للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَلِكَ مُعْرِضٌ عَنْ الْخَطِيبِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَيُكْرَهُ لَهُ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا لِاشْتِغَالِهِ بِغَيْرِ الْأَهَمِّ

(وَيُكَبِّرُ) نَدْبًا كُلُّ أَحَدٍ غَيْرَ حَاجٍّ (مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ) أَيْ عِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى بِرَفْعِ صَوْتٍ فِي الْمَنَازِلِ وَالْأَسْوَاقِ وَغَيْرِهِمَا وَدَلِيلُهُ فِي الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة: ١٨٥] أَيْ عِدَّةَ صَوْمِ رَمَضَانَ {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} [البقرة: ١٨٥] أَيْ عِنْدَ إكْمَالِهَا، وَفِي الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِي رَفْعِ الصَّوْتِ إظْهَارُ شِعَارِ الْعِيدِ وَاسْتَثْنَى الرَّافِعِيُّ مِنْهُ الْمَرْأَةَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا حَضَرَتْ مَعَ غَيْرِ مَحَارِمِهَا وَنَحْوِهِمْ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَيَسْتَمِرُّ التَّكْبِيرُ (إلَى أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ إذْ الْكَلَامُ مُبَاحٌ إلَيْهِ، فَالتَّكْبِيرُ أَوْلَى مَا يُشْتَغَلُ بِهِ لِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَشِعَارُ الْيَوْمِ، فَإِنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْعِبْرَةُ بِإِحْرَامِهِ (وَ) يُكَبِّرُ (فِي) عِيدِ (الْأَضْحَى خَلْفَ صَلَاةِ الْفَرَائِضِ) وَالنَّوَافِلِ وَلَوْ فَائِتَةً وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ (مِنْ) بَعْدِ صَلَاةِ (صُبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى)

ــ

[حاشية البجيرمي]

عِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى) وَتَكْبِيرُ لَيْلَةِ الْفِطْرِ آكَدُ مِنْ تَكْبِيرِ لَيْلَةِ الْأَضْحَى بِالنَّظَرِ لِلْمُرْسَلِ، أَمَّا الْمُقَيَّدُ فِي الْأَضْحَى فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْمُرْسَلِ حَتَّى مِنْ مُرْسَلِ لَيْلَةِ الْفِطْرِ اهـ ابْنُ شَرَفٍ.

قَوْلُهُ: (وَدَلِيلُهُ إلَخْ) ذَكَرَ أَدِلَّةً ثَلَاثَةً: الْأَوَّلُ: الْآيَةُ، وَالثَّانِي: الْقِيَاسُ، وَالثَّالِثُ: إظْهَارُ سُرُورِ الْعَبْدِ. كُلُّ دَلِيلٍ لِدَعْوَى مِمَّا قَبْلَهُ، وَالدَّعَاوَى ثَلَاثَةٌ: لَيْلَةُ عِيدِ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةُ عِيدِ الْأَضْحَى، وَرَفْعُ الصَّوْتِ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَثْنَى الرَّافِعِيُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِمْ) كَالزَّوْجِ وَالنِّسَاءِ، أَمَّا بِحَضْرَةِ مَنْ ذَكَرَ فَلَا يُكْرَهُ لَهَا رَفْعُ الصَّوْتِ؛ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ دُونَ رَفْعِ الرِّجْلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا جَازَ لَهَا رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهِ كَالتَّلْبِيَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ م د.

قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ التَّكْبِيرُ عَقِبَ صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ، فَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ التَّكْبِيرِ عَقِبَهَا فَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ الْجَمَاعَةَ يَسْتَمِرُّ طَلَبُهُ مِنْهُ إلَى إحْرَامِ الْإِمَامِ وَإِنْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُ إلَى الزَّوَالِ أَوْ إلَى مَا بَعْدَهُ وَفِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ إلَى إحْرَامِهِ كَذَلِكَ، أَمَّا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ أَصْلًا فَإِلَى الزَّوَالِ؛ فَاحْفَظْ ذَلِكَ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (إذْ الْكَلَامُ مُبَاحٌ إلَيْهِ) أَيْ إلَى دُخُولِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ: (فَالتَّكْبِيرُ أَوْلَى مَا يُشْتَغَلُ بِهِ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ قِرَاءَةِ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْعِيدِ إذَا كَانَتْ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ، فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ أَفْضَلُ، أَيْ الِاشْتِغَالَ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ شِعَارُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَا ذُكِرَ وِرْدًا لَهُ فِي الْجُمُعَةِ.

قَوْلُهُ: (خَلْفَ صَلَاةِ الْفَرَائِضِ) قَالَ شَيْخُنَا ق ل: يَفُوتُ التَّكْبِيرُ بِطُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ اهـ. قُلْت: فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لَا يَفُوتُ وَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ فَيَتَدَارَكُهُ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْأَيَّامِ لَا تَتِمَّةٌ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ؛ وَهَذَا أَيْ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ ق ل وم ر فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي يَرْفَعُ بِهِ الصَّوْتَ وَيَجْعَلُهُ شِعَارَ الْيَوْمِ، أَمَّا لَوْ اسْتَغْرَقَ عُمْرَهُ بِالتَّكْبِيرِ فِي نَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ اهـ أج. وَيَنْبَغِي تَأْخِيرُ الْمُرْسَلِ عَنْ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْمُقَيَّدِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهُ عَلَيْهَا، وَمِنْ الْمُرْسَلِ التَّكْبِيرُ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ الْفِطْرَ لَيْسَ فِيهِ مُقَيَّدٌ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّوَافِلِ) وَلَوْ مُطْلَقَةً وَذَاتَ سَبَبٍ لَا سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ ق ل. وَمِنْهَا صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لَمْ أَقِفْ فِيهِمَا عَلَى نَقْلِ شَرْحِ الْعُبَابِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ فَائِتَةً) وَقَضَاهَا فِي أَيَّامِ الْعِيدِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَقْضِيَّةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِيهَا وَقَضَاهَا فِي غَيْرِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَا يُكَبِّرُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، بَلْ قَالَ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ شِعَارُ الْوَقْتِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَصَلَاةَ جِنَازَةٍ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ. وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدَهَا لَا فِيهَا. وَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ اسْتَثْنَاهَا كَصَاحِبِ التَّنْقِيحِ عَلَى مَا فِيهِ تَأْخِيرٌ، خُصُوصًا إذَا خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ بِنَحْوِ ظُهُورِ رِيحٍ كَمَا ذَكَرَهُ خ ض وَالرَّحْمَانِيُّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ صُبْحِ) الَّذِي يَظْهَرُ دُخُولُ وَقْتِ التَّكْبِيرِ بِمُجَرَّدِ الْفَجْرِ، وَإِنْ لَمْ تُفْعَلْ الصُّبْحُ حَتَّى لَوْ صَلَّى فَائِتَةً أَوْ غَيْرَهَا قَبْلَهَا كَبَّرَ وَيَسْتَمِرُّ وَقْتُهُ إلَى الْغُرُوبِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، حَتَّى لَوْ قَضَى فَائِتَةً قُبَيْلَ الْغُرُوبِ كَبَّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>