للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدِ صَلَاةِ (الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) الثَّلَاثَةِ لِلِاتِّبَاعِ، وَأَمَّا الْحَاجُّ فَيُكَبِّرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاتِهِ بَعْدَ انْتِهَاءِ وَقْتِ التَّلْبِيَةِ إلَى عَقِبِ صُبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاتِهِ بِمِنًى، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يُكَبِّرُ بَلْ يُلَبِّي لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ شِعَارُهُ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ الصَّلَوَاتُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ فَلَا يُسَنُّ التَّكْبِيرُ عَقِبَهَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَالتَّكْبِيرُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ يُسَمَّى مُقَيَّدًا وَمَا قَبْلَهُ مُطْلَقًا وَمُرْسَلًا.

(وَصِيغَتُهُ الْمَحْبُوبَةُ) اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَاسْتُحْسِنَ فِي الْأُمِّ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَتَقْيِيدُهُمْ بِالْعَصْرِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ الصَّلَاةِ بَعْدَهَا، فَلَا مَفْهُومَ لَهُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ شَوْبَرِيٌّ اهـ. فَجُمْلَةُ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يُكَبِّرُ عَقِبَهَا غَيْرُ الْحَاجِّ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ: ثَلَاثَةٌ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَالْبَاقِي الْأَرْبَعَةُ بَعْدَهُ اهـ خ ض. قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ هُنَا: وَلَوْ قَالَ مِنْ وَقْتِ صَلَاةِ صُبْحٍ أَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ صَلَاةٍ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى اهـ. لِيَشْمَلَ مَا إذَا صَلَّى نَافِلَةً أَوْ مَقْضِيَّةً قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ. وَقَوْلُهُ: " إلَى بَعْدِ " فِيهِ جَرُّ " بَعْدِ " بِ " إلَى " مَعَ أَنَّهَا لَا تُجَرُّ إلَّا بِ " مِنْ " قَالَ بَعْضُهُمْ بَيْتًا: اُجْرُرْ بِمِنْ لَا غَيْرَ قَبْلَ بَعْدِ مَعَ لَدُنْ وَدُونَ عِنْدِ فَافْهَمْ تُتْبَعُ قَوْلُهُ: (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْرَاقِهَا بِضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَقِيلَ: لِتَشْرِيقِ اللَّحْمِ فِيهَا، أَيْ نَشْرِهِ وَتَقْدِيدِهِ اهـ اج.

قَوْلُهُ: (الثَّلَاثَةِ) نُصَّ عَلَيْهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَالِكٍ الْقَائِلِ إنَّهَا اثْنَتَانِ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْحَاجُّ) خَرَجَ الْمُعْتَمِرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ إلَّا فِي زَمَنِ اشْتِغَالِهِ بِأَعْمَالِهَا اهـ ق ل، أَيْ فَجُمْلَةُ مَا يُكَبِّرُهُ خَلْفَهُ مِنْ الْفَرَائِضِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَرْضًا كَمَا فِي مَتْنِ الْبَهْجَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَعِبَارَةُ أج: وَأَمَّا الْحَاجُّ فَيُكَبِّرُ إلَخْ أَيْ فَلَا يُكَبِّرُ لَيْلَةَ الْأَضْحَى خِلَافًا لِلْقَفَّالِ بَلْ يُلَبِّي لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ شِعَارُهُ وَالْمُعْتَمِرُ يُلَبِّي إلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي الطَّوَافِ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: (لَيْلَةَ الْأَضْحَى) جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ عِيدِ الْفِطْرِ، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ شَخْصًا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ إذْ مِيقَاتُهُ الزَّمَانِيُّ يَدْخُلُ بِدُخُولِ شَوَّالٍ فَإِنَّهُ يَصِيرُ حَاجًّا، إذْ الْمُرَادُ بِالْحَاجِّ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ حِينَئِذٍ فَيُلَبِّي وَلَا يُكَبِّرُ اهـ.

قَوْلُهُ: (مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) أَيْ لِمَنْ تَحَلَّلَ ذَلِكَ الْوَقْتَ، فَإِنْ تَقَدَّمَ التَّحَلُّلُ عَلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ اُعْتُبِرَ التَّحَلُّلُ مُطْلَقًا لِأَنَّ شِعَارَ مَنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ التَّلْبِيَةُ ق ل. وَيُسَنُّ لَهُ إذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي ذِي الْحِجَّةِ التَّكْبِيرُ، قَالَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ كَمَنْ رَأَى فَالتَّعْبِيرُ بِهَا، أَيْ بِالرُّؤْيَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (إلَى عَقِبِ صُبْحِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ زي، فَالْحَاجُّ وَغَيْرُهُ مُخْتَلِفَانِ فِي الْمَبْدَأِ وَمُشْتَرِكَانِ فِي النِّهَايَةِ. قَوْلُهُ: (عَقِبَ الصَّلَاةِ يُسَمَّى مُقَيَّدًا) وَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ التَّكْبِيرُ الْمُقَيَّدُ وَأَذْكَارُ الصَّلَاةِ قَدَّمَهُ عَلَى الْأَذْكَارِ وَإِنْ كَانَ لَا يَفُوتُ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (الْمَحْبُوبَةُ) أَيْ الْمَسْنُونَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ) أَيْ وَبَعْدَ مَا بَعْدَهَا مِنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ س ل.

قَوْلُهُ: (كَبِيرًا) حَالٌ أَوْ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ، أَيْ: كَبَّرْت كَبِيرًا أَيْ رَبًّا كَبِيرًا أَيْ عَظِيمًا.

قَوْلُهُ: (كَثِيرًا) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ، أَيْ: حَمْدًا. وَقَوْلُهُ: " بُكْرَةً " هِيَ أَوَّلُ النَّهَارِ، وَالْبُكْرَةُ: الْغُدْوَةُ، وَالْجَمْعُ بُكَرٌ؛ وَقَوْلُهُ " وَأَصِيلًا " هُوَ مِنْ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ، وَجَمْعُهُ: أُصُلٌ وَآصَالٌ، أَيْ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، وَالْمُرَادُ جَمِيعُ الْأَزْمِنَةِ.

قَوْلُهُ: (صَدَقَ وَعْدَهُ) أَيْ فِي وَعْدِهِ أَيْ بِنَصْرِ نَبِيِّهِ وَجُنْدُهُ هُمْ الْمُسْلِمُونَ، فَالضَّمِيرُ إمَّا لِلَّهِ أَوْ لِلْعَبْدِ؛ وَالْأَحْزَابُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْقَبَائِلِ، وَكَانُوا عَشْرَةَ آلَافٍ وَأَمِيرُهُمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ قَبْلَ إسْلَامِهِ، غَزَا بِهِمْ الْمَدِينَةَ وَهِيَ غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا لَيْلًا هَدَمَتْ الْخِيَامَ وَأَكْفَأَتْ الْقُدُورَ فَهَزَمَهُمْ بِهَا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَأَنْزَلَ فِيهِمْ سُورَةَ الْأَحْزَابِ. قَوْلُهُ: (وَنَصَرَ عَبْدَهُ) وَأَمَّا كَلِمَةُ " وَأَعَزَّ جُنْدَهُ " فَغَيْرُ وَارِدَةٍ فَلَمْ تُطْلَبْ، لَكِنْ نَصَّ الْعَلْقَمِيُّ عَلَى أَنَّهَا وَارِدَةٌ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَبْعُدُ اسْتِحْبَابُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤] مَعَ تَفْسِيرِهِ بِلَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي كَمَا قَالَهُ ع ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>