للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَدٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ لَا يَجُوزُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا بِالْبَيْعِ، وَيَجُوزُ بِالرَّهْنِ وَعِنْدَ الْحَاجَةِ يُبَاعَانِ وَيَقُومُ الْمَرْهُونُ مِنْهُمَا مَوْصُوفًا بِكَوْنِهِ حَاضِنًا أَوْ مَحْضُونًا ثُمَّ يَقُومُ مَعَ الْآخَرِ، فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَتِهِ قِيمَةُ الْآخَرِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ مِائَةً وَقِيمَتُهُ مَعَ الْآخَرِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَالنِّسْبَةُ بِالْأَثْلَاثِ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الْمَرْهُونُ بِهِ فَقَالَ: (فِي الدُّيُونِ) أَيْ وَشَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ كَوْنُهُ دَيْنًا، فَلَا يَصِحُّ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ كَالْمَغْصُوبَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ، وَلَا بِغَيْرِ الْمَضْمُونَةِ كَمَالِ الْقِرَاضِ وَالْمُودِعِ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الرَّهْنَ فِي الْمُدَايَنَةِ فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهَا، وَلِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِغَرَضِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ. تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَهِيَ أَنَّ الْوَاقِفَ يَقِفُ كُتُبًا وَيَشْرِطُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا كِتَابٌ مِنْ مَكَان يَحْبِسُهَا فِيهِ إلَّا بِرَهْنٍ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِخِلَافِهِ وَضَعَّفَ بَعْضُهُمْ مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ بِأَنَّ الرَّاهِنَ أَحَدُ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَالرَّاهِنُ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا إذْ الْمَقْصُودُ بِالرَّهْنِ الْوَفَاءُ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ التَّلَفِ، وَهَذَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا رَهَنَ الْأَرْضَ مَعَ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ؟ فَإِنَّ الزَّرْعَ الْأَخْضَرَ عَلَى انْفِرَادِهِ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَإِذَا انْضَمَّ إلَى الْأَرْضِ مُنِعَ رَهْنُهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضِي فَيَغْلِبُ الْمَانِعُ، حَرَّرَهُ م د.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ مَفْهُومِهِ) وَهُوَ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ. وَقَوْلُهُ " وَصُورَةٌ " اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِعُمُومِهَا وَإِلَّا فَرَهْنُ مُصْحَفٍ وَعَبْدٍ مُسْلِمٍ عِنْدَ كَافِرٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ صَحِيحٍ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ لَهُ، وَكَرَهْنِ الْمُسْتَعَارِ أَيْ إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُسْتَعِيرِ لَهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (الْأَمَةُ) بَدَلٌ مِنْ صُورَةٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَهِيَ الْأَمَةُ.

قَوْلُهُ: (وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ إلَخْ) وَفَائِدَةُ هَذَا التَّوْزِيعِ مَعَ وُجُوبِ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِكُلِّ حَالٍ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَزَاحَمَ الْغُرَمَاءُ ابْنُ حَجَرٍ مَرْحُومِيٌّ، أَوْ فِي تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ فِي غَيْرِ الْمَرْهُونِ، شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ " فِيمَا إذَا تَزَاحَمَ الْغُرَمَاءُ " أَيْ فَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِثَمَنِ الرَّهْنِ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ، وَمَا فَضَلَ مِنْ بَقِيَّةِ دَيْنِهِ يُحَاصِصْ بِهِ مَعَهُمْ بِنِسْبَةِ مَا يَخُصُّهُ بِدَيْنِهِ إنْ قَلِيلًا فَقَلِيلٌ أَوْ كَثِيرًا فَكَثِيرٌ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ) وَيُزَاحِمُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي الْبَاقِي بِنِسْبَةِ الْبَاقِي مِنْ دَيْنِهِ مَعَ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ

قَوْلُهُ: (فِي الدُّيُونِ) أَيْ عَلَى الدُّيُونِ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ) أَيْ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ دَيْنًا) أُطْلِقَ فِي الدَّيْنِ، فَشَمِلَ دَيْنَ الزَّكَاةِ إذَا تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ لَا بِالْعَيْنِ وَشَمِلَ الْمَنْفَعَةَ إذَا تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ لَا بِالْعَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ بِالْعَيْنِ) أَيْ عَلَيْهَا، فَالْبَاءُ بِمَعْنَى " عَلَى ". قَوْلُهُ: (وَالْمُسْتَعَارَةُ) بِأَنْ يُعِيرَهُ عَيْنًا وَيَأْخُذَ عَلَيْهَا رَهْنًا.

قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى إلَخْ) أَيْ لَيْسَتْ دُيُونًا حَتَّى تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ قِيمَةُ تِلْكَ الْأَعْيَانِ إذَا تَلِفَتْ لِأَنَّهَا تَصِيرُ دُيُونًا؟ أُجِيبَ: بِأَنَّ الدَّيْنَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا، وَهَذَا لَمْ يَثْبُتْ أَيْ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ بَاقِيَةً لَا يُتَصَوَّرُ اسْتِيفَاءُ ذَاتِهَا مِنْ ثَمَنِهَا، وَأَمَّا إنْ تَلِفَتْ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ فَلَا دَيْنَ أَصْلًا وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فَيَجِبُ بَدَلُهَا وَيَصِيرُ دَيْنًا عَلَى وَاضِعِ الْيَدِ؛ لَكِنْ هَذَا الدَّيْنُ إنَّمَا وُجِدَ وَثَبَتَ بَعْدَ تَلَفِهَا وَهُوَ بَعْدَ الرَّهْنِ فَوَقْتُ الرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَيْنٌ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ.

قَوْلُهُ: (مُخَالِفٌ لِغَرَضِ الرَّهْنِ) أَيْ الْغَرَضِ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّهْنِ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَأَعْنِي قَوْلَهُ: لِأَنَّهَا إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا كِتَابٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إنْ أَرَادَ بِشَرْطِ الرَّهْنِ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيَّ لَغَا الشَّرْطُ، وَلِلنَّاظِرِ إخْرَاجُ الْمَوْقُوفِ بِلَا رَهْنٍ. وَإِنْ أَرَادَ بِهِ اللُّغَوِيَّ بِمَعْنَى التَّوَثُّقِ صَحَّ الشَّرْطُ، وَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ إخْرَاجُهُ إلَّا بِرَهْنٍ وَافٍ بِهِ ق ل. وَإِنْ أُطْلِقَ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ: أَقْرَبُهُمَا الصِّحَّةُ صَوْنًا لِكَلَامِهِ عَنْ الْهَذَيَانِ، وَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِرَهْنٍ يُسَاوِي قِيمَتَهُ لَوْ أُرِيدَ بَيْعُهُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا أج. وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ: قَوْلُهُ " وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ " أَيْ الشَّرْطُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَرَادَ الرَّهْنَ الشَّرْعِيَّ أَوْ اللُّغَوِيَّ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَذَا بِخَطِّ أج.

وَصَرَّحَ بِهِ سم فَاعْتُمِدَ كَلَامُ الشَّارِحِ وَضُعِّفَ كَلَامُ ق ل.

قَوْلُهُ: (أَحَدُ الْمُسْتَحِقِّينَ) أَيْ لِلْمَوْقُوفِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا) أَيْ لَا يَكُون مُسْتَحِقًّا لِمَا يَرْهَنُ عَلَيْهِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>