ذَوَاتُ الْحَيْضِ) وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (فَالسُّنَّةُ) أَيْ السُّنِّيُّ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَى مَدْخُولٍ بِهَا لَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَلَا صَغِيرَةٍ وَلَا آيِسَةٍ فِي طُهْرٍ غَيْرِ مُجَامِعٍ فِيهِ وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَذَلِكَ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ وَعَدَمِ النَّدَمِ فِيمَنْ ذَكَرْت وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ.
وَأَشَارَ إلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِالْقَسَمِ الَّذِي لَا وَلَا، فَإِنَّهُ لَا تَحْرِيمَ فِيهِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ فِي طُهْرٍ إلَخْ، أَوْ يُقَالَ لَا تَحْرِيمَ مَعَ إمْكَانِ ذَلِكَ فِيهِ فَيَخْرُجُ الَّذِي لَا وَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّحْرِيمُ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: قَوْلُهُ " أَيْ لَا تَحْرِيمَ فِيهِ " هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الَّذِي لَا وَلَا فَهُوَ أَيْضًا لَا تَحْرِيمَ فِيهِ، وَلَا يَخْلُو عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ، فَهَذَا التَّقْسِيمُ مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ خَالٍ عَنْ الْمَعْنَى وَإِلَّا فَالسُّنِّيُّ وَاَلَّذِي لَا وَلَا لَا تَحْرِيمَ فِيهِمَا عَلَى مَا ذُكِرَ. وَعِبَارَةُ سم: قَوْلُهُ " لَا تَحْرِيمَ فِيهِ " أَيْ مَعَ كَوْنِهِ قَابِلًا لِلتَّحْرِيمِ لِيَخْرُجَ عَنْ هَذَا الضَّرْبِ نَحْوُ الصَّغِيرَةِ مِمَّنْ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا تَحْرِيمَ فِي طَلَاقِهِنَّ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحِلِّهِ قَبُولٌ لِلتَّحْرِيمِ فَإِنَّهُنَّ لَا يَحِضْنَ فَافْتَرَقَا اهـ.
وَفِيهِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ بِعِوَضٍ مِنْهَا طَلَاقُهَا قَابِلٌ لِلتَّحْرِيمِ فِي ذَاتِهِ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا فِي ذَاتِهَا فَمَا تَمَّ الْفَرْقُ إلَّا أَنَّ التَّفْرِقَةَ مَحْضُ اصْطِلَاحٍ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا تَحْرِيمَ فِيهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ مَا قَابَلَ الْبِدْعَةَ وَهُوَ الْجَوَازُ لَا حَقِيقَتُهَا وَهِيَ مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ حَرَامٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْبِدْعَةِ، وَإِنْ نُدِبَ أَوْ أُبِيحَ أَوْ كُرِهَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
قَوْلُهُ: (وَهُنَّ) أَيْ الضَّرْبُ، وَأَنَّثَهُ بِاعْتِبَارِ خَبَرِهِ وَهُوَ ذَوَاتُ الْحَيْضِ. قَوْلُهُ: (فَالسُّنَّةُ أَنْ يُوقِعَ إلَخْ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ السُّنَّةَ صِفَةُ مَحْذُوفٍ هُوَ الْمُبْتَدَأُ أَيْ فَالطَّلَاقُ. وَقَوْلُهُ " أَنْ تُوقِعَ " خَبَرٌ أَيْ الْمَصْدَرُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَهُوَ الْإِيقَاعُ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِخْبَارُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَكُونُ عَيْنَ الْمُبْتَدَأِ فِي الْمَعْنَى وَالْإِيقَاعُ غَيْرُ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَفْظِيٌّ وَالْإِيقَاعُ فِعْلٌ نَفْسَانِيٌّ. وَيُجَابُ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَيْ ذُو إيقَاعٍ، وَقَوْلُهُ " أَيْ يُوقِعَ " قَيْدٌ وَعَلَى مَدْخُولٍ بِهَا قَيْدٌ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ وَلَا مُخْتَلِعَةٍ وَالْمَالُ مِنْ عِنْدِهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (أَيْ السُّنِّيُّ) الْيَاءُ لَيْسَتْ لِلنَّسَبِ بَلْ هِيَ تَسْمِيَةٌ اصْطِلَاحِيَّةٌ، إذْ لَوْ كَانَتْ لِلنَّسَبِ لَاقْتَضَى أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ لَا يَكُونُ إلَّا سُنَّةً مَعَ أَنَّهُ تَدْخُلُ فِيهِ الْأَحْكَامُ الَّتِي فِي الْفَائِدَةِ مَا عَدَا الْحَرَامَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْجَائِزِ. وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْيَاءُ لِلنِّسْبَةِ وَالسُّنَّةُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهَا بِمَعْنَى الطَّرِيقَةِ فَيَصْدُقُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ. وَالْيَاءُ فِي الْبِدْعِيِّ لَيْسَتْ لِلنَّسَبِ وَإِلَّا لَكَانَ خَاصًّا بِالْحَرَامِ مَعَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَنْدُوبُ وَالْمَكْرُوهُ وَالْمُبَاحُ بَلْ وَالْوَاجِبُ أَيْ فَيَكُونُ التَّقْسِيمُ إلَى سُنِّيٍّ أَوْ بِدْعِيٍّ وَإِلَى وَاجِبٍ وَغَيْرِهِ تَقْسِيمًا اعْتِبَارِيًّا تَجْتَمِعُ فِيهِ الْأَقْسَامُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ لَا حَقِيقِيًّا، وَقَوْلُهُ " أَيْ السُّنِّيُّ " لَمَّا كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ السُّنَّةَ يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ فَسَّرَهُ الشَّارِحُ بِمَا يَدْفَعُ ذَلِكَ فَقَالَ أَيْ السُّنِّيُّ يَعْنِي الْإِيقَاعَ الْمَنْسُوبَ لِلسُّنَّةِ بِمَعْنَى الْجَائِزِ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَتْ بِحَامِلٍ إلَخْ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ طَلَاقَ هَؤُلَاءِ لَا يَتَّصِفُ بِسُنَّةٍ وَلَا بِبِدْعَةٍ. وَوَجْهُهُ أَنَّ مُدَّتَهُ لَا تَخْتَلِفُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى تَقْسِيمِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، فَإِنْ قُسِّمَ قِسْمَيْنِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ السُّنِّيِّ.
(فِي طُهْرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيُوقِعُ أَيْ لَا مَعَ آخِرِهِ وَإِلَّا وَقَعَ بِدْعِيًّا، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي آخِرِ طُهْرِكِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ. قَوْلُهُ: (غَيْرِ مُجَامِعٍ فِيهِ) أَيْ وَقَدْ اسْتَوْفَتْ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ. أَمَّا لَوْ لَمْ تَسْتَوْفِهِ وَطَلُقَتْ فَبِدْعِيٌّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ) أَيْ وَلَا مُجَامِعٍ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الطُّهْرِ غَيْرَ الْمُجَامِعِ فِيهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْبِدْعِيِّ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحْبَلُ أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ) أَيْ سَبَبُ كَوْنِهِ سُنِّيًّا لِاسْتِعْقَابِهِ، وَهُوَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالشُّرُوعُ فَاعِلُهُ، وَالتَّقْدِيرُ: أَنْ يُعْقِبَ الطَّلَاقَ الشُّرُوعُ. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَنُصِبَ الشُّرُوعُ، وَالتَّقْدِيرُ: أَنْ يُطْلِقَ الطَّلَاقُ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ عَقِبَهُ؛ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، فَالسُّنِّيُّ مَا اسْتَعْقَبَتْ فِيهِ الْمُطَلَّقَةُ الْعِدَّةَ مَعَ عَدَمِ احْتِمَالِ النَّدَمِ ح ل. قَوْلُهُ (وَقَدْ قَالَ تَعَالَى إلَخْ) كَذَا لَفْظُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ،