وَمَطْرَحُ رَمَادٍ وَسِرْجِينٌ وَنَحْوُهَا كَمَرَاحِ غَنَمٍ وَمَلْعَبِ صِبْيَانٍ. وَالْحَرِيمُ لِبِئْرِ اسْتِقَاءٍ مُحَيَّاةٍ مَوْضِعُ نَازِحٍ مِنْهَا وَمَوْضِعُ دُولَابٍ إنْ كَانَ الِاسْتِقَاءُ بِهِ، وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَسْتَقِي بِهِ النَّازِحُ وَمَا يَسْتَقِي بِهِ بِالدَّابَّةِ وَنَحْوِهِمَا كَالْمَوْضِعِ الَّذِي يَصُبُّ فِيهِ النَّازِحُ الْمَاءَ، وَمُتَرَدَّدُ الدَّابَّةِ إنْ كَانَ الِاسْتِقَاءُ بِهَا، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَطْرَحُ فِيهِ مَا يَخْرُجُ مِنْ مَصَبِّ الْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ، وَالْحَرِيمُ لِبِئْرٍ قَنَاةٌ مَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ نَقَصَ مَاؤُهَا أَوْ خِيفَ انْهِيَارُهَا. وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِصَلَابَةِ الْأَرْضِ وَرَخَاوَتِهَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَالِ جَازَ لَهُ تَعَاطِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحَرِيمِ تُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَعَاطِيهِ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (مُحَيَّاةٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْمَمْلُوكَةَ لَا حَرِيمَ لَهَا ق ل، أَوْ؛ لِأَنَّ مِثْلَهَا الْمَمْلُوكَةُ فَلَيْسَ قَيْدًا. وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِحْيَاءِ. قَوْلُهُ: (نَادٍ) بِالتَّخْفِيفِ.
قَوْلُهُ: (لِلْحَدِيثِ) وَإِنْ لَمْ يَتَحَدَّثُوا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَمُرْتَكَضُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَيْلٌ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَدَثَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي مُنَاخِ الْإِبِلِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (وَمُنَاخُ) بِضَمِّ الْمِيمِ.
قَوْلُهُ: (وَمَطْرَحُ رَمَادٍ) أَيْ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. أَمَّا لَوْ اتَّسَعَ الْحَرِيمُ وَاعْتِيدَ طَرْحُ الرَّمَادِ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ ثُمَّ اُحْتِيجَ إلَى عِمَارَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَعَ بَقَاءِ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ عِمَارَتُهُ لِعَدَمِ تَفْوِيتِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ عِمَارَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِتَمَامِهِ وَتَكْلِيفُهُمْ طَرْحَ الرَّمَادِ فِي غَيْرِهِ بِجِوَارِهِ وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِيَادِهِمْ الرَّمْيَ فِيهِ صَارَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ. وَكَذَا يَجُوزُ الْغِرَاسُ فِيهِ بِمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ انْتِفَاعِهِمْ بِالْحَرِيمِ كَأَنْ غَرَسَ فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ بِحَيْثُ لَا يُفَوِّتُ مَنَافِعَهُمْ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الْحَرِيمِ. وَفِي سم عَلَى حَجّ فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا: الِانْتِفَاعُ بِحَرِيمِ الْأَنْهَارِ كَحَافَّاتِهَا بِوَضْعِ الْأَحْمَالِ وَالْأَثْقَالِ وَجَعْلِ زَرْبِيَةٍ مِنْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ فِيهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْيَوْمَ فِي سَاحِلِ بُولَاقَ وَمِصْرَ الْقَدِيمَةِ وَنَحْوِهَا، يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ فَعَلَهُ لِلِارْتِفَاقِ بِهِ وَلَمْ يَضُرَّ بِانْتِفَاعِ غَيْرِهِ وَلَا ضَيِّقَ عَلَى الْمَارَّةِ وَنَحْوِهِمْ وَلَا عَطَّلَ أَوْ نَقَصَ مَنْفَعَةَ النَّهْرِ كَانَ جَائِزًا وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِلْمَصَالِحِ. وَالثَّانِي: مَا يَحْدُثُ فِي خِلَالِ النَّهْرِ مِنْ الْجَزَائِرِ، وَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ امْتِنَاعُ أَحْيَائِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّهْرِ أَوْ حَرِيمِهِ لِاحْتِيَاجِ رَاكِبِ الْبَحْرِ وَالْمَارِّ بِهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا لِوَضْعِ الْأَحْمَالِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَالْمُرُورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَلْ هِيَ أَوْلَى بِمَنْعِ إحْيَائِهَا مِنْ الْحَرِيمِ الَّذِي يَتَبَاعَدُ عَنْهُ الْمَاءُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِذَلِكَ. اهـ. م ر. وَهَلْ يَتَوَقَّفُ الِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلَا إثْمَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهَا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى " نَادٍ " وَمِنْهُ مَرْعَى الْبَهَائِمِ إنْ قَرُبَ عُرْفًا وَاسْتَقَلَّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَذَا إنْ بَعُدَ وَمَسَّتْ حَاجَتُهُمْ لَهُ وَلَوْ فِي بَعْضِ السَّنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمُحْتَطَبُ. وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ مَنْعُ الْمَارَّةِ مِنْ رَعْيِ مَوَاشِيهِمْ فِي مَرَافِقِهَا الْمُبَاحَةِ شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ: " وَاسْتَقَلَّ " أَيْ بِأَنْ كَانَ مَقْصُودًا لِلرَّعْيِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ مَرْعَى وَإِنْ كَانَتْ الْبَهَائِمُ تَرْعَى فِيهِ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ الْإِبْعَادِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ نَازِحٍ) وَهُوَ الشَّخْصُ الْقَائِمُ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ لِيَسْتَقِيَ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ، قَالَ م ر: وَهَلْ يُعْتَبَرُ قَدْرُ مَوْقِفِ النَّازِحِ مِنْ سَائِرِ جَوَانِبِ الْبِئْرِ أَوْ مِنْ أَحَدِهَا فَقَطْ؟ الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ.
قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُمَا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مَوْضِعُ، أَيْ نَحْوُ مَوْضِعِ النَّازِحِ وَمَوْضِعِ الدُّولَابِ.
قَوْلُهُ: (وَمُتَرَدَّدُ الدَّابَّةِ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، أَيْ مَحَلُّ تَرَدُّدِهَا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَدَارِ. قَوْلُهُ: (لِبِئْرِ قَنَاةٍ) قَالَ الشرنبلالي: الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِئْرُ الْقَنَاةِ حُفْرَةٌ فِي الْأَرْضِ تَنْبُعُ مِنْهَا عَيْنٌ وَتَسِيلُ فِي الْقَنَاةِ، وَقَالَ ع ن: بِأَنْ