للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنْ اشْتَرَتْهُ ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ بِلَا وَارِثٍ مِنْ النَّسَبِ لِلْأَبِ وَالْعَبْدِ فَمَالَ الْعَتِيقُ لِلْبِنْتِ لَا لِكَوْنِهَا بِنْتَ مُعْتِقِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تَرِثُ بَلْ لِأَنَّهَا مُعْتَقَةُ الْمُعْتِقِ وَمَحَلُّ مِيرَاثِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ عَصَبَةٌ. فَإِنْ كَانَ كَأَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ فَمِيرَاثُ الْعَتِيقِ لَهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّ مُعْتِقَ الْمُعْتِقِ مُتَأَخِّرٌ مِنْ عُصُوبَةِ النَّسَبِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ سَمِعْت بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ أَخْطَأَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ فَقَالُوا: إنَّ الْمِيرَاثَ لِلْبِنْتِ لِأَنَّهُمْ رَأَوْهَا أَقْرَبَ وَهِيَ عَصَبَةٌ لَهُ بِوَلَائِهَا عَلَيْهَا وَوَجْهُ الْغَفْلَةِ، أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي الْوَلَاءِ الْمُعْتَقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُهُ ثُمَّ عَصَبَاتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ ثُمَّ عَصَبَاتُهُ. وَهَكَذَا وَوَارِثُ الْعَبْدِ هَاهُنَا عَصَبَتُهُ فَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَى مُعْتِقِ مُعْتِقِهِ. وَلَا شَيْءَ لَهَا مَعَ وُجُودِهِ وَنِسْبَةُ غَلَطِ الْقُضَاةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَكَاهُ الشَّيْخَانِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ غَلَطِهِمْ فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَخٌ وَأُخْتٌ أَبَاهُمَا فَأَعْتَقَ الْأَبُ عَبْدًا وَمَاتَ ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ فَقَالُوا: مِيرَاثُهُ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأَنَّهُمَا مُعْتِقَا مُعْتِقِهِ وَهُوَ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا الْمِيرَاثُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

صَوَابُهُ: أَوْ مُنْتَمٍ لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مِنْ عَتِيقِهَا إلَّا أَنَّهَا سَرَتْ لَهُ مِنْ الْمَنْهَجِ، وَهِيَ فِيهِ نَصْبُهَا صَحِيحٌ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مَنْصُوبٌ وَعِبَارَتُهُ: إلَّا عَتِيقَهَا، وَمُنْتَمِيًا إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ: مِنْ فُرُوعِهِ أَوْ مِنْ عُتَقَائِهِ، وَعِبَارَةُ الشِّنْشَوْرِيُّ: وَكَمَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَى الْعَتِيقِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى يَثْبُتُ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَأَحْفَادِهِ، وَعَلَى عَتِيقِهِ، وَعَتِيقِ عَتِيقِهِ إلَخْ.

قَوْلُهُ:

(بِنَسَبٍ) أَيْ كَابْنِهِ، وَبِنْتِهِ، وَابْنِ ابْنِهِ، وَبِنْتِ ابْنِهِ، وَإِنْ سَفَلُوا لَا نَحْوِ إخْوَتِهِ، وَأَعْمَامِهِ، وَأُصُولِهِ. قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تَرِثُ) أَيْ لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى الْعُصُوبَةِ بِالنَّفْسِ وَهُوَ لَا يُوجَدُ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْبُنُوَّةُ، بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُعْتِقَةَ مُعْتِقٍ.

قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ مِيرَاثِهَا إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: بِلَا وَارِثٍ إلَخْ قَوْلُهُ: (فَمِيرَاثُ الْعَتِيقِ لَهُ) أَيْ لِلْعَاصِبِ وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّ مُعْتِقَ الْمُعْتِقِ) ، وَهُوَ الْبِنْتُ هُنَا.

قَوْلُهُ: (مُتَأَخِّرٌ عَنْ عُصُوبَةٍ) كَالْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ.

قَوْلُهُ: (فَقَالُوا: إنَّ الْمِيرَاثَ لِلْبِنْتِ) لَا لِلْأَخِ وَلَا لِابْنِ الْعَمِّ الْمُتَقَدِّمِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْهُمَا. وَغَفَلُوا عَنْ أَنَّ جِهَةَ الْقُرْبِ شَرْطُ الْإِرْثِ بِهَا وُجُودُ الْعُصُوبَةِ فِيهَا وَهِيَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بِنْتًا لَا عُصُوبَةَ لَهَا، وَإِنَّمَا عُصُوبَتُهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا مُعْتِقَةَ الْمُعْتِقِ وَهِيَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ مُتَأَخِّرَةُ الرُّتْبَةِ عَنْ الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ:

(عَصَبَةٌ لَهُ) أَيْ لِلْأَبِ، فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَتُهُ لَا عَصَبَتُهُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ مُعْتِقُهُ) أَيْ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ. قَوْلُهُ: (وَوَارِثُ الْعَبْدِ هَهُنَا عَصَبَتُهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ وَهُوَ أَخُوهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ.

قَوْلُهُ: (فَكَانَ) أَيْ الْعَاصِبُ مُقَدَّمًا عَلَى مُعْتِقِ مُعْتِقِهِ، وَهِيَ بِنْتُهُ وَقَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِهِ أَيْ الْعَاصِبِ.

قَوْلُهُ: (وَنِسْبَةُ غَلَطِ الْقُضَاةِ إلَخْ) الْعِبَارَةُ فِيهَا قَلْبٌ أَيْ نِسْبَةُ الْقُضَاةِ لِلْغَلَطِ.

قَوْلُهُ: (أَخٌ وَأُخْتٌ) وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِمَا إذَا اشْتَرَتْ الْأُخْتُ فَقَطْ أَبَاهَا. ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، ثُمَّ الْعَتِيقُ عَنْهَا، وَعَنْ أَخِيهَا فَيَكُونُ: مِيرَاثُهُ لِلْأَخِ فَقَطْ، وَعَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ جَرَى السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ نَظْمًا فَقَالَ:

إذَا مَا اشْتَرَتْ بِنْتٌ مَعَ ابْنٍ أَبَاهُمَا ... وَصَارَا لَهُ بَعْدَ الْعَتَاقِ مَوَالِي

وَأَعْتَقَهُمْ ثُمَّ الْمَنِيَّةُ عَجَّلَتْ ... عَلَيْهِ وَمَاتُوا بَعْدَهُ بِلَيَالِي

وَقَدْ خَلَّفُوا مَالًا فَمَا حُكْمُ مَالِهِمْ ... هَلْ الِابْنُ يَحْوِيهِ وَلَيْسَ يُبَالِي

أَمْ الْأُخْتُ تَبْقَى مَعَ أَخِيهَا شَرِيكَةً ... وَهَذَا مِنْ الْمَسْئُولِ جُلُّ سُؤَالِي

فَأَجَابَ:

لِلِابْنِ جَمِيعُ الْمَالِ إذْ هُوَ عَاصِبٌ ... وَلَيْسَ لِفَرْضِ الْبِنْتِ إرْثُ مَوَالِي

وَإِعْتَاقُهَا تُدْلِي بِهِ بَعْدَ عَاصِبٍ ... لِذَا حُجِبَتْ فَافْهَمْ حَدِيثَ سُؤَالِي

وَقَدْ غَلِطَتْ فِيهِ طَوَائِفُ أَرْبَعٌ ... مِئِينَ قُضَاةٌ مَا وَعَوْهُ بِبَالِي

اهـ مَا فِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>