للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ.

: (وَشَرَائِطُ) صِحَّةِ (الْحَوَالَةِ) (أَرْبَعَةٌ) بَلْ خَمْسَةٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ الْأَوَّلُ: (رِضَا الْمُحِيلِ. وَ) الثَّانِي: (قَبُولُ الْمُحْتَالِ) لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ إيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، فَلَا يُلْزَمُ بِجِهَةٍ وَحَقُّ الْمُحْتَالِ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِرِضَاهُ لِأَنَّ الذِّمَمَ تَتَفَاوَتُ وَالْأَمْرُ الْوَارِدُ لِلنَّدْبِ كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا عَبَّرَ بِالْقَبُولِ الْمُسْتَدْعِي لِلْإِيجَابِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيجَابِ الْمُحِيلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ. وَهِيَ دَقِيقَةٌ حَسَنَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الْحَقِّ وَالتَّصَرُّفِ كَالْعَبْدِ الْمَبِيعِ، وَلِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُحِيلِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِالِاسْتِيفَاءِ.

(وَ) الثَّالِثُ (كَوْنُ الْحَقِّ) أَيْ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَعَلَيْهِ لَازِمًا وَهُوَ مَا لَا خِيَارَ فِيهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَجُوزَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُحِيلِ إلَخْ) لَوْ قَالَ وَدَيْنَانِ لَكَانَ أَخْصَرَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّحْرِيرِ، وَشُرِطَ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: ثُبُوتُهُمَا وَلُزُومُهُمَا وَصِحَّةُ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُمَا وَتَسَاوِيهِمَا وَالْعِلْمُ بِقَدْرِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَدَيْنٌ لِلْمُحِيلِ) لَوْ بِاعْتِرَافِ الْمُحْتَالِ أَوْ بِقَبُولِهِ الْحَوَالَةَ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ شُرُوطِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ ق ل. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: لَوْ قَبِلَ الْمُحْتَالُ الْحَوَالَةَ مِنْ غَيْرِ اعْتِرَافٍ بِالدَّيْنِ كَانَ قَبُولُهُ مُتَضَمَّنًا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ، فَلَا أَثَرَ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا دَيْنَ. نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُحِيلِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَرَاءَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُحْتَالُ فِيمَا يَظْهَرُ وَبَانَ بُطْلَانُ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ الْإِقْرَارَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَفَّى الْمُحِيلَ فَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ إذْ التَّقْصِيرُ حِينَئِذٍ وَالتَّدْلِيسُ جَاءَ مِنْ جِهَةِ الْمُحِيلِ اهـ م ر وع ش.

فَائِدَةٌ: مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَحَلَفَ رَجَعَ الْمُحْتَالُ، ع ش.

قَوْلُهُ: (وَصِيغَةٌ) وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْحَوَالَةِ بَلْ هُوَ أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، كَنَقَلْتُ حَقَّك إلَى فُلَانٍ أَوْ جَعَلْت مَا اسْتَحَقَّهُ عَلَى فُلَانٍ لَك أَوْ مَلَّكْتُك الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ بِحَقِّك؛ شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَمَّى بَعْضَهَا شَرْطًا) وَهُوَ الصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ رِضَا الْمُحِيلِ وَقَبُولُ الْمُحْتَالِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (صِحَّةِ) إنَّمَا زَادَ الشَّارِحُ لَفْظَ صِحَّةٍ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ لِكَمَالِ الشَّيْءِ وَقَدْ يَكُونُ لِصِحَّتِهِ مَرْحُومِيٌّ.

قَوْلُهُ: (رِضَا الْمُحِيلِ) هَذَا إنْ كَانَ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الصِّيغَةِ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْإِيجَابُ فَهُوَ شَرْطٌ لَكِنْ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الصِّيغَةِ فَتَأَمَّلْ ق ل؛ أَيْ فَيَكُونُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْإِيجَابَ اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْأَرْكَانِ لَا مِنْ الشُّرُوطِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الرِّضَا الْقَلْبِيَّ فَهَذَا لَا يُشْتَرَطُ. وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَدَخَلَ الرُّكْنُ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَيْسَ ذِكْرُ الرِّضَا بِهَذَا الْمَعْنَى مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً وَتَوْطِئَةً لِلْإِيجَابِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الرِّضَا إلَّا بِهِ، فَيَكُونُ عَبَّرَ بِالْمَلْزُومِ وَأَرَادَ اللَّازِمَ فَرَجَعَ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّضَا عَدَمُ الْإِلْزَامِ أَيْ إلْزَامِ الْمُحِيلِ بِالْحَوَالَةِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ الشُّرُوطِ وَيَكُونُ اسْتِفَادَةُ الْإِيجَابِ مِنْ ذِكْرِ الْقَبُولِ كَمَا فِي الشَّرْحِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ رِضَا الْمُحِيلِ، وَقَوْلُهُ: " وَحَقُّ الْمُحْتَالِ إلَخْ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: " وَقَبُولُ ". قَوْلِهِ: (إلَّا بِرِضَاهُ) أَيْ الْمُحْتَالِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَمْرُ الْوَارِدُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى قَوْلِهِ: فَلَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِرِضَاهُ، مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قَبُولِهَا. وَحَاصِلُ السُّؤَالِ أَنَّ قَوْلَهُ: " فَلَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِرِضَاهُ " لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَبُولِ، وَقَوْلُهُ: " فِي الْحَدِيثِ فَلْيَتْبَعْ " يَقْتَضِي ذَلِكَ. فَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ. قَوْلُهُ: (الْمُسْتَدْعِي) أَيْ الْمُسْتَلْزِمِ.

قَوْلُهُ: (لَا بُدَّ مِنْ إيجَابِ الْمُحِيلِ) هُوَ كَذَلِكَ، وَإِمَّا عَبَّرَ فِيهِ بِالرِّضَا إشَارَةً إلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا الْمَفْهُومِ مِنْ الْحَدِيثِ ق ل. وَقَوْلُهُ " لِإِفَادَتِهِ إلَخْ " لَوْ قَالَ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّضَا الْإِيجَابُ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْإِفَادَةُ الْمَذْكُورَةُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّصَرُّفُ) أَيْ فِي الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَالْعَبْدِ الْمَبِيعِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ بِالْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (كَوْنُ الْحَقِّ مُسْتَقِرًّا إلَخْ) إعْرَابُ الْمَتْنِ أَنَّ مُسْتَقِرًّا خَبَرٌ عَنْ الْكَوْنِ الْمُثْبَتِ، وَالشَّارِحُ غَيَّرَ إعْرَابَهُ وَجَعَلَ خَبَرَهُ مَحْذُوفًا قَدَّرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>