للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِبَاحَةِ، أَمَّا قَبُولُهُ مَعْنًى وَهُوَ عَدَمُ رَدِّ الْوَكَالَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، فَلَوْ رَدَّ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ أَوْ لَا أَفْعَلُ بَطَلَتْ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَبُولِ هُنَا الْفَوْرُ وَلَا الْمَجْلِسُ، وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ الْوَكَالَةِ نَحْوَ وَكَّلْتُك فِي كَذَا إلَى رَجَبٍ، وَتَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ نَحْوَ وَكَّلْتُك الْآنَ فِي بَيْعِ كَذَا وَلَا تَبِعْهُ حَتَّى يَجِيءَ رَمَضَانُ لَا تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ نَحْوَ إذَا جَاءَ شَعْبَانُ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي كَذَا. فَلَا يَصِحُّ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، لَكِنْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ فِيهِ.

(وَ) الْوَكَالَةُ وَلَوْ بِجُعْلٍ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ فَيَجُوزُ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا مَتَى شَاءَ) وَلَوْ بَعْدَ التَّصَرُّفِ سَوَاءً أَتَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ ثَالِثٌ كَبَيْعِ الْمَرْهُونِ أَمْ لَا.

(وَتَنْفَسِخُ) حُكْمًا (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) وَبِجُنُونِهِ وَبِإِغْمَائِهِ، وَشَرْعًا بِعَزْلِ أَحَدِهِمَا بِأَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ أَوْ يَعْزِلَهُ الْمُوَكِّلُ سَوَاءً أَكَانَ بِلَفْظِ الْعَزْلِ أَمْ لَا، كَفَسَخْتُ الْوَكَالَةَ أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ رَفَعْتهَا وَبِتَعَمُّدِهِ إنْكَارَهَا بِلَا غَرَضٍ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ إنْكَارِهِ لَهَا نِسْيَانًا، أَوْ لِغَرَضٍ كَإِخْفَائِهَا مِنْ ظَالِمٍ، وَبِطُرُوِّ رِقٍّ وَحَجْرٍ كَحَجْرِ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ عَمَّا لَا يَنْفُذُ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِهَا وَبِفِسْقِهِ فِيمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَبْلَ عِلْمِهِ صَحَّ كَبَيْعِ مَالِ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ، اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ. قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ) وَهُوَ وَكَّلْتُك فِي كَذَا إيجَابٌ، وَالثَّانِي وَهُوَ بِعْ كَذَا.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لَفْظًا) قَضِيَّتُهُ اشْتِرَاطُ الْإِيجَابِ. وَلَيْسَ مُرَادًا، فَالْأَوْلَى وَيُشْتَرَطُ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ، شَوْبَرِيٌّ وق ل عَلَى التَّحْرِيرِ. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ عَلَيْهِ: لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ أَيْ فِي وَكَالَةٍ بِغَيْرِ جُعْلٍ الْقَبُولُ لَفْظًا، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَرُدَّ، فَالشَّرْطُ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ، وَقَدْ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَيْنٌ مُؤَجَّرَةٌ أَوْ مُعَارَةٌ أَوْ مَغْصُوبَةٌ فَوَهَبَهَا الْآخَرُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا فَوَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْغَاصِبِ فِي قَبْضِهَا لَهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَفْظًا لِتَزُولَ يَدُهُ عَنْهَا بِهِ، وَلَا يُكْتَفَى بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِمَا سَبَقَ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الرِّضَا بِقَبْضِهِ؛ اهـ شَرْحُ م ر اهـ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوُهُ) مِنْ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَالْكِتَابَةِ، وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِجُعْلٍ إنْ كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ لَا الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ: بِعْ هَذَا وَلَك دِرْهَمٌ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ وَكَانَ عَمَلُ الْوَكِيلِ مَضْبُوطًا لِأَنَّهَا إجَارَةٌ اهـ س ل.

قَوْلُهُ: (بِالْإِبَاحَةِ) كَقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ: أَبَحْتك هَذَا، فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا مِنْ الْمُبَاحِ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَبُولِ) أَيْ الْمَعْنَوِيِّ وَهُوَ عَدَمُ الرَّدِّ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ فَوْرًا، أَوْ يُقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ اللَّفْظِ ع ش.

قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إلَخْ) إنْ قُلْت حَيْثُ نَفَذَ بِعُمُومِ الْإِذْنِ، فَمَا الْمَعْنَى الْفَارِقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ مَعَ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ؟ قُلْت: يَظْهَرُ الْفَرْقُ فِيمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ جُعْلًا فَلَا يَجِبُ وَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ فَإِنَّ لَهُ الْمُسَمَّى اهـ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِجُعْلٍ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِجُعْلٍ تَكُونُ لَازِمَةً لِأَنَّهَا إجَارَةٌ فِي الْمَعْنَى، وَقَدْ صَرَّحَ م ر بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ لَفْظًا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِجُعْلٍ وَعَلَى كَوْنِهَا جِعَالَةً لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعْدَ التَّصَرُّفِ) أَيْ فِي بَعْضِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ، وَإِلَّا فَقَدْ انْتَهَتْ الْوَكَالَةُ بِالتَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (حَقُّ ثَالِثٍ) بِالْإِضَافَةِ.

قَوْلُهُ: (كَبَيْعِ الْمَرْهُونِ) أَيْ إنْ أَذِنَ صَاحِبُهُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ كَذَا قَالَهُ ق ل، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: كَأَنْ وَكَّلَ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ بَعْدَ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ حِينَئِذٍ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (حُكْمًا) كَأَنَّ مُرَادَهُ بِالْحُكْمِيِّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَةٍ، وَبِالشَّرْعِيِّ مَا كَانَ بِلَفْظٍ وَهُوَ اصْطِلَاحٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. وَلَوْ فَسَّرَ الِانْفِسَاخَ بِانْتِهَاءِ حُكْمِهَا وَجَعَلَ شَامِلًا لِلْأَمْرَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى، وَيَنْعَزِلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعَزْلِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ تَتَعَلَّقَ الْمَصَالِحُ الْكُلِّيَّةُ بِهِ فَاحْفَظْهُ. وَقَوْلُهُ: " حُكْمًا " وَهُوَ شَرْعِيٌّ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا عُرِّيَ عَنْ اللَّفْظِ سُمِّيَ فَسْخًا حُكْمًا اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَبِإِغْمَائِهِ) وَمِنْهُ التَّقْرِيفُ فِي نَحْوِ الْحَمَّامِ، فَيَنْفَسِخُ بِهِ كُلُّ عَقْدٍ جَائِزٍ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهَا عُمَيْرَةُ مَرْحُومِيٌّ وَقِ ل.

قَوْلُهُ: (وَبِتَعَمُّدِهِ) أَيْ تَعَمُّدِ أَحَدِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَبِطُرُوِّ رِقٍّ) كَأَنْ وَكَّلَ حَرْبِيًّا فَاسْتُرِقَّ. وَقَوْلُهُ: " عَمَّا لَا يَنْفُذُ " مُتَعَلِّقٌ بِتَنْفَسِخُ أَوْ بِيَنْعَزِلُ مُقَدَّرًا، أَيْ فَيَنْعَزِلُ عَمَّا لَا يَنْفُذُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (أَوْ فَلَسٍ) بِأَنْ وَكَّلَهُ إنْسَانٌ لِيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِعَيْنِ مَالِهِ أَيْ مَالِ الْوَكِيلِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْوَكِيلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَيَنْعَزِلُ لِأَنَّ شِرَاءَهُ بِمَالِهِ لِلْمُوَكِّلِ إمَّا قَرْضٌ أَوْ هِبَةٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا، فَتَأَمَّلْ هَذَا التَّصْوِيرَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الطَّلَبَةِ عَجَزَ عَنْهُ، زِيَادِيٌّ. وَلِهَذَا التَّصْوِيرِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: عَمَّا لَا يَنْفُذُ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِهَا، وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ. وَصُورَةُ انْعِزَالِ الْمُوَكِّلِ بِذَلِكَ، أَيْ بِالْعَكْسِ، أَنْ يَقُولَ: وَكَّلْتُك لِتَشْتَرِي لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ بِهَذَا الدِّينَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>