للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَحَظِّيَّةِ أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنْ الثَّالِثَةِ. وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ خُصْلَةً رَابِعَةً وَهِيَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ فِي الْحَالِ لِيَسْتَبْقِيَهُ حَيًّا لِدَرٍّ أَوْ نَسْلٍ قَالَ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَبَاحَ تَمَلُّكَهُ مَعَ اسْتِهْلَاكِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَسْتَبِيحَ تَمَلُّكَهُ مَعَ اسْتِبْقَائِهِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ، فَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْجَحْشِ وَصِغَارِ مَا لَا يُؤْكَلُ فَفِيهِ الْخُصْلَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ وَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ حَتَّى يُعَرِّفَهُ سَنَةً عَلَى الْعَادَةِ.

(وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي (حَيَوَانٌ يَمْتَنِعُ) مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ كَذِئْبٍ وَنَمِرٍ وَفَهْدٍ (بِنَفْسِهِ) إمَّا بِفَضْلِ قُوَّةٍ كَالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَإِمَّا بِشِدَّةِ عَدْوِهِ كَالْأَرَانِبِ وَالظِّبَاءِ الْمَمْلُوكَةِ، وَإِمَّا بِطَيَرَانِهِ كَالْحَمَامِ (فَإِنْ وَجَدَهُ) الْمُلْتَقِطُ (فِي الصَّحْرَاءِ) الْآمِنَةِ وَأَرَادَ أَخْذَهُ لِلتَّمَلُّكِ لَمْ يَجُزْ. وَ (تَرَكَهُ) وُجُوبًا لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ صَاحِبُهُ لِطَلَبِهِ لَهُ، وَلِأَنَّ طُرُوقَ النَّاسِ فِيهَا لَا يَعُمُّ فَمَنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ ضَمِنَهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ بِدَفْعِهِ إلَى الْقَاضِي لَا بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ التَّمَلُّكِ إرَادَةُ أَخْذِهِ لِلْحِفْظِ فَيَجُوزُ لِلْحَاكِمِ وَنُوَّابِهِ وَكَذَا لِلْآحَادِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِئَلَّا يَضِيعَ بِأَخْذِ خَائِنٍ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْآمِنَةِ مَا لَوْ كَانَ فِي صَحْرَاءَ زَمَنِ نَهْبٍ فَيَجُوزُ لَقْطُهُ لِلتَّمَلُّكِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَضِيعُ بِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إلَيْهِ (وَإِنْ وَجَدَهُ فِي الْحَضَرِ) بِبَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُمَا كَانَ لَهُ أَخْذُهُ لِلتَّمَلُّكِ وَحِينَئِذٍ (فَهُوَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَيَشُقُّ النَّقْلُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْعُمْرَانِ.

قَوْلُهُ: (وَالْخُصْلَةُ الْأُولَى إلَخْ) مِثْلُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ؛ لَكِنْ الْخَصْلَةُ الْأُولَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّف هِيَ أَكْلُهُ وَغُرْمُ ثَمَنِهِ وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى فِي الْمَنْهَجِ هِيَ تَعْرِيفُهُ ثُمَّ تَمَلُّكُهُ فَهِيَ الثَّانِيَةُ هُنَا فَتَدَافَعَا فِي الْأُولَى مِنْ الْخِصَالِ عِنْدَ اسْتِوَائِهَا فِي الْأَحَظِّيَّةِ تَأَمَّلْ، فَالثَّانِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّف أَوْلَى مِنْ الثَّالِثَةِ وَالثَّالِثَةُ أَوْلَى مِنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَظْهَرُ رَاغِبٌ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَتَى الشَّارِحُ بِكَلَامِ غَيْرِهِ سَاهِيًا عَنْ تَرْتِيبِ الْمَتْنِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَدْ بَيَّنَ م ر وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَعِبَارَتُهُ: وَالْأُولَى أَوْلَى لِحِفْظِ الْعَيْنِ بِهَا عَلَى مَالِكِهَا، ثُمَّ الثَّانِيَةُ لِتَوَقُّفِ اسْتِبَاحَةِ الثَّمَنِ عَلَى التَّعْرِيفِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْأَحَظِّيَّةِ) أَيْ لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ) وَهُمَا التَّطَوُّعُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبَيْعُهُ مَعَ حِفْظِ ثَمَنِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمَلْقُوطُ جَحْشَةً جَازَتْ فِيهَا الْخَصْلَةُ الرَّابِعَةُ وَهِيَ أَنْ يُبْقِيَهَا لِنَسْلِهَا ز ي.

قَوْلُهُ: (إمَّا بِفَضْلٍ) أَيْ زِيَادَةِ قُوَّةٍ.

قَوْلُهُ: (الْمَمْلُوكَةِ) نَعْتٌ لِلْأَرَانِبِ وَالظِّبَاءِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا عَلَامَةُ الْمِلْكِ كَخَضْبِ جُنَاحٍ وَخَيْطٍ فِي عُنُقٍ، بِخِلَافِ الْمُبَاحَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا عَلَامَةُ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لُقَطَةً بَلْ كُلُّ مَنْ أَخَذَهَا مَلَكَهَا. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَتَرَكَهُ) هُوَ بِلَفْظِ الْمَاضِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَقْطُ الْحَيَوَانِ فِي الْمَفَازَةِ وَالْعُمْرَانِ لِلتَّمَلُّكِ وَالْحِفْظِ إلَّا الْمُمْتَنِعَ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ فِي مَفَازَةٍ آمِنَةٍ لِلتَّمَلُّكِ ق ل.

قَوْلُهُ: (مُسْتَغْنٍ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ خَبَرٌ ثَانٍ لِأَنَّ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَصُونٌ.

قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يَجِدَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِالرَّعْيِ.

وَقَوْلُهُ: " لِطَلَبِهِ " عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: " يَجِدَهُ ". قَوْلُهُ: (بِبَلْدَةٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْبَادِيَةَ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْعِمَارَةُ، فَإِنْ قَلَّتْ: فَقَرْيَةٌ، أَوْ كَبُرَتْ: فَبَلْدَةٌ، أَوْ عَظُمَتْ: فَمَدِينَةٌ، أَوْ إذَا كَانَتْ ذَاتَ زَرْعٍ وَخِصْبٍ: فَرِيفٌ. وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

عِمَارَةٌ إنْ صَغُرَتْ فَقَرْيَةٌ ... أَوْ كَبُرَتْ يَا صَاحِبِي فَبَلْدَةٌ

أَوْ عَظُمَتْ فَهِيَ مَدِينَةٌ وَمَا ... زَرْعًا حَوَى وَالْخِصْبُ لِلرِّيفِ انْتَمَى

وَكُلُّ هَذَا سَمِّهِ بِالْحَاضِرَةِ ... وَمَا عَدَا بَادِيَةٌ مُشْتَهِرَهْ

قَوْلُهُ: (أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُمَا) بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ أَنَّهُ فِي مَهْلَكَةٍ شَرْحِ م ر. فَرْعٌ: مِنْ اللُّقَطَةِ أَنْ تُبَدَّلَ نَعْلُهُ بِغَيْرِهَا فَيَأْخُذَهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا بِشَرْطِهِ وَهُوَ التَّمَلُّكُ أَوْ تَحَقُّقُ إعْرَاضِ الْمَالِكِ عَنْهَا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا تَعَمَّدَ أَخْذَ نَعْلِهِ جَازَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ ظَفَرًا بِشَرْطِهِ وَهُوَ تَعَذُّرُ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ، ثُمَّ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>