للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» .

وَمَا نَجُسَ بِغَيْرِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَ اللَّبَنِ إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةً وَهِيَ مَا يُتَيَقَّنُ وُجُودُهَا وَلَا يُدْرَكُ لَهَا طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ كَفَى وُصُولُ الْمَاءِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِحَيْثُ يَسِيلُ عَلَيْهِ زَائِدًا عَلَى النَّضْحِ، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنِيَّةً وَجَبَ بَعْدَ زَوَالِ عَيْنِهَا إزَالَةُ الطَّعْمِ وَإِنْ عَسُرَ، وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ كَلَوْنِ الدَّمِ أَوْ رِيحٍ كَرَائِحَةِ الْخَمْرِ عَسُرَ زَوَالُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حُكْمُهُ أَوْ يُقَالُ يُغْسَلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَكَلَ غَيْرَ اللَّبَنِ لِلتَّغَذِّي؟ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي، وَلَوْ شَكَّ هَلْ الْبَوْلُ قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا فَهَلْ يُكْتَفَى بِالرَّشِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْغَسْلِ؟ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ سُلْطَانٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ لِأَنَّ الرَّشَّ رُخْصَةٌ وَالرُّخَصُ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ. وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِيهِ بِالنَّضْحِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بُلُوغِ الْحَوْلَيْنِ وَعَدَمُ كَوْنِ الْبَوْلِ بَعْدَهُمَا، وَالْحَوْلَانِ تَحْدِيدٌ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ خَضِرٍ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلَيْنِ تَنَازُعٌ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (بِبَوْلِ) وَقَوْلُهُ: (لَمْ يَتَنَاوَلْ) فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ لَبَنٍ) كَسَمْنٍ وَلَوْ مِنْ لَبَنِ أُمِّهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ اللَّبَنِ الْقِشْدَةُ أَيْ مِنْ أُمِّهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّبَنَ. وَقَوْلُهُ: (لِلتَّغَذِّي) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَلِيلًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ اللَّبَنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ فَإِنَّهُ يُغْسَلُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: لَبَنٌ وَلَوْ رَائِبًا أَوْ فِيهِ مِنْفَحَةً أَوْ أَقِطًا أَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَإِنْ وَجَبَ تَسْبِيعُ فَمِهِ لَا سَمْنِهِ وَجُبْنِهِ وَقِشْطَتِهِ إلَّا قِشْدَةَ لَبَنِ أُمِّهِ فَقَطْ اهـ. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ الْجُبْنَ الْخَالِيَ مِنْ الْإِنْفَحَةِ لَا يَضُرُّ، وَكَذَا الْقِشْدَةُ مُطْلَقًا وَلَوْ قِشْدَةُ غَيْرِ أُمِّهِ.

قَوْلُهُ: (نُضِحَ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ الْمُعْجَمَةِ بِأَنْ يُغْمَرَ الْمَحَلُّ بِالْمَاءِ بِغَيْرِ سَيَلَانٍ بَعْدَ إزَالَةِ أَوْصَافِهِ مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْفِيفِهِ أَوْ عَصْرِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ مَاءٌ ق ل. وَقَالَ سم: لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِرُطُوبَةٍ فِي الْمَحَلِّ مَثَلًا وَإِلَّا وَجَبَ الْغَسْلُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ أَصَابَ هَذَا الْمَاءُ شَيْئًا فَإِنَّ مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ النَّضْحُ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ حَوْلَيْنِ: قِيلَ: إنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ.

قَوْلُهُ: (فِي حِجْرِهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ. وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَغْسِلْهُ أَتَى بِهِ لِأَنَّ النَّضْحَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْغَسْلِ الْخَفِيفِ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةً) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ خَاصٌّ بِالنَّجَاسَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجْرِي فِي الْكُلِّ.

قَوْلُهُ: (يَسِيلُ) الْمُرَادُ بِالسَّيَلَانِ جَرَيَانُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا انْفِصَالُهُ عَنْهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ زَوَالِ عَيْنِهَا) أَيْ جِرْمِهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ) وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ إلَخْ أَنَّ الْمَحَلَّ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ لَا أَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَلَوْ أَصَابَ بَدَنًا لَا يُنَجِّسُهُ ش م ر.

قَوْلُهُ: (كَلَوْنِ الدَّمِ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ.

قَوْلُهُ: (عَسُرَ زَوَالُهُ) أَيْ الْأَحَدِ أَيْ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ بِالْمُبَالَغَةِ بِنَحْوِ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَرْضُ وَالثَّوْبُ وَالْإِنَاءُ وَسَوَاءٌ أَطَالَ بَقَاءُ الرَّائِحَةِ أَمْ لَا م ر بِالْحَرْفِ.

وَعُلِمَ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّعَسُّرِ وَالتَّعَذُّرِ، فَالتَّعَذُّرُ أَنْ لَا يَزُولَ إلَّا بِالْقَطْعِ وَالتَّعَسُّرُ أَنْ لَا يَزُولَ بِالْمُبَالَغَةِ بِنَحْوِ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ، فَالطَّعْمُ إذَا تَعَذَّرَتْ إزَالَتُهُ عُفِيَ عَنْهُ، وَإِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا أَيْ الْإِزَالَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ، وَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ حَالَةَ الْعُذْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالرِّيحُ أَوْ اللَّوْنُ إذَا عَسُرَتْ إزَالَتُهُ طَهُرَ الْمَحَلُّ وَلَا تَجِبُ بَعْدَ الْقُدْرَةِ، وَتَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْإِزَالَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِأُشْنَانٍ أَوْ نَحْوِهِ إنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَيَكْفِي فِي الْعُسْرِ قَرْصُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ مَعَ الِاسْتِعَانَةِ اهـ ق ل. وَالْقَرْصُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ الضَّادِ.

وَحَاصِلُ صُوَرِ النَّجَاسَةِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً فِي الْعَيْنِيِّ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ، لِأَنَّ الْحَاصِلَ فِي الْمَحَلِّ إمَّا الْجِرْمُ أَوْ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ أَوْ الطَّعْمُ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَوْ اثْنَتَانِ مِنْهَا، وَفِيهِ سِتُّ صُوَرٍ حَاصِلَةٍ مِنْ أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا، وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَوْ الْجَمِيعُ وَهِيَ صُورَةٌ، وَاحِدَةٌ فَهَذِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً وَكُلُّهَا فِي الْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ وَالْمُتَوَسِّطَةِ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَفِي الْحُكْمِيَّةِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا إمَّا مُغَلَّظَةً أَوْ مُخَفَّفَةً أَوْ مُتَوَسِّطَةً، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>