للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ الْعَدَالَةُ شَرْطٌ كَوَكَالَةِ النِّكَاحِ وَالْوَصَايَا، وَبِزَوَالِ مِلْكِ مُوَكِّلٍ عَنْ مَحِلِّ التَّصَرُّفِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ كَبَيْعٍ وَوَقْفٍ لِزَوَالِ الْوِلَايَةِ وَإِيجَارِ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ، وَمِثْلُهُ تَزْوِيجُهُ وَرَهْنُهُ مَعَ قَبْضٍ لِإِشْعَارِهَا بِالنَّدَمِ عَنْ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ.

(وَالْوَكِيلُ) وَلَوْ بِجُعْلٍ (أَمِينٌ فِيمَا يَقْبِضُهُ) لِمُوَكِّلِهِ (وَفِيمَا يَصْرِفُهُ) مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ عَنْهُ (وَلَا يَضْمَنُ) مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ. (إلَّا بِالتَّفْرِيطِ) فِي حَقِّهِ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ عَبَّرَ بِالتَّعَدِّي لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ التَّعَدِّي التَّفْرِيطُ، وَلَا عَكْسَ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ. وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالرَّدِّ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ بِخِلَافِ دَعْوَى الرَّدِّ عَلَى غَيْرِ الْمُوَكِّلِ كَرَسُولِهِ: وَإِذَا تَعَدَّى كَأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ تَعَدِّيًا ضَمِنَ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ، وَلَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ وَالْأَمَانَةُ حُكْمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهِ بُطْلَانُ الْإِذْنِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا مَحْضُ ائْتِمَانٍ، فَإِذَا بَاعَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ زَالَ الضَّمَانُ عَنْهُ وَلَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ، وَلَوْ رُدَّ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ عَادَ الضَّمَانُ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِخِلَافِهِ فِي دِينَارٍ فِي ذِمَّتِك أَوْ ذِمَّتِي، فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَبِفِسْقِهِ) أَيْ سَوَاءً كَانَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ النِّكَاحِ، أَوْ الْوَكِيلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِيصَاءِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ وَكِيلٌ.

قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ زَوَالِ الْمِلْكِ تَزْوِيجُهُ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً، زي وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَكَذَا تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ وَخَرَجَ بِالْجَارِيَةِ الْعَبْدُ اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الزِّيَادِيِّ، وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الزِّيَادِيِّ.

قَوْلُهُ: (بِالنَّدَمِ) أَيْ نَدَمِ الْمُوَكِّلِ عَلَى التَّصَرُّفِ الَّذِي كَانَ يَصْدُرُ مِنْ الْوَكِيلِ، وَفِيهِ أَنَّ النَّدَمَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ وَالتَّصَرُّفُ لَمْ يَقَعْ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِإِشْعَارِهَا بِالرُّجُوعِ عَنْ التَّصَرُّفِ، أَيْ عَنْ الْإِذْنِ فِيهِ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ) أَيْ فِي أَنَّ مَنْ فَرَّطَ مِنْهُمْ ضَمِنَ، فَلَوْ تَنَازَعَا فِي التَّفْرِيطِ صُدِّقَ مُنْكِرُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ التَّعَدِّي إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ هُوَ الظُّلْمُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَأَمَّا التَّفْرِيطُ فَيُطْلَقُ عَلَى التَّقْصِيرِ وَتَضْيِيعِ الشَّيْءِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. وَبِهَذَا تَبَيَّنَ صِحَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَنْهُ اهـ ح ف. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ نِسْيَانٍ) أَيْ فَالنَّاسِي مُفَرِّطٌ لَا مُتَعَدٍّ، فَيَقْتَضِي كَلَامُهُ أَيْ الْمُصَنِّفِ ضَمَانَهُ مَعَ النِّسْيَانِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ. وَقَوْلُهُ: " وَلَيْسَ كَذَلِكَ " بَلْ هُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر بَعْدُ؛ وَلِذَا لَمْ يَعْتَرِضْ سم فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَتْنِ. وَعِبَارَةُ م ر: وَمِنْ التَّعَدِّي أَنْ يَضِيعَ الْمَالُ مِنْهُ وَلَا يَعْرِفَ كَيْفَ ضَاعَ أَوْ وَضَعَهُ بِمَحِلٍّ ثُمَّ نَسِيَهُ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُ) أَيْ كَشَغْلٍ بِقَضَاءِ حَاجَةٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ نَحْوِ أَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِهَا.

قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) وَلَوْ قَالَ: قَضَيْت الدَّيْنَ وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَحِقُّ صُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ الْيَمِينِ مَعَ تَصْدِيقِ الْمُسْتَحِقِّ؟ قُلْنَا: فَائِدَتُهَا تَظْهَرُ إذَا كَانَ وَكِيلًا بِجُعْلٍ فَالْوَكِيلُ يَدَّعِي الدَّفْعَ لِلْمُسْتَحِقِّ لِيَأْخُذَ الْجُعْلَ وَالْمُوَكِّلُ يُنْكِرُهُ لِيَمْنَعَهُ مِنْهُ، فَفَائِدَتُهَا اسْتِحْقَاقُ الْوَكِيلِ الْجُعْلَ كَمَا تَقَرَّرَ مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِ الْمُوَكِّلِ كَرَسُولِهِ) أَوْ وَارِثِهِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَكَذَا دَعْوَى الرَّدِّ مِنْ رَسُولِ الْوَكِيلِ أَوْ وَارِثِهِ أَوْ وَكِيلِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ) أَيْ حَيْثُ كَانَ يَلِيقُ بِهِ سَوْقُهَا وَلَمْ تَكُنْ جَمُوحًا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ رُكُوبُهَا تَعَدِّيًا.

قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) أَيْ صَارَ مُتَسَبِّبًا فِي الضَّمَانِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ ضَمِنَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهِ) أَيْ الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا مَحْضُ ائْتِمَانٍ) فَإِذَا تَعَدَّى فِيهَا خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا أَمَانَةً.

قَوْلُهُ: " فَإِذَا بَاعَ " مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ: " وَلَا يَنْعَزِلُ " وَهُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ: " ضَمِنَ ".

قَوْلُهُ: (وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ) أَيْ الَّذِي تَعَدَّى فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ حَاصِلُهُ: أَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ مَضْمُونًا وَالثَّمَنَ بَدَلٌ عَنْهُ وَالْبَدَلُ عَنْهُ يُعْطَى حُكْمَ الْمُبْدَلِ عَنْهُ فَيَكُونُ مَضْمُونًا. فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ، أَيْ لَا يَصِيرُ مَضْمُونًا بِسَبَبِ التَّعَدِّي الَّذِي حَصَلَ فِي الْمَبِيعِ، فَإِذَا بَاعَ شَيْئًا مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ أَيْ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ.

قَوْلُهُ: (عَادَ الضَّمَانُ) فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ، اهـ مَيْدَانِيٌّ. قَالَ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ: وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الضَّمَانِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ رَفَعَهُ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ لَا يُقْطَعُ النَّظَرُ عَلَى أَصْلِهِ بِالْكُلِّيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>