للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا عَتَقَ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ: وَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ كَافِرًا فَلَحِقَ الْعَتِيقُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ الثَّانِي فَوَلَاؤُهُ لِلثَّانِي وَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْإِمَامُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِلْمُعْتِقِ.

تَنْبِيهٌ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَعَكْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا كَمَا تَثْبُتُ عُلْقَةُ النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا وَلَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ الْإِعْتَاقِ كَإِسْلَامِ شَخْصٍ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَحَدِيثُ: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» قَالَ الْبُخَارِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ وَكَالْتِقَاطٍ وَحَدِيثُ: «تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ عَتِيقَهَا وَلَقِيطَهَا وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» ضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ

(وَحُكْمُهُ) أَيْ الْإِرْثُ بِالْوَلَاءِ (حُكْمُ التَّعْصِيبِ) بِالنَّسَبِ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ: الْمُتَقَدِّمُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْإِرْثُ وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ، وَتَحَمُّلُ الدِّيَةِ (عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ التَّعْصِيبِ بِالنَّسَبِ إنَّمَا قُدِّمَ النَّسَبُ لِقُوَّتِهِ (وَيَنْتَقِلُ) الْوَلَاءُ (عَنْ الْمُعْتِقِ) بَعْدَ مَوْتِهِ (إلَى الذُّكُورِ مِنْ عَصَبَتِهِ) أَيْ الْمُعْتِقِ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ دُونَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ وَمَنْ يَعْصِبُهُمْ الْعَاصِبُ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ كَمَا مَرَّ فَلَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِمْ لَكَانَ مَوْرُوثًا. تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَثْبُتُ لِلْعَاصِبِ مَعَ وُجُودِ الْمُعْتِقِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَثْبُتُ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ وَالْمُتَأَخِّرُ لَهُمْ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ فَوَائِدُهُ. وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ فَإِنْ عَتَقَ عَلَيْهَا أَبُوهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالْحُرِّيَّةِ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ صُورِيٌّ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَاصِلٌ بِإِقْرَارِهِ بِالْحُرِّيَّةِ لَا بِغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ) أَيْ أَوْ أَمَةٍ بِيَدِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُقِرِّ وَهُوَ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ: (مَوْقُوفٌ) أَيْ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمِلْكَ بِزَعْمِهِ) لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ حُرٌّ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ بِالْحُرِّيَّةِ وَشِرَاؤُهُ افْتِدَاءٌ لَهُ مِمَّنْ يَسْتَخْدِمُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: بِزَعْمِهِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْإِمَامُ عَبْدًا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ إعْتَاقِ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ م ر. وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ عَدَمَ الصِّحَّةِ، لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ بُطْلَانَ أَوْقَافِ الْجَرَاكِسَةِ، لِأَنَّهُمْ أَرِقَّاءُ لَمْ يَقَعْ عِتْقُهُمْ، بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ فَتَصَرُّفَاتُهُمْ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ بَاطِلَةٌ، لِعَدَمِ صِحَّةِ مِلْكِهِمْ فَمَنْ اسْتَحَقَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْأَوْقَافِ وَمَنْ لَا فَلَا. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الْعِتْقِ فَيَمْلِكُ الْإِنْسَانُ مَا أَعْطَوْهُ لَهُ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ إذَا كَانَ لِلْمُسْلِمِ قَرِيبٌ كَافِرٌ.

قَوْلُهُ: (بِمَحْيَاهُ) أَيْ بِأَحْكَامِ حَيَاتِهِ مِنْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْعَقْلِ عَنْهُ، وَمَمَاتِهِ أَيْ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَرِثُهُ.

قَوْلُهُ: (اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ) أَيْ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَحَدِيثُ تَحُوزُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.

قَوْلُهُ: (عَتِيقُهَا) أَيْ مَوْرُوثُ عَتِيقِهَا. وَقَوْلُهُ: وَلَقِيطُهَا فِيهِ الشَّاهِدُ، فَهُوَ وَجْهُ تَضْعِيفِهِ لِأَنَّ تَرِكَةَ اللَّقِيطِ لِبَيْتِ الْمَالِ لَا حَقَّ لَهَا: فِيهِ. وَأَمَّا وَلَدُهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ أَيْ لِأَجْلِهِ فَيُمْكِنُ أَنْ تَحُوزَ مَالَهُ بِأَنْ انْفَرَدَتْ، وَلَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ، فَتَحُوزُ مَالَهُ فَرْضًا وَرَدًّا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَحُكْمُهُ أَيْ الْإِرْثِ إلَخْ) فِي تَفْسِيرِ الشَّارِحِ الضَّمِيرَ بِالْإِرْثِ قُصُورٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: حُكْمُ التَّعْصِيبِ بِالنَّسَبِ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ. فَالصَّوَابُ حَذْفُ الْإِرْثِ. وَجَعْلُ الضَّمِيرِ رَاجِعًا لِلْوَلَاءِ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ: أَنَّ قَوْلَهُ: أَيْ الْإِرْثُ فِيهِ مُسَامَحَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْإِرْثَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ حُكْمَ التَّعَصُّبِ بِالنَّسَبِ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ مِنْهَا الْإِرْثُ فَتَئُولُ: الْعِبَارَةُ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ حُكْمُ التَّعْصِيبِ بِالنَّسَبِ فِي الْإِرْثِ مَعَ زِيَادَةٍ وَفِي تِلْكَ رَكَاكَةٌ فَكَانَ الْأَوْلَى إبْقَاءَ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيُقْتَصَرُ عَلَى قَوْلِهِ: فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ عَقِبَ النَّسَبِ.

قَوْلُهُ:

(فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) وَجَمِيعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: (وَيَنْتَقِلُ) الْوَلَاءُ أَيْ فَائِدَتُهُ كَالْإِرْثِ بِهِ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ نَفْسُهُ لَا يَنْتَقِلُ كَمَا أَنَّ نَسَبَ الْإِنْسَانِ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (دُونَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ) كَالْأُمِّ وَالْأَخِ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ. وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يَعْصِبُهُمْ كَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، وَهُوَ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ.

قَوْلُهُ: (ظَاهِرُ كَلَامِهِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْتَقِلُ. وَيُجَابُ: بِأَنَّ الْمَتْنَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ فَوَائِدُ الْوَلَاءِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا لَهُ مِنْ قَبْلُ. قَوْلُهُ: (فِي حَيَاتِهِ) وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ فَاسِقًا انْتَقَلَتْ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ عَصَبَتِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَالْعَتِيقُ وَالْعَاصِبُ مُسْلِمَيْنِ وَمَاتَ الْعَتِيقُ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ الْعَاصِبُ الْمُسْلِمُ، مَعَ حَيَاةِ الْمُعْتِقِ الْكَافِرِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ إلَّا عَتِيقُهَا بِإِسْقَاطِ مِنْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>