالَةِ) أَيْ اسْتِحَالَةِ كَسْرِهِ.

[فَصْلٌ أَقْسَام الطَّلَاقِ]

فَصْلٌ

ذَكَرَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَقْسَامٌ خَاصَّةٌ مِنْهُ أَيْ الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) الْغَيْرُ هُوَ الْبِدْعِيُّ فَقَطْ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>