للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِينَئِذٍ لِخُرُوجِ يَدِهِ عَنْ الْأَمَانَةِ، وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِينِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

ضَابِطٌ: كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُسْتَأْجِرَ.

(وَإِذَا قَضَى) بِمَعْنَى أَدَّى، الرَّاهِنُ (بَعْضَ الْحَقِّ) أَيْ الدَّيْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الرَّهْنُ (لَمْ يَخْرُجْ) أَيْ لَمْ يَنْفَكَّ (شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ حَتَّى يَقْضِيَ) أَيْ يُؤَدِّيَ (جَمِيعَهُ) لِتَعَلُّقِهِ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ كَرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ، وَيَنْفَكُّ أَيْضًا بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ بِدُونِ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ. وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ بِدَيْنٍ وَنِصْفَهُ بِآخَرَ فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ. وَلَوْ رَهَنَاهُ بِدَيْنٍ فَبَرِئَ أَحَدُهُمَا مِمَّا عَلَيْهِ انْفَكَّ نَصِيبُهُ لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ. وَلَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ اثْنَيْنِ فَبَرِئَ مِنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ لِتَعَدُّدِ مُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ.

فُرُوعٌ: لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ آخَرَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا لَهُ كَانَ مَرْهُونًا عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

م د.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: " فَلَا " بِالْفَاءِ وَهِيَ أَحْسَنُ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ وَيَسْقُطُ بِتَلَفِهِ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ،. اهـ. ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأُمَنَاءِ، وَكَذَا كُلُّ ضَامِنٍ كَالْغَاصِبِ؛ لَكِنْ الْأَمِينُ يُصَدَّقُ وَلَا يَضْمَنُ، وَالْغَاصِبُ يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُ الْبَدَلَ.

قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى التَّلَفِ) أَيْ إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ سَبَبًا، أَوْ ذَكَرَ سَبَبًا خَفِيًّا كَسَرِقَةٍ، أَوْ سَبَبًا ظَاهِرًا كَحَرِيقٍ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ أَوْ عُرِفَ هُوَ وَعُمُومُهُ وَاتُّهِمَ، فَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، فَإِنْ ادَّعَى سَبَبًا ظَاهِرًا لَمْ يُعْرَفْ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى السَّبَبِ وَيَمِينٍ عَلَى التَّلَفِ، فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْوَدِيعَةِ.

قَوْلُهُ: (كُلُّ أَمِينٍ) خَرَجَ الْغَاصِبُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَامُ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُسْتَأْجِرَ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْأُمَنَاءِ أَنَّهُمَا يَقْبِضَانِ الْعَيْنَ لِغَرَضِ أَنْفُسِهِمَا، الْمُرْتَهِنُ لِلتَّوَثُّقِ وَالْمُسْتَأْجِرُ لِلِانْتِفَاعِ بِالْمُؤَجَّرِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَكَانَا كَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ يَقْبِضُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ. اهـ. م د. بِخِلَافِ الْأَجِيرِ كَالْخَيَّاطِ وَالطَّحَّانِ وَالصَّبَّاغِ، فَإِنَّهُمْ يُصَدَّقُونَ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِيَمِينِهِمْ لِدُخُولِهِمْ فِي الْقَاعِدَةِ.

قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى أَدَّى) فَالْقَضَاءُ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ.

قَوْلُهُ: (الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الرَّهْنُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَيْ الدَّيْنُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالرَّهْنِ لَا الْعَكْسُ، فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ) أَيْ الَّذِي فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَاَلَّذِي لَمْ يَتَعَدَّدْ فِيهِ الرَّاهِنُ وَلَا الْمُرْتَهِنُ ابْتِدَاءً، أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ.

قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِهِ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ) لَوْ قَالَ " لِتَعَلُّقِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ بِجَمِيعِ الرَّهْنِ " لَكَانَ أَوْضَحَ، مَرْحُومِيٌّ؛ فَالْعِبَارَةُ فِيهَا قَلْبٌ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْفَكُّ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَنْفَكُّ بِقَضَاءِ جَمِيعِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ، فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ وَفِيمَا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ وَاحِدًا وَالْمُرْتَهِنُ وَاحِدًا فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِلْمَتْنِ، أَوْ هَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ. وَقَدْ صَرَّحَ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ: وَيَنْفَكُّ بِفَسْخِ مُرْتَهِنٍ وَبِبَرَاءَةٍ مِنْ الدَّيْنِ لَا بَعْضِهِ، فَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ إلَّا إنْ تَعَدَّدَ عَقْدٌ أَوْ مُسْتَحِقٌّ أَوْ مَدِينٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَهَنَاهُ) أَيْ الْعَبْدَ

قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ. وَهَذِهِ الْفُرُوعُ مِنْ مَعْنَى الْمَتْنِ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ مَا أَصْلُهُ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَصِيرُ صَفْقَتَيْنِ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ فِي الدَّوَامِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ، وَالْفَرْعَانِ الْأَخِيرَانِ دَاخِلَانِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِذَا قَضَى بَعْضَ الْحَقِّ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (آخَرَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ، أَيْ شَخْصًا آخَرَ.

قَوْلُهُ: (كَانَ مَرْهُونًا عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ) لَا عَلَى نِصْفِهِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ رَهْنٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا) هَذِهِ نُسْخَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَهُنَاكَ نُسْخَةٌ " سَلَّمَهُمَاهُ " فَضَمِيرُ الْمُثَنَّى رَاجِعٌ لِلْعَبْدَيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>