للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ كَانَ حُرًّا يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَا لَا يَنْفُذُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ كَالْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ، وَمَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِالتِّجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ كَمَا مَرَّ فَيَسْتَرِدُّهُ الْبَائِعُ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ أَمْ فِي يَدِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ (يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ) لِثُبُوتِهِ بِرِضَا مَالِكِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ السَّيِّدُ. وَالضَّابِطُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْعَبْدُ أَوْ يَتْلَفُ تَحْتَ يَدِهِ إنْ لَزِمَ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَإِتْلَافٍ أَوْ تَلَفٍ بِغَصْبٍ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَإِنْ لَزِمَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ سَوَاءٌ رَآهُ السَّيِّدُ فِي يَدِ الْعَبْدِ أَمْ لَا، أَوْ بِإِذْنِهِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ السَّيِّدِ كَانَ لِلْبَائِعِ تَضْمِينُ السَّيِّدِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ أَيْضًا بَعْدَ الْعِتْقِ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ بِالْإِجْمَاعِ بِحَسَبِ الْإِذْنِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْإِذْنِ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ كَالْوَكِيلِ وَلَيْسَ لَهُ بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ النِّكَاحُ وَلَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ وَلَا يَتَبَرَّعُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَيْ الرَّقِيقِ) فَعِيلٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ حَزْمٍ) هُوَ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ.

قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ كَلَامِهِ أَصْلًا فَهُوَ لَيْسَ مَقُولًا لَهُ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَتَصَرُّفَاتُ الرَّقِيقِ الَّذِي إلَخْ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ " يَنْقَسِمُ " أَيْ مِنْ حَيْثُ تَصَرُّفَاتُهُ وَأَفْعَالُهُ. قَوْلُهُ: (الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ إلَخْ) لَيْسَ مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِلْعَبْدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ، فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى قَيْدٍ مَحْذُوفٍ فِي الْمَتْنِ تَقْدِيرُهُ: وَتَصَرُّفُ الْعَبْدِ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا يَنْقَسِمُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لَوْ كَانَ حُرًّا) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا.

قَوْلُهُ: (يَنْقَسِمُ) أَيْ الرَّقِيقُ مِنْ حَيْثُ تَصَرُّفَاتُهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " مَا لَا يَنْفُذُ إلَخْ " وَلَا يَصِحُّ تَقْسِيمُ الرَّقِيقِ إلَيْهَا بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: الرَّقِيقُ تَصَرُّفَاتُهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (مَا لَا يَنْفُذُ) أَيْ تَصَرُّفُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (كَالْوِلَايَاتِ) أَيْ أَثَرِ الْوِلَايَاتِ، أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْهَا مِنْ تَزْوِيجٍ وَالْحُكْمِ مَثَلًا، وَإِلَّا فَالْوِلَايَاتُ أَنْفُسُهَا لَا تَتَّصِفُ بِكَوْنِهَا تَصَرُّفًا بَلْ هِيَ مَعْنًى قَائِمٌ بِالشَّخْصِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَالشَّهَادَاتِ) فِي إطْلَاقِ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى الشَّهَادَاتِ وَالْعِبَادَاتِ مُسَامَحَةٌ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّصَرُّفَاتِ مُطْلَقُ الْأَفْعَالِ وَالشَّهَادَةُ فِعْلُ اللِّسَانِ، وَمَعْنَى نُفُوذِ الْعِبَادَةِ أَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهَا فِي إسْقَاطِ الْفَرْضِ وَالطَّلَبِ.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِهِ) بَلْ وَإِنْ نَهَاهُ.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) مُسْتَدْرَكُ ق ل، أَيْ وَإِنْ سَكَتَ عَلَيْهِ إذْ لَا يُنْسَبُ لِلسَّاكِتِ قَوْلٌ. قَوْلُهُ: (فَيَسْتَرِدُّهُ الْبَائِعُ) وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ، وَعَلَى السَّيِّدِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ ح ل.

قَوْلُهُ: (إذَا عَتَقَ) أَيْ وَأَيْسَرَ. وَالْمُرَادُ عَتَقَ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ.

قَوْلُهُ: (وَالضَّابِطُ إلَخْ) وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْسَامِ السَّابِقَةِ، وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ إذْنِ سَيِّدِهِ. اهـ. ق ل وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَقَالَ:

يَضْمَنُ عَبْدٌ تَالِفًا فِي ذِمَّتِهْ ... إنْ رَضِيَ الْمَالِكُ دُونَ سَادَتِهْ

وَإِنْ يَكُنْ بِلَا رِضَا مَنْ اسْتَحَقْ ... فَلَيْسَ إلَّا بِالرَّقِيبَةِ اعْتَلَقْ

وَبِرِضَا الْمَالِكِ مَعَ سَيِّدِهِ ... عَلِّقْ بِذِمَّةٍ وَمَا فِي يَدِهِ

قَوْلُهُ: (تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ) سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (بِرَقَبَتِهِ) فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْتَدِيَهُ السَّيِّدُ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ عِتْقِهِ) فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُعْتَقْ فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ عَالِمًا بِرِقِّهِ وَلَمْ يُقَصِّرْ الْعَبْدُ فِي تَلَفِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ السَّيِّدِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ " فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْعَبْدِ " فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عِنْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ) لَكِنَّهُ إذَا غَرِمَ الْعَبْدُ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْعَبْدِ، وَيُرَشَّحُ لِهَذَا تَعْبِيرُهُ حَيْثُ عَبَّرَ فِي جَانِبِ السَّيِّدِ بِالتَّضْمِينِ وَفِي جَانِبِ الرَّقِيقِ بِالْمُطَالَبَةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ، فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ.

قَوْلُهُ: (تَصَرُّفٌ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ وَإِنْ رَدَّ الْإِذْنَ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِخْدَامٌ لَا تَوْكِيلٌ ز ي.

قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْإِذْنِ) أَيْ عَلَى قَدْرِهِ. قَوْلُهُ: (النِّكَاحُ) أَيْ لَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِعَبِيدِ التِّجَارَةِ ق ل. وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فِي غَيْبَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>