للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ، أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ مَدِينٍ وَلَوْ مَعَ تَكْذِيبِ الدَّائِنِ أَوْ غِيبَتِهِ لَكِنْ صَدَّقَهُ الدَّائِنُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِإِقْرَارِهِ.

(وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ) الدَّيْنِ (الْمَجْهُولِ) قَدْرُهُ أَوْ قِيمَتُهُ أَوْ صِفَتُهُ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِنَقْدٍ، فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ إلَّا فِي إبِلِ دِيَةٍ فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا لِأَنَّهَا مَعْلُومَةُ السِّنِّ وَالْعَدَدِ وَلِأَنَّهُ قَدْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَيُغْتَفَرُ فِي الضَّمَانِ وَيُرْجَعُ فِي صِفَتِهَا إلَى غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ.

(وَ) لَا يَصِحُّ ضَمَانُ (مَا لَمْ يَجِبْ) كَضَمَانِ مَا سَيُقْرِضُهُ زَيْدٌ، وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَتَسْلِيمِ ثَوْبٍ رَهَنَهُ شَخْصٌ وَلَمْ يَتَسَلَّمْهُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ (إلَّا) ضَمَانَ (دَرْكِ الْمَبِيعِ) أَوْ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ مَا يُضْمَنُ كَأَنْ يَضْمَنَ لِمُشْتَرٍ الثَّمَنَ أَوْ لِبَائِعٍ الْمَبِيعَ. إنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا وَرُدَّ أَوْ نَاقِصًا، لِنَقْصِ صِفَةٍ شُرِطَتْ أَوْ صَنْجَةٍ وَرُدَّ وَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ. وَمَا وُجِّهَ بِهِ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِهِ مِنْ أَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ. أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُقَابِلُ كَمَا ذَكَرَ تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الْمَضْمُونِ، وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ الْمَضْمُونِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي.

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى الْإِشْهَادِ، فَلَا يُشْتَرَطُ عَزْمُهُ عَلَى الْحَلِفِ حِينَ الْإِشْهَادِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ) عِبَارَةُ م ر: لِأَنَّهُ كَافٍ فِي إثْبَاتِ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ حَاكِمُ الْبَلَدِ حَنَفِيًّا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، نَعَمْ لَوْ كَانَ كُلُّ الْإِقْلِيمِ كَذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ اهـ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يَكْفِي عِنْدَهُمْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي غَيْبَتِهِ) أَيْ الْمَدِينِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّيْنِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (قَدْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ) أَيْ الْجَهْلُ.

قَوْلُهُ: (وَتَسْلِيمِ ثَوْبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مَا سَيُقْرِضُهُ زَيْدٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَسَلَّمْهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ تَسْلِيمِ الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ.

قَوْلُهُ: (إلَّا دَرَكِ الْمَبِيعِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ " مَا " أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ. وَأَصْلُ الدَّرَكِ التَّبَعَةُ أَيْ الْمُطَالَبَةُ وَالْمُؤَاخَذَةُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِالْتِزَامِهِ الْغَرَامَةَ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ لِعَيْنِ مَالِهِ اهـ حَجّ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ لَا نَفْسُ التَّبَعَةِ، فَالدَّرَكُ هُنَا إمَّا بِمَعْنَى الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ذَا دَرَكٍ، وَهُوَ الْحَقُّ الْوَاجِبُ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا وَهُوَ الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ. وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهِ بِالدَّرَكِ كَوْنُهُ مَضْمُونًا بِتَقْدِيرِ الدَّرَكِ، أَيْ إدْرَاكُ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ وَمُطَالَبَتُهُ بِهِ؛ سم عَلَى الْمَتْنِ مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَبْضِ مَا يُضْمَنُ) أَيْ مَا يُرَادُ تَضْمِينُهُ، وَهُوَ الْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ أَوْ الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي.

قَوْلُهُ: (مُسْتَحَقًّا إلَخْ) ثُمَّ إنْ عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا. وَكَيْفِيَّةُ الضَّمَانِ أَنَّ الضَّامِنَ إذَا ضَمِنَ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ خَرَجَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا يُطَالَبُ بِرَدِّ الْبَقَرَةِ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَسَهُلَ رَدُّهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِلْحَيْلُولَةِ، فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ ضَمِنَ الضَّامِنُ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ لِلْفَيْصُولَةِ، وَفِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ. وَكَذَا يُقَالُ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا الضَّمَانُ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ ضَمَانِ الْأَعْيَانِ الَّذِي تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ صَنْجَةٍ) أَيْ وَزْنٍ. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي نَقْصِ صَنْجَةِ الثَّمَنِ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِالنَّقْصِ وَلَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، إلَّا إذَا اعْتَرَفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالضَّامِنُ صُدِّقَ الضَّامِنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ ذِمَّتَهُ كَانَتْ مَشْغُولَةً؛ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ سم. قَوْلُهُ: (وَمَا وُجِّهَ بِهِ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: تَسْلِيمُ الِاعْتِرَاضِ وَأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى، وَالثَّانِي: جَوَابٌ بِالْمَنْعِ وَأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ مَا وَجَبَ وَثَبَتَ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ آخِرِ الْأَمْرِ عِنْدَ خُرُوجِ مُقَابِلِ الْمَضْمُونِ مُسْتَحَقًّا؛ فَالِاعْتِرَاضُ نَاظِرٌ لِلِابْتِدَاءِ، وَالظَّاهِرُ وَالْجَوَابُ نَاظِرٌ لِلِانْتِهَاءِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ. قَوْلُهُ: (أُجِيبَ) لَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى لَا يُرَدُّ نَقْضًا، سم وَقِ ل. وَقَالَ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ: قَوْلُهُ: " أُجِيبَ عَنْهُ " هَذَا الْجَوَابُ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْخُرُوجِ مُسْتَحَقًّا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ قَبْضِ الْمَضْمُونِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: بَعْدَ قَبْضِ مَا يُضْمَنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>