للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْقَسِمُ إلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ، وَثَانِيهِمَا وَهُوَ أَشْهَرُ يَنْقَسِمُ إلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ وَلَا وَلَا وَسَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

فَائِدَةٌ: يَنْقَسِمُ الطَّلَاقُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ: وَاجِبٍ كَطَلَاقِ الْحُكْمِ فِي الشِّقَاقِ، وَمَنْدُوبٍ كَطَلَاقِ زَوْجَةٍ حَالُهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ كَأَنْ تَكُونَ غَيْرَ عَفِيفَةٍ، وَحَرَامٍ كَالطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَكْرُوهٍ كَطَلَاقِ مُسْتَقِيمَةِ الْحَالِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ» . وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى الْمُبَاحِ بِطَلَاقِ مَنْ لَا يَهْوَاهَا الزَّوْجُ وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِمْتَاعٍ بِهَا. (وَالنِّسَاءُ فِيهِ) أَيْ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ (ضَرْبَانِ ضَرْبٌ فِي طَلَاقِهِنَّ سُنَّةٌ) أَيْ لَا تَحْرِيمَ فِيهِ (وَبِدْعَةٌ) أَيْ حَرَامٌ (وَهُنَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ثُنَائِيَّةٌ أَوْ تَحْتَهُ الْبِدْعِيُّ وَاَلَّذِي لَا وَلَا عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ ثُلَاثِيَّةٌ، وَيَكُونُ الَّذِي لَا وَلَا عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ دَاخِلًا فِي السُّنِّيِّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى.

قَوْلُهُ: (وَفِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ السُّنِّيِّ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا) وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ.

قَوْلُهُ: (أَضْبَطُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ أَفْرَادًا، أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَحْرُمَ أَوْ لَا اهـ م د.

قَوْلُهُ: (إلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ) وَفَسَّرَ قَائِلُهُ السُّنِّيَّ بِالْجَائِزِ وَالْبِدْعِيَّ بِالْحَرَامِ فَيَكُونُ الْقِسْمُ الثَّالِثُ عَلَى الِاصْطِلَاحِ الثَّانِي دَاخِلًا فِي السُّنِّيِّ.

قَوْلُهُ: (وَبِدْعِيٍّ) أَيْ فَيَحْرُمُ. قَوْلُهُ: (وَسَيُعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ الِاصْطِلَاحُ الثَّانِي مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: وَضَرْبٌ لَيْسَ فِي طَلَاقِهِنَّ سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (إلَى الْأَحْكَامِ) أَيْ إلَى ذِي الْأَحْكَامِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَتَّصِفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ. وَفِيهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ، مَثَلًا طَلَاقُ غَيْرِ الْعَفِيفَةِ إذَا وَقَعَ زَمَنَ الْبِدْعَةِ حَرَامٌ مِنْ جِهَةِ الْبِدْعَةِ مَنْدُوبٌ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْعِفَّةِ وَقِسْ الْبَاقِي، نَعَمْ يُسْتَثْنَى الْوَاجِبُ إذَا وَقَعَ زَمَنَ الْبِدْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ مِنْ حَيْثُ الْبِدْعَةُ.

قَوْلُهُ: (وَاجِبٌ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَطْلُوبُ طَلَبًا شَدِيدًا أَيْ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إذَا تَرَكَهُ يُعَاقَبُ أَوْ إذَا تَرَكَهُ يُلَامُ وَإِنْ لَمْ يُعَاقَبْ فَيَشْمَلُ الْأَقْسَامَ الَّتِي ذَكَرَهَا م د وَهِيَ: طَلَاقُ الْحَكَمِ فِي الشِّقَاقِ إذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً، وَطَلَاقُ الْمُوَلَّى وَمِثْلُ ذَلِكَ عَاجِزٌ عَنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ بِأَمْرِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ بِهِ لِغَيْرِ تَعَنُّتٍ، وَكَذَا طَلَاقُ سَيِّئَةِ الْأَخْلَاقِ بِحَيْثُ لَا يَصْبِرُ عَلَى عِشْرَتِهَا لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ سُوءِ خُلُقِهَا مُحَالٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «الصَّالِحَةُ مِنْ النِّسَاءِ كَالْغُرَابِ الْأَعْصَمِ» أَيْ الْأَبْيَضِ الْجَنَاحَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا اهـ.

قَوْلُهُ: (كَطَلَاقِ الْحَكَمِ) ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ، وَالْوَكِيلُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ وَاجِبًا حَيْثُ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ. وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: الْحَكَمَيْنِ. وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ أَوْلَى إذْ الطَّلَاقُ إنَّمَا هُوَ مِنْ حُكْمِ الزَّوْجِ فَقَطْ، نَعَمْ الطَّلَاقُ إذَا كَانَ خُلْعًا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ حُكْمِهَا فَمَنْ عَبَّرَ بِالْحُكْمَيْنِ نُظِرَ لِذَلِكَ، إلَّا أَنَّ عِبَارَتَهُ لَا تَشْمَلُ الطَّلَاقَ مَجَّانًا فَتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَانْظُرْ مَا مَعْنَى الْوُجُوبِ عَلَى الْحَكَمَيْنِ مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ وَالْوَكِيلُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ حَيْثُ دَامَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ اهـ، أَيْ أَوْ يُقَالُ لِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ، وَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِيهِمَا الْإِسْلَامُ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ كَافِرَيْنِ اهـ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ عَفِيفَةٍ) أَيْ أَوْ غَيْرَ مُصَلِّيَةٍ وَطَلَاقُ مَنْ خَافَ أَنْ لَا يُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ فِي الزَّوْجِيَّةِ وَمَنْ رَأَى رِيبَةً يَخَافُ مَعَهَا عَلَى الْفِرَاشِ أَيْ الزَّوْجَةِ شَوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ: (وَحَرَامٌ كَالطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ) أَيْ وَكَطَلَاقِ مَنْ قَسَمَ لِغَيْرِهَا وَلَمْ يُوَفِّهَا حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَلَمْ يَسْتَرْضِهَا شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (كَطَلَاقِ مُسْتَقِيمَةِ الْحَالِ) أَيْ وَهُوَ يَهْوَاهَا وَيُحِبُّهَا.

قَوْلُهُ: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ» أَفْعَلُ تَفْضِيلٌ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ اقْتَضَى أَنَّهُ الْحَلَالُ مَبْغُوضٌ وَالطَّلَاقُ أَبْغَضُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهُ التَّنْفِيرُ؛ لِأَنَّ الْحَلَالَ لَا يُبْغَضُ بَلْ يُحَبُّ. اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ. وَقَوْلُهُ " وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهُ التَّنْفِيرُ " أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْبُغْضُ الْحَقِيقِيُّ، وَحِينَئِذٍ لَا يُرَدُّ أَنَّ الطَّلَاقَ تَعْتَرِيه الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ. قَوْلُهُ: (وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى الْمُبَاحِ) عَبَّرَ بِأَشَارَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ طَلَاقُهَا غَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَلَيْسَ نَصًّا فِي الْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ خِلَافَ الْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (مَنْ لَا يَهْوَاهَا) أَيْ وَهِيَ مُسْتَقِيمَةُ الْحَالِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ) أَيْ الْجَوَازِ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) أَيْ خَالِيَةٌ مِنْ الثَّوَابِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تَحْرِيمَ فِيهِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>