للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ هِلَالِ شَوَّالٍ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ فَنُفْطِرُ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَ الزَّوَالِ بِزَمَنٍ يَسَعُ الِاجْتِمَاعَ وَالصَّلَاةَ أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا صَلَّى الْعِيدَ حِينَئِذٍ أَدَاءً وَإِلَّا فَتُصَلَّى قَضَاءً مَتَى أُرِيدَ قَضَاؤُهَا، أَمَّا شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ بِأَنْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ فَلَا تُقْبَلُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَتُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً وَتُقْبَلُ فِي غَيْرِهَا كَوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَالْعِبْرَةُ فِيمَا لَوْ شَهِدُوا قَبْلَ الزَّوَالِ وَعُدِّلُوا بَعْدَهُ بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ تَتِمَّةٌ: قَالَ الْقَمُولِيُّ: لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي التَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ وَالْأَعْوَامِ وَالْأَشْهُرِ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّهُ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُخْتَلِفِينَ فِيهِ، وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ) أَيْ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ لِحَرْبِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ، أَوْ الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ تَحَزَّبَ مِنْ الْكُفَّارِ لِحَرْبِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَتَكُونُ اسْتِغْرَاقِيَّةً كَمَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ؛ وَعِبَارَةُ تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ عَلَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ} [الأحزاب: ٩] يَعْنِي الْأَحْزَابَ، وَهُمْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ وَيَهُودُ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَكَانُوا زُهَاءَ أَيْ قَدْرَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا} [الأحزاب: ٩] رِيحَ الصَّبَا {وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: ٩] وَهِيَ الْمَلَائِكَةُ. «رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا سَمِعَ بِإِقْبَالِهِمْ، ضَرَبَ الْخَنْدَقَ عَلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْهِمْ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَالْخَنْدَقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَمَضَى عَلَى الْفَرِيقَيْنِ قَرِيبُ شَهْرٍ لَا حَرْبَ بَيْنَهُمْ إلَّا التَّرَامِي بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَبًّا أَيْ: رِيحًا بَارِدَةً فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ، فَأَخْصَرَتْهُمْ وَسَفَتْ التُّرَابَ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَطْفَأَتْ نِيرَانَهُمْ وَقَلَعَتْ خِيَامَهُمْ وَهَاجَتْ الْخَيْلُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَكَبَّرَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي جَوَانِبِ الْعَسْكَرِ، فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ خُلَيْدٍ الْأَسَدِيُّ: أَمَّا مُحَمَّدٌ فَقَدْ رَمَاكُمْ بِالسِّحْرِ فَالنَّجَاءُ النَّجَاءُ، فَانْهَزَمُوا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ» اهـ.

قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ هِلَالِ شَوَّالٍ إلَخْ) وَيَكْفِي فِيهَا وَاحِدٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْفِطْرِ، أَمَّا لِوُقُوعِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (يَوْمَ الثَّلَاثِينَ) أَيْ بِأَنْ شَهِدُوا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ كَمَا فِي الْمَرْحُومِيِّ. قَالَ شَيْخُنَا ح ف: تَسْمِيَتُهُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ إنَّمَا هُوَ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ، أَيْ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ، وَإِلَّا فَهُوَ أَوَّلُ شَوَّالٍ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ بِدُونِ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا تُقْبَلُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ) أَيْ فِي تَرْكِ صَلَاةِ الْعِيدِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِتَرْكِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي قَبُولِهَا إلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ فَلَا يُصْغَى إلَيْهَا اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: لِأَنَّ شَوَّالًا قَدْ دَخَلَ يَقِينًا وَصَوْمَ ثَلَاثِينَ قَدْ تَمَّ، فَلَا فَائِدَةَ فِي شَهَادَتِهِمْ إلَّا الْمَنْعَ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ. وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَضَاءَهَا يُمْكِنُ لَيْلًا، وَهُوَ أَقْرَبُ وَأَحْوَطُ؛ وَأَيْضًا فَالْقَضَاءُ هُوَ مُقْتَضَى شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الصَّادِقَةِ كَمَا أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ فِي فَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَرَجْمِ الزَّانِي وَغَيْرِ ذَلِكَ فَكَيْفَ يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِهَا وَتُنْوَى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً مَعَ عِلْمِنَا بِالْقَضَاءِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ بُلُوغِ الْمُخْبِرِينَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ؟ . اهـ. سم. قَوْلُهُ: (فَتُصَلَّى مِنْ الْغَدِ) الظَّاهِرُ وَلَوْ لِلرَّائِي شَوْبَرِيٌّ، وَلَيْسَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَوَّلُ شَوَّالٍ مُطْلَقًا بَلْ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحُّونَ وَيَوْمَ عَرَفَةَ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ أَنَّهُ هُوَ وَإِنْ كَانَ الْعَاشِرَ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ» وَرَوَى الشَّافِعِيُّ: «عَرَفَةُ يَوْمَ يُعَرِّفُونَ» اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَالْعِبْرَةُ فِيمَا لَوْ شَهِدُوا قَبْلَ الزَّوَالِ إلَخْ) فَإِنْ عَدَّلُوا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَتُصَلَّى الْعِيدُ قَضَاءً مَتَى شَاءَ قَضَاءَهَا وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ، خِلَافًا لِمُقَابِلِ الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ شَهْرٍ؛ وَإِنْ كَانَ التَّعْدِيلُ بَعْدَ الْغُرُوبِ صُلِّيَتْ مِنْ الْغَدِ أَدَاءً. قَوْلُهُ: (وَعَدَّلُوا بَعْدَهُ) أَيْ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ. قَوْلُهُ: (بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ جَوَازِ الْحُكْمِ بِهَا، فَتُصَلَّى الْعِيدُ قَضَاءً شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَإِذَا شَهِدُوا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَعَدَّلُوا بَعْدَهُ فَتُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ. قَوْلُهُ: (فِي التَّهْنِئَةِ) التَّهْنِئَةُ ضِدُّ التَّعْزِيَةِ فَهِيَ الدُّعَاءُ بِعَوْدِ السُّرُورِ، وَالتَّعْزِيَةُ حَمْلُ الْمُصَابِ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالدُّعَاءِ لَهُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّهْنِئَةِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>