للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمُعَامَلَاتِ كَقِرَاضٍ وَشَرِكَةٍ وَعَبَّرَ بِالْبُيُوعِ دُونَ الْبَيْعِ الْمُنَاسِبِ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] وَلِطَرِيقِ الِاخْتِصَارِ نَظَرًا إلَى تَنَوُّعِهِ وَتَقْسِيمِ أَحْكَامِهِ، فَإِنَّهُ يَتَنَوَّعُ إلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي. وَأَحْكَامُهُ تَنْقَسِمُ إلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ، وَالصَّحِيحُ إلَى لَازِمٍ وَغَيْرِ لَازِمٍ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ.

وَالْبَيْعُ لُغَةً مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ قَالَ الشَّاعِرُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُجْزِئُ بَعْدَ دُخُولِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُدِمَ الْمَسَاكِينُ فِي الْحَرَمِ أَخَّرَهُ) فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا جَازَ نَقْلُهُ كَالزَّكَاةِ، أَيْ إذَا عُدِمَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي بَلَدِ وُجُوبِهَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ لِتَخْصِيصِ الْبَلَدِ بِهَا بِخِلَافِ هَذَا كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (أَنْ يُهْدِيَ إلَيْهَا) أَيْ إلَى فُقَرَائِهَا قَوْلُهُ: (مِائَةَ بَدَنَةٍ) ذَبَحَ مِنْهَا بِيَدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَأَنَابَ عَلِيًّا فِي الْبَاقِي؛ قَالُوا: وَحِكْمَةُ اقْتِصَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا ذَبَحَهُ لِأَنَّهُ مِقْدَارُ عُمْرِهِ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ عَامٍ فِدَاءً ق ل. قَوْلُهُ: (أَنْ يُقَلِّدَ الْبَدَنَةَ) أَيْ بَدَنَةَ الْهَدْيِ أَيْ يَجْعَلَ فَرْدَةً مِنْ النِّعَالِ الْمَذْكُورَةِ مُعَلَّقَةً فِي عُنُقِهَا لِيَعْلَمَ وَاجِدُهَا لَوْ ضَلَّتْ أَنَّهَا مِنْ الْهَدْيِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَجْرَحُ) فَهُوَ مِنْ التَّعْذِيبِ لِحَاجَةٍ فَيَجُوزُ، وَمِثْلُهُ التَّلْطِيخُ بِالدَّمِ فَهُوَ لِحَاجَةٍ قَوْلُهُ: (لِتُعْرَفَ) أَيْ إذَا ضَاعَتْ قَوْلُهُ: (وَالْغَنَمُ لَا تُجْرَحُ) أَيْ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْجُرْحِ فِيهَا قَوْلُهُ: (عُرَى الْقِرَبِ) جَمْعُ قِرْبَةٍ؛ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْعُرَى أَطْرَافُهَا أَيْ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُمْسَكُ مِنْهَا كَفَمِهَا، فَيُقْطَعُ فَمُ الْقِرْبَةِ مَثَلًا وَيُعَلَّقُ بِخَيْطٍ فِي رَقَبَتِهَا. وَعَطْفُ الْآذَانِ فِي قَوْلِهِ " وَآذَانُهَا " عَلَى الْعُرَى عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، وَقِيلَ عَطْفُ مُرَادِفٍ، وَقِيلَ إنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى الْعُرَى؛ لِأَنَّ آذَانَهَا عِبَارَةٌ عَنْ جِلْدِ يَدَيْ الْبَهِيمَةِ الْمَسْلُوخَةِ وَجِلْدِ رِجْلَيْهَا لِأَنَّهَا تُمْسَكُ مِنْهُمَا فَتُشَبَّهُ بِآذَانِ الْقُفَّةِ، أَوْ الْمُرَادُ آذَانُ الْحَيَوَانِ الَّذِي تُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِرَبُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْآذَانُ فِي الْقِرَبِ فَإِضَافَتُهَا إلَيْهَا لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ بِذَلِكَ إلَخْ) أَيْ بِالتَّقْلِيدِ الْمَذْكُورِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ بِذَلِكَ وَاجِبَةً كَمَا لَوْ كَتَبَ الْوَقْفَ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ؛ شَرْحُ الرَّوْضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>