للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَصِحُّ حَوَالَةُ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ لِوُجُودِ اللُّزُومِ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَيَتِمُّ الْغَرَضُ مِنْهُمَا دُونَ حَوَالَةِ السَّيِّدِ غَيْرَهُ عَلَيْهِ بِمَالِ الْكِتَابَةِ، فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمُكَاتَبِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُحْتَالُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَإِلْزَامِهِ. وَخَرَجَ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ وَلَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ وَأُحَال عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ. وَلَا نَظَرَ إلَى سُقُوطِهِ بِالتَّعْجِيزِ لِأَنَّ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ لَازِمٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا تَصِحُّ بِجَعْلِ الْجِعَالَةِ وَلَا عَلَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ دَيْنِهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ بَعْدَ التَّمَامِ.

(وَ) الرَّابِعُ (اتِّفَاقُ) أَيْ مُوَافَقَةُ (مَا فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ) لِلْمُحْتَالِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ (وَ) مَا فِي ذِمَّةِ (الْمُحَالِ عَلَيْهِ) لِلْمُحِيلِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (فِي الْجِنْسِ) فَلَا يَصِحُّ بِالدَّرَاهِمِ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَعَكْسُهُ، وَفِي الْقَدْرِ فَلَا يَصِحُّ بِخَمْسَةٍ عَلَى عَشْرَةٍ وَعَكْسُهُ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مُعَاوَضَةُ إرْفَاقٍ جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ، فَاعْتُبِرَ فِيهَا الِاتِّفَاقُ فِيمَا ذُكِرَ كَالْقَرْضِ. (وَ) فِي (النَّوْعِ وَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ) وَفِي قَدْرِ الْأَجَلِ وَفِي الصِّحَّةِ وَالتَّكْسِيرِ إلْحَاقًا لِتَفَاوُتِ الْوَصْفِ بِتَفَاوُتِ الْقَدْرِ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُهُمَا فِي الرَّهْنِ وَلَا فِي الضَّمَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ، بَلْ لَوْ أَحَالَ بِدَيْنٍ أَوْ عَلَى دَيْنٍ بِهِ رَهْنٌ أَوْ ضَامِنٌ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَبَرِئَ الضَّامِنُ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَبْضِ، وَالْخَامِسُ الْعِلْمُ بِمَا يُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ قَدْرًا وَصِفَةً بِالصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي السَّلَمِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِعُمُومِ مَا قَالُوهُ مِنْ كَوْنِ الْحَوَالَةِ عَلَى الثَّمَنِ لَا تَبْطُلُ بِالْفَسْخِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْفَسْخُ بِالْخِيَارِ مُسْتَثْنًى، وَلَا بُعْدَ فِيهِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَكَتَبَ الَأُجْهُورِيُّ عَلَى قَوْلِهِ " وَتَصِحُّ حَوَالَةُ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ إلَخْ " قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الِاعْتِيَاضِ عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ وَجْهٌ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَوَالَةُ صَحِيحَةٌ، وَلَكِنْ يُشْكِلُ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ بِالنُّجُومِ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا بِدَيْنِ السَّلَمِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْعِتْقِ، وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا احْتَالَ بِالنَّجْمِ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ أَنْ يَصِيرَ الدَّيْنُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَبَضَهُ قَبْلَ التَّعْجِيزِ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ الْمُكَاتَبِ وَيَصِيرُ بِالتَّعْجِيزِ لِلسَّيِّدِ، بِخِلَافِ دَيْنِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَصِلَ الْمُحْتَالُ إلَى حَقِّهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ اللُّزُومِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ اللَّازِمَ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ إنَّمَا هُوَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ فَسْخُهَا، وَكَلَامُنَا إنَّمَا هُوَ فِي لُزُومِ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ عَلَيْهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ لَازِمًا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهَا وَهُوَ النُّجُومُ لَازِمًا مِنْ جِهَتِهِ أَيْضًا، أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ إسْقَاطُهُ بِالْفَسْخِ أَوْ التَّعْجِيزِ. قَوْلُهُ: (وَلَا نَظَرَ إلَى سُقُوطِهِ بِالتَّعْجِيزِ) فَلَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ تَعَلَّقَ الْمُحْتَالُ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ أُخِذَ مِنْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ لَازِمٌ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، أَيْ إذَا لَمْ يَحْصُلْ تَعْجِيزٌ أَوْ كَانَ السَّيِّدُ أَحَالَ عَلَى الْمُكَاتَبِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الدَّيْنِ) بَيَانُ " مَا ".

قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ بِخَمْسَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ الْعَشَرَةَ بِتَمَامِهَا فِي مُقَابَلَةِ الْخَمْسَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى عَشْرَةٍ، أَيْ وَتَصِحُّ عَلَى خَمْسَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي بَيْنَ دَيْنِ الْمُحِيلِ وَدَيْنِ الْمُحْتَالِ مِنْ حَيْثُ هُمَا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى التَّسَاوِي بَيْنَ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَعَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ دَيْنُ الْمُحِيلِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ؛ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا أَحَالَ عَلَى بَعْضِ دَيْنِهِ لَا عَلَى كُلِّهِ.

قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا) عِلَّةٌ لِمَفْهُومِ الصِّفَةِ، أَيْ فَلَا تَصِحُّ بِالصَّحِيحَةِ عَلَى الْمُكَسَّرَةِ وَعَكْسُهُ إلْحَاقًا إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَفْهَمَ) حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِرَهْنٍ وَلَا ضَمَانٍ.

قَوْلُهُ: (بِهِ رَهْنٌ) رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ.

قَوْلُهُ: (انْفَكَّ) فَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَ الرَّهْنِ وَنَحْوَهُ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ، شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَالْخَامِسُ الْعِلْمُ) أَيْ الظَّنُّ، أَيْ أَنْ يَظُنَّ الْعَاقِدَانِ تُسَاوِيَ الدَّيْنَيْنِ. وَزَادَهُ الشَّارِحُ: كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>