للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقِبَ الْإِجَارَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي غَالِبِ الْأَحْكَامِ، إذْ الْجَعَالَةُ لَا تُخَالِفُ الْإِجَارَةَ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ: صِحَّتُهَا عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ عَسُرَ عِلْمُهُ كَرَدِّ الضَّالِّ وَالْآبِقِ، وَصِحَّتُهَا مَعَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَكَوْنُهَا جَائِزَةً وَكَوْنُ الْعَامِلِ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ. وَذَكَرَهَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ عَقِبَ بَابِ اللَّقِيطِ؛ لِأَنَّهَا طَلَبُ الْتِقَاطِ الضَّالَّةِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (عَقِبَ الْإِجَارَةِ) وَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِهَا عَقِبَ بَابِ اللَّقِيطِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ) بَلْ سِتَّةٌ، وَالْخَامِسُ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، وَالسَّادِسُ: جَهْلُ الْعِوَضِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ اهـ م ر أج.

قَوْلُهُ: (الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ) وَكَانَ الْمُرْقَى لَدِيغًا وَكَانَ رَئِيسَ الْعَرَبِ وَذَلِكَ «أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ كَانَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَمَرَّ عَلَى مَحَلٍّ فِيهِ عَرَبٌ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُوهُمْ فَبَاتُوا بِالْوَادِي، فَلُدِغَ رَئِيسُ الْعَرَبِ فَأُتِيَ لَهُ بِكُلِّ دَوَاءٍ فَلَمْ يَنْجَحْ أَيْ لَمْ يَنْفَعْ، فَقَالَ: اسْأَلُوا هَذَا الْحَيَّ الَّذِي نَزَلَ عِنْدَكُمْ، فَسَأَلُوهُمْ فَقَالُوا: نَعَمْ لَكِنْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِجُعْلٍ، فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنْ الْغَنَمِ، فَقَرَأَ أَبُو سَعِيدٍ الْفَاتِحَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَصَارَ يَتْفُلُ فَنَشِطَ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالِ بَعِيرٍ، فَتَوَقَّفُوا فِي قِسْمَةِ ذَلِكَ الْقَطِيعِ حَتَّى جَاءُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: إنَّ أَحَقَّ وَفِي رِوَايَةٍ إنَّ أَحْسَنَ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» فَيَكُونُ الدَّلِيلُ قَوْلُ النَّبِيِّ وَتَقْرِيرُهُ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَلَعَلَّ الْقِصَّةَ حَصَلَ فِيهَا تَعَبٌ كَذَهَابِهِ لِمَوْضِعِ الْمَرِيضِ فَلَا يَقُولُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تَعَبَ فِيهَا فَلَا تَصِحُّ الْجِعَالَةُ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَّهُ قَرَأَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ مَثَلًا. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّعَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاعِلِ بِأَنْ كَانَ يُتْعِبُهُ مَا لَا يُتْعِبُ غَيْرَهُ مَثَلًا، فَإِنْ جَعَلَ الشِّفَاءَ غَايَةً لِذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجُعْلَ إلَّا إذَا وُجِدَ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ غَايَةً كَأَنْ قَالَ لِتَقْرَأَ عَلَى عِلَّتِي كَذَا سَبْعًا اسْتَحَقَّ بِقِرَاءَتِهَا سَبْعًا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الشِّفَاءُ. فَائِدَةٌ: مَا يَقَعُ مِنْ كَوْنِ الشَّخْصِ يَقِيسُ بِشِبْرِهِ الْعِصَابَةَ أَوْ الطَّاقِيَّةَ مَثَلًا فَهُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السِّحْرِ وَالْإِخْبَارِ بِالْمُغَيَّبَاتِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمُخَلِّصُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَقِيسُ وَيَكْتُبُ مَا يُنَاسِبُ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ هَذَا مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ الْأَرْضِ اهـ.

قَالَ الشَّيْخُ الدِّيرِيّ فِي الْفَوَائِدِ: مِنْ خَوَاصِّ سُورَةِ الْهُمَزَةِ إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ حَالَ إنْسَانٍ هَلْ بِهِ عَيْنُ إنْسٍ أَوْ جِنٍّ أَوْ غَيْرِهِ؟ فَلْتَأْخُذْ أَثَرَهُ وَتَقِيسَهُ قِيَاسًا جَيِّدًا وَتَقْرَأَهَا عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قِرَاءَتِهَا تَقُولُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: أَقْسَمْتُ عَلَيْك يَا مَيْمُونُ يَا أَبَا نُوحٍ أَنْ تَنْزِلَ عَلَى هَذَا الْأَثَرِ وَتُبَيِّنَ مَا بِصَاحِبِهِ، إنْ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَقَصِّرْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْإِنْسِ فَطَوِّلْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ اللَّهِ فَأَبْقِهِ عَلَى حَالِهِ بِحَقِّ هَذِهِ السُّورَةِ الشَّرِيفَةِ الْوَحَا الْعِجْلَ السَّاعَةَ؛ ثُمَّ تَقِيسُ الْأَثَرَ الْمَذْكُورَ، فَإِنْ قَصُرَ تَكْتُبُ لَهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [الإسراء: ٤٥] إلَى {نُفُورًا} [الإسراء: ٤٦] وقَوْله تَعَالَى {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: ١١٥] إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَقَوْلَهُ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ} [الرحمن: ٣٣] إلَى قَوْلِهِ: {فَلا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: ٣٥] وَتَكْتُبُ لَهُ مَعَ ذَلِكَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالْفَاتِحَةَ وَيَحْمِلُهُ صَاحِبُ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ؛ وَإِنْ طَالَ يَكْتُبُ لَهُ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: ١] بِتَمَامِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يُكْتَبُ لِلْعَيْنِ؛ وَإِنْ بَقِيَ بِحَالِهِ يُكْتَبُ لَهُ آيَاتُ الشِّفَاءِ وَآخِرُ سُورَةِ الْحَشْرِ: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ} [الحشر: ٢١] إلَخْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَعْرِفَةِ قِيَاسِ الْأَثَرِ: بَعْدَ قِيَاسِهِ قِيَاسًا جَيِّدًا يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ الَّتِي هِيَ سُورَةُ: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} [الهمزة: ١] إلَخْ. ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قِرَاءَتِهِمَا تَقِيسُهُ فَهُوَ إمَّا أَنْ يَقْصُرَ أَوْ يَطُولَ أَوْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ، وَقَدْ عَرَفْتَ مَا تَكْتُبُ فِي حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ؛ وَلَا تَقُلْ لِصَاحِبِ الْأَثَرِ هَذَا الشَّيْءُ الَّذِي بِك مِنْ الْجِنِّ أَوْ الْإِنْسِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ بِحُرُوفِهِ.

وَالطَّلْسَمَاتُ الَّتِي تُكْتَبُ فِي الْمَنَافِعِ وَهِيَ مَجْهُولَةُ الْمَعْنَى هَلْ يَحِلُّ كِتَابَتُهَا؟ الْجَوَابُ: يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>