تَتِمَّةٌ: لَوْ صَالَحَ الضَّامِنُ عَنْ الدَّيْنِ الْمَضْمُونِ بِمَا دُونَهُ كَأَنْ صَالَحَ عَنْ مِائَةٍ بِبَعْضِهَا أَوْ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَهَا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِمَا غَرِمَ لِأَنَّهُ الَّذِي بَذَلَهُ. نَعَمْ لَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا عَلَى مُسْلِمٍ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى خَمْرٍ لَمْ يَرْجِعْ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسَلَّمِ وَلَا قِيمَةَ لِلْخَمْرِ عِنْدَهُ، وَحَوَالَةُ الضَّامِنِ الْمَضْمُونِ لَهُ كَالْأَدَاءِ فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ اثْنَانِ أَلْفًا لِشَخْصٍ كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَلْفِ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ فِي جَمِيعِهَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (لَوْ صَالَحَ الضَّامِنُ) خَرَجَ بِ " بِصَالَحَ " مَا لَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ بِمِائَةٍ أَوْ بِالْمِائَةِ الْمَضْمُونَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا لَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَرْجِعْ) ظَاهِرُهُ صِحَّةُ الصُّلْحِ عَلَى خَمْرٍ وَسُقُوطُ الدَّيْنِ عَنْ الْمُسَلَّمِ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْخَمْرِ بَاطِلٌ وَالدَّيْنُ بَاقٍ ع ش. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ مُسْلِمٍ دَيْنًا فَصَالَحَ صَاحِبَهُ عَلَى خَمْرٍ لَغَا الصُّلْحُ، لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَدَاءَ الضَّامِنِ لِلْمُسْتَحَقِّ يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْأَصِيلِ مَا أَدَّاهُ وَتَمْلِيكَهُ إيَّاهُ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا، فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِهَا) أَيْ الْمُصَالَحَةِ.
قَوْلُهُ: (وَحَوَالَةُ الضَّامِنِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ وَهُوَ الْحَوَالَةُ عَلَى الضَّامِنِ مِنْ مُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ. وَظَاهِرُ جَعْلِ الْحَوَالَةِ كَالْأَدَاءِ ثُبُوتُ الرُّجُوعِ قَبْلَ دَفْعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحْتَالِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَقْتَضِي انْتِقَالَ الْحَقِّ وَفَرَاغَ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ؛ نَعَمْ تَرَدَّدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَا لَوْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الضَّامِنِ فَأَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ وَمَالَ إلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ سم. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ضَمِنَ إلَخْ) عِبَارَةُ سم: فَرْعٌ: ضَمِنَ اثْنَانِ دَيْنًا كَانَ كُلٌّ ضَامِنًا لِنِصْفِهِ، كَمَا لَوْ رَهَنَاهُ عَلَيْهِ شَيْئًا يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا رَاهِنًا عَلَى النِّصْفِ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ كُلًّا ضَامِنٌ لِلْجَمِيعِ كَمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ. وَفِي م د عَلَى التَّحْرِيرِ: فَرْعٌ: بَاعَ شَيْئًا لِاثْنَيْنِ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَا مُتَضَامِنَيْنِ، أَيْ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ اثْنَيْنِ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ سَالِمًا وَإِنْ عُلِمَ قَدْرُ الدَّلَالَةِ، أَيْ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْبَائِعِ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر الصِّحَّةُ فِي الْعِلْمِ وَكَأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ الْحَلَبِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَاعْتَمَدَهُ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا؛ وَلَوْ قَالَا ضَمِنَا الْعَشَرَةَ الَّتِي لَك عَلَى زَيْدٍ فَكُلٌّ ضَامِنٌ لِنِصْفِهَا فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ ضَمَّنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَأَدَّى الْعَشَرَةَ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصْلِ إلَّا بِخَمْسَةٍ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا) لِأَنَّ قَوْلَهُمَا ضَمِنَا مَالَك عَلَى زَيْدٍ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُوَزَّعُ عَلَيْنَا بَلْ كُلٌّ مِنَّا ضَامِنٌ جَمِيعَهُ، فَلَوْ أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا هَلْ يُغَرِّمُ رَفِيقَهُ نِصْفَهُ الظَّاهِرُ؟ لَا. وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي أَحَدُ وَجْهَيْنِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ م ر خِلَافُهُ، فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ فَقَطْ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَشَغْلُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالزَّائِدِ مَشْكُوكٌ فِيهِ؛ نَعَمْ إنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَمِنْت الْأَلْفَ اتَّجَهَ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي اهـ م ر. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا.
فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى الرِّيفِ مِنْ ضَمَانِ دَوَابِّ اللَّبَنِ كَالْجَامُوسِ وَالْبَقَرِ مَا حُكْمُهُ وَمَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى الْآخِذِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ: أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنَّ اللَّبَنَ مَقْبُوضٌ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَذَاتُ اللَّبَنِ مَقْبُوضَةٌ هِيَ وَوَلَدُهَا بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، فَإِنَّ مَا يَدْفَعُهُ الْآخِذُ لِلدَّابَّةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْعَلَفِ فِي مُقَابَلَةِ اللَّبَنِ وَالِانْتِفَاعِ بِالْبَهِيمَةِ فِي الْوُصُولِ إلَى اللَّبَنِ، فَاللَّبَنُ مَضْمُونٌ عَلَى الْآخِذِ بِمِثْلِهِ وَالْبَهِيمَةُ وَوَلَدُهَا أَمَانَتَانِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَإِنْ تَلِفَتْ هِيَ أَوْ وَلَدُهَا بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنُ أَوْ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَ ع ش عَلَى م ر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute