للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ الرَّاقِي كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ. وَأَيْضًا الْحَاجَةُ قَدْ تَدْعُو إلَيْهَا فَجَازَتْ كَالْإِجَارَةِ وَيُسْتَأْنَسُ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: ٧٢] وَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ كَالْوَسْقِ، وَلَمْ أَسْتَدِلُّ بِالْآيَةِ؛ لِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلِنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ. وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: عَمَلٌ وَجُعْلٌ وَصِيغَةٌ وَعَاقِدٌ. وَشُرِطَ فِي الْعَاقِدِ وَهُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ اخْتِيَارٌ، وَإِطْلَاقُ تَصَرُّفٍ مُلْتَزِمٍ وَلَوْ غَيْرَ الْمَالِكِ، فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُ مُكْرَهٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ وَعِلْمُ عَامِلٍ وَلَوْ مُبْهَمًا بِالِالْتِزَامِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ رَدَّهُ زَيْدٌ فَلَهُ كَذَا. فَرَدَّهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ أَوْ: مَنْ رَدَّ آبَقِيَ فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا. وَأَهْلِيَّةُ عَمَلِ عَامِلٍ فَيَصِحُّ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَلَوْ عَبْدًا وَصَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَمَحْجُورَ سَفَهٍ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ بِخِلَافِ صَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَعْدُومَةٌ كَاسْتِئْجَارِ أَعْمَى لِلْحِفْظِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ) الْقَطِيعُ فِي اللُّغَةِ الطَّائِفَةُ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ الْبَقَرِ، فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَهُ بِالثَّلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي تِلْكَ الرُّقْيَةِ. وَاسْتَنْبَطَ مِنْ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيّ جَوَازَهَا عَلَى مَا يَنْفَعُ الْمَرِيضَ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رُقْيَةٍ أَيْ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ ز ي.

قَوْلُهُ: (وَأَيْضًا الْحَاجَةُ إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ بَعْدَ النَّقْلِيِّ ق ل. قَوْلُهُ " فَجَازَتْ " كَالْإِجَارَةِ وَلَمْ يُسْتَغْنَ عَنْهَا بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَقَعُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَأْنَسُ إلَخْ) الِاسْتِئْنَاسُ هُوَ الْإِشْعَارُ بِالْمَطْلُوبِ مِنْ غَيْرِ صَرَاحَةٍ فِي الدَّلَالَةِ. اهـ. م د.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: اسْتَأْنَسْتُ بِهِ وَتَأَنَّسْتُ إذَا سَكَنَ الْقَلْبُ وَلَمْ يَنْفِرْ اهـ. فَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمَدَابِغِيِّ مِنْ أَنَّ الِاسْتِئْنَاسَ هُوَ الْإِشْعَارُ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (مَا يُقَرِّرُهُ) أَيْ يُوَافِقُهُ، إنَّمَا دَلِيلُنَا مَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا.

قَوْلُهُ: (عَمَلٌ) فِي عِدَّةٍ مِنْ الْأَرْكَانِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِعَدِّهِ مِنْهَا ذِكْرُهُ فَقَطْ فِي الْعَقْدِ وَالْمُتَأَخِّرُ إنَّمَا هُوَ ذَاتُ الْعَمَلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَعَاقِدٌ) الْمُرَادُ بِالْعَاقِدِ مَا يَشْمَلُ الْعَامِلَ، وَلَكِنْ فِي جَعْلِ الْعَامِلِ مِنْ الْأَرْكَانِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ مِنْهُ وَلَا حُضُورُهُ وَقْتَ خِطَابِ الْمَالِكِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ جَعَلَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُتَمِّمٌ لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْعَقْدِ وَمُحَصِّلٌ لِثَمَرَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ) أَيْ فِي الْعَدِّ لَا فِي الذِّكْرِ وَالْوَضْعِ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ أَوَّلًا الْعَمَلَ أج فَهُوَ أَوَّلٌ فِي عَدِّهِ الْآتِي وَإِلَّا فَهُوَ أَخِيرٌ فِي عَدِّهِ السَّابِقِ إجْمَالًا.

قَوْلُهُ: (تَصَرُّفٍ مُلْتَزِمٍ) بِالْإِضَافَةِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَيْرَ الْمَالِكِ) وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ اسْتِحْقَاقَ الرَّادِّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ بَلْ يَضْمَنُهُ. وَأُجِيبُ بِفَرْضِهِ فِيمَا إذَا أَذِنَ الْمَالِكُ لِمَنْ شَاءَ فِي الرَّدِّ وَالْتَزَمَ الْأَجْنَبِيُّ الْجُعْلَ، فَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مُخْتَارٌ: مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ الْعَالِمُ بِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى الْمَنْقُولِ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلِالْتِزَامِ ز ي وَمَرْحُومِيٌّ. وَقَوْلُهُ: " بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ " أَيْ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً، وَيُصَوَّرُ أَيْضًا بِأَنْ تَكُونَ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَالِكِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُ مُكْرَهٍ) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ شَرْطٌ فِي الْمُلْتَزِمِ فَقَطْ، فَيُقْرَأُ " اخْتِيَارُ " بِلَا تَنْوِينٍ مُضَافًا لِمُلْتَزِمِ.

قَوْلُهُ: (وَأَهْلِيَّةُ عَمَلِ عَامِلٍ) الْمُرَادُ بِالْأَهْلِيَّةِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْعَمَلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. وَفِي نُسْخَةٍ: " وَأَهْلِيَّةُ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ " أَيْ عَمَلُ عَامِلٍ مُعَيَّنٍ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّتُهُ لِلْعَمَلِ، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَكُونَ حَالَ النِّدَاءِ غَيْرَ أَهْلٍ كَصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ ثُمَّ يَصِيرُ أَهْلًا وَيُرَدُّ لِكَوْنِهِ سَمِعَ حِينَ النِّدَاءِ أَوْ بَلَغَهُ النِّدَاءُ حِينَ صَيْرُورَتِهِ قَادِرًا كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ. قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونًا) قَالَ سم: قُلْتُ وَمَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ مَنْ عَمِلَ مَجْنُونًا مُعَيَّنًا كَانَ أَيْ الْعَامِلُ الْمَجْنُونُ أَوْ لَا مُخَالِفَ لِمَا قَالُوهُ مِنْ انْفِسَاخِ الْجِعَالَةِ بِجُنُونِ الْعَامِلِ، إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْجُنُونِ الْمُقَارِنِ وَالطَّارِئِ فَلَا يَضُرُّ الْأَوَّلَ وَلَا يَضُرُّ الثَّانِيَ؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِانْفِسَاخَ بِالْجُنُونِ يَخْتَصُّ بِالْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ بِغَيْرِ الْعَيْنِ، فَلَوْ طَرَأَ لِأَحَدٍ جُنُونٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَكَانَ الْعَامِلُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ ثُمَّ رَدَّهُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ أَوْ قَبْلَهَا اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ إذْ لَا مَعْنَى لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِجُنُونِهِ مَعَ عَدَمِ ارْتِبَاطِهِ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِلَا إذْنٍ) أَيْ مِنْ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ صَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُرَدُّ مَعَ عَدَمِ قُدْرَتِهِ فَهُوَ مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>