(وَلَا يَجُوزُ) لِلْوَكِيلِ (أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ) بِالْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ (إلَّا بِثَلَاثَةِ شَرَائِطَ) الْأَوَّلُ: أَنْ يَعْقِدَ (بِثَمَنِ الْمِثْلِ) إذَا لَمْ يَجِدْ رَاغِبًا بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَجَدَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِدُونِهِ فَلَا يَصِحُّ إذَا كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا بِخِلَافِ الْيَسِيرِ وَهُوَ مَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا فَيُغْتَفَرُ، فَبَيْعُ مَا يُسَاوِي عَشْرَةً بِتِسْعَةٍ مُحْتَمَلٌ وَبِثَمَانِيَةٍ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ. وَالثَّانِي كَوْنُ الثَّمَنِ (نَقْدًا) أَيْ حَالًا فَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً وَالثَّالِثُ أَنْ يَبِيعَ (بِنَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْبَيْعِ لَا بَلَدِ التَّوْكِيلِ، فَلَوْ خَالَفَ فَبَاعَ عَلَى أَحَدٍ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ضَمِنَ بَدَلَهُ لِتَعَدِّيهِ بِتَسْلِيمِهِ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ بَقِيَ وَلَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ غَرِمَ الْمُوَكِّلُ بَدَلَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (بِالْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ) سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَلَوْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مُؤَجَّلًا إلَخْ، مَعَ الْفَرْعِ الَّذِي بَعْدَهُ اهـ م د. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَجِدْ رَاغِبًا إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِلْمَتْنِ، لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الرَّاغِبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أج، فَلَوْ وَجَدَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَزِمَهُ الْفَسْخُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ " بِالْوَكَالَةِ " بِمَعْنَى " فِي " وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ فِي صُورَةِ الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ، أَوْ أَنَّهَا زَائِدَةٌ أَيْ الْوَكِيلُ وَكَالَةً مُطْلَقَةً وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقَةِ غَيْرُ الْمُقَيَّدَةِ بِثَمَنٍ أَوْ حُلُولِ أَجَلٍ أَوْ مُشْتَرًى.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِدُونِهِ) فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: أَنْ يُوجَدَ رَاغِبٌ، وَأَنْ لَا؛ فَإِنْ وُجِدَ رَاغِبٌ وَبَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ أَوْ بِلَا غَبْنٍ فَاحِشٍ فَيَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رَاغِبٌ فَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ، اهـ م د. وَقَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِدُونِهِ، أَيْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ صُورَتَانِ: الْبَيْعُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَالْبَيْعُ بِأَقَلَّ مِنْ الْمَرْغُوبِ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إذَا كَانَ أَيْ النُّقْصَانُ، سَوَاءً كَانَ نُقْصَانًا عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ عَنْ الْقَدْرِ الْمَرْغُوبِ بِهِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَحْ بِهِ الْمُوَكِّلُ، حَرَّرَ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (عَشْرَةٌ) أَيْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَنْصَافٍ مَثَلًا لَا دَنَانِيرَ.
قَوْلُهُ: (مُحْتَمَلٌ) أَيْ مُغْتَفَرٌ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً) وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ. وَقَالَ الَأُجْهُورِيُّ: وَلَوْ بِرَهْنٍ وَافٍ؛ لَكِنْ إذَا وَكَّلَهُ وَقْتَ نَهْبٍ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ نَسِيئَةً إذَا حُفِظَ بِهِ عَنْ النَّهْبِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعْهُ بِبَلَدِ كَذَا وَعَلِمَ أَنَّ أَهْلَهُ لَا يَشْتَرُونَ إلَّا نَسِيئَةً اهـ س ل.
قَوْلُهُ: (بِنَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْبَيْعِ التِّجَارَةَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَبِالْغَرَضِ، م ر شَوْبَرِيٌّ وح ل. وَعِبَارَةُ س ل: الْمُرَادُ مَا يَتَعَامَلُ بِهِ أَهْلُهَا نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا. وَكَتَبَ ع ش عَلَى قَوْلِ م ر " نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا ": تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ عِنْدَ الشَّارِحِ أَنَّ الْأَوْجَهَ امْتِنَاعُ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ مُطْلَقًا، فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ فَالْمُرَادُ بِالنَّقْدِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَهُوَ مَا يَغْلِبُ التَّعَامُلُ بِهِ وَلَوْ عَرَضًا، وَعَلَيْهِ فَالْعَرَضُ الَّذِي يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ بِهِ ثَمَّ مَا لَا يَتَعَامَلُ بِهِ أَهْلُهَا مَثَلًا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَتَعَامَلُونَ بِالْفُلُوسِ فَهِيَ نَقْدُهَا فَيَبِيعُ الشَّرِيكُ بِهَا دُونَ نَحْوِ الْقُمَاشِ اهـ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ) أَيْ بَاعَ بَيْعًا مُشْتَمِلًا عَلَى إلَخْ.
وَلَعَلَّ التَّقْدِيرَ: عَلَى غَيْرِ أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ إلَخْ. وَالْمَنْهَجُ ذَكَرَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ: فَلَا يَبِيعُ بِثَمَنِ مِثْلٍ وَثَمَّ رَاغِبٌ بِأَزْيَدَ وَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً وَلَا يَبِيعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، فَقَالَ عَقِبَ هَذَا: فَلَوْ خَالَفَ فَبَاعَ إلَخْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ إنَّمَا تُنَاسِبُ عِبَارَةَ شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (ضَمِنَ بَدَلَهُ) صَوَابُهُ قِيمَتَهُ لِأَنَّ مَا يَغْرَمُهُ الْوَكِيلُ لِلْحَيْلُولَةِ وَهُوَ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا، وَمَا يَغْرَمُهُ الْمُشْتَرِي لِلْفَيْصُولَةِ وَهُوَ الْبَدَلُ مُطْلَقًا ق ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّسْلِيمِ وَلَوْ مِثْلِيًّا اهـ. قَالَ ع ش: قَوْلُهُ " ضَمِنَ " أَيْ الْوَكِيلُ قِيمَتَهُ، أَيْ أَقْصَى قِيَمِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ وَالْقِيمَةُ الْمَغْرُومَةُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَيَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ التَّصَرُّفُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا كَمِلْكِ الْقَرْضِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّلَفِ وَكَانَ الْبَدَلُ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَهَا لِلْمُوَكِّلِ لِلْحَيْلُولَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بَدَلًا عَنْ الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَهَا وَيَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِتَرَاضِيهِمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ) أَيْ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي، وَأَمَّا الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ لَوْ قَبَضَهُ فَيَضْمَنُهُ لِتَعَدِّيهِ بِقَبْضِهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ. قَوْلُهُ: (غَرِمَ الْمُوَكِّلُ بَدَلَهُ) التَّعْبِيرُ بِالْبَدَلِ هُنَا صَحِيحٌ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْبَدَلُ الشَّرْعِيُّ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَكِيلِ. وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَيَضْمَنُ الْمِثْلَ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَأَقْصَى الْقِيَمِ إنْ كَانَ