للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.

وَكَمَا يَتَأَكَّدُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْضًا لِوُضُوءٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ، وَمَحَلُّهُ فِي الْوُضُوءِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ النَّقِيبِ فِي عُمْدَتِهِ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ يَمِيلُ إلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ كَالْمَاوَرْدِيِّ مَحَلُّهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ.

وَلِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَلِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِنَوْمٍ وَلِدُخُولِ مَنْزِلٍ وَعِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَيُقَالُ: إنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ وَفِي السَّحَرِ وَلِلْأَكْلِ وَبَعْدَ الْوِتْرِ وَلِلصَّائِمِ قَبْلَ وَقْتِ الْخُلُوفِ.

فَائِدَةٌ: مِنْ فَوَائِدِ السِّوَاكِ أَنَّهُ يُطَهِّرُ الْفَمَ، وَيُرْضِي الرَّبَّ، وَيُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ، وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَيُسَوِّي الظَّهْرَ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُبْطِئُ الشَّيْبَ، وَيُصَفِّي الْخُلُقَ وَيُذَكِّي الْفِطْنَةَ، وَيُضَاعِفُ الْأَجْرَ وَيُسَهِّلُ النَّزْعَ كَمَا مَرَّ، وَيُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى مَا إذَا صَلَّى جَمَاعَةً بِسِوَاكٍ وَصَلَّى صَلَاةً مُنْفَرِدَةً بِلَا سِوَاكٍ، فَهَذِهِ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ تِلْكَ بِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَيَكُونُ لِلسِّوَاكِ عَشَرَةٌ وَلِلْجَمَاعَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ. وَأُجِيبَ أَيْضًا: بِأَنَّ الدَّرَجَاتِ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَدْ تَعْدِلُ الْوَاحِدَةَ مِنْهَا كَثِيرًا مِنْ الرَّكَعَاتِ بِسِوَاكٍ.

قَوْلُهُ: (وَكَمَا يَتَأَكَّدُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِالْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ غَيْرُ مُرَادٍ، وَكَانَ الْوَجْهُ إسْقَاطَ لَفْظِ ثَلَاثٍ. قَوْلُهُ: (لِوُضُوءٍ) أَيْ وَلِغُسْلٍ فَلَوْ اسْتَاكَ لِلْوُضُوءِ الْمَطْلُوبِ لِلْغُسْلِ هَلْ يَسْتَاكُ لِلْغُسْلِ نَظَرًا إلَى طَلَبِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوَّلًا لِقُرْبِهِ مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا قَالُوا: لَا يُسَنُّ الْغُسْلُ لِمُزْدَلِفَةَ لِمَنْ اغْتَسَلَ، قَالَ سم: الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وِفَاقًا لِلرَّمْلِيِّ، وَخِلَافًا لِغَيْرِهِ كَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ حَيْثُ قَالَ بِالثَّانِي. اهـ اج.

قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ طَلَبِهِ الَّذِي هُوَ الْأَكْمَلُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى نِيَّةٍ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي غَسْلِ الْكَفَّيْنِ كَالنِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَكَلَامِ الْغَزَالِيِّ الْمَذْكُورِ ق ل. فَكَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِالنَّظَرِ لِلْأَكْمَلِ وَالْغَزَالِيِّ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ اهـ. م د. وَقَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ يُوَافِقُ مَا فِي شَرْحِ ابْنِ حَجَرٍ، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ مُوَافِقٌ لِمَا فِي م ر، فَعَلَى كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ يَكُونُ مِنْ السُّنَنِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ لِشُمُولِ النِّيَّةِ لَهُ، وَعَلَى كَلَامِ م ر يَكُونُ مِنْ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ لِعَدَمِ شُمُولِ النِّيَّةِ لَهُ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْخِلَافُ حَقِيقِيًّا غَيْرَ مُمْكِنِ الْجَمْعِ اهـ. .

قَوْلُهُ: (وَلِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ) أَيْ يَسْتَاكُ قَبْلَ الِاسْتِعَاذَةِ وَالْقِرَاءَةُ شَامِلَةٌ لِلْبَسْمَلَةِ، وَمِثْلُ الْقِرَاءَةِ كُلُّ ذِكْرٍ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَنَدْبُهُ لِلذِّكْرِ الشَّامِلِ لِلتَّسْمِيَةِ مَعَ نَدْبِهَا لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ الشَّامِلِ لِلسِّوَاكِ يَلْزَمُهُ دَوْرٌ ظَاهِرٌ لَا مُخَلِّصَ عَنْهُ إلَّا بِمَنْعِ نَدْبِ التَّسْمِيَةِ لَهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَصَلَ مَانِعٌ مِنْهَا هُوَ عَدَمُ التَّأَهُّلِ لِكَمَالِ النُّطْقِ بِهَا أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَتَأَهَّلُ لِذَلِكَ إلَّا بِالسِّوَاكِ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلِنَوْمٍ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا مَرَّ، فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَا لِإِرَادَةِ نَوْمٍ وَهُنَاكَ بَعْدَ النَّوْمِ.

قَوْلُهُ: (وَلِدُخُولِ مَنْزِلٍ) وَلَوْ لِغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خَالِيًا، وَقَيَّدَ ابْنُ حَجَرٍ بِغَيْرِ الْخَالِي، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ يُسَنُّ السِّوَاكُ لِدُخُولِهِ وَلَوْ خَالِيًا بِأَنَّ مَلَائِكَةَ الْمَسْجِدِ أَشْرَفُ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ» . قَالَ الْمُنَاوِيُّ: لِأَجْلِ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِهِ، فَإِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ شَرِيفٌ فَاسْتُعْمِلَ السِّوَاكُ لِلْإِتْيَانِ بِهِ أَوْ لِطِيبِ فَمِهِ لِتَقْبِيلِ زَوْجَاتِهِ. اهـ. وَيُسَنُّ أَيْضًا عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَعِنْدَ الِاحْتِضَارِ) أَيْ فِي الْمَرِيضِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ إنَّهُ) أَيْ السِّوَاكَ مُطْلَقًا، لَكِنْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ تَبَعًا لِشَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ التَّسْهِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى السِّوَاكِ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، لَكِنْ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ الْإِطْلَاقُ.

قَوْلُهُ: (وَفِي السَّحَرِ) بِفَتْحَتَيْنِ مَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ وَجَمْعُهُ أَسْحَارٌ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ وَقْتِ الْخُلُوفِ) كَمَا يُسَنُّ التَّطَيُّبُ لِلْإِحْرَامِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ فَوَائِدِ السِّوَاكِ) الَّتِي أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ خَصْلَةً، وَهُوَ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ الْحَشِيشَةِ الَّتِي ذَكَرُوا فِيهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ مَضَرَّةً. مِنْهَا: نِسْيَانُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَمِنْهَا: فَسَادُ الْعَقْلِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ فِي الشَّخْصِ خَصْلَتَانِ. إحْدَاهُمَا تَذَكُّرُ الشَّهَادَةِ، وَالْأُخْرَى تُنْسِيهَا كَالسِّوَاكِ وَأَكْلِ الْحَشِيشَةِ مَثَلًا هَلْ تَغْلِبُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ؟ . فِيهِ نَظَرٌ. وَنَقَلَ الْمُنَاوِيُّ تَغْلِيبَ الْأُولَى تَحْسِينًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَيُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ) أَيْ يَزِيدُ فِي بَيَاضِهَا إذَا كَانَتْ بَيْضَاءَ.

قَوْلُهُ: (وَيُبْطِئُ الشَّيْبَ) فِيهِ أَنَّ أَبْطَأَ لَازِمٌ فَلَا يَتَعَدَّى لِلْمَفْعُولِ، وَعَلَى هَذَا فَالشَّيْبُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ الْبَاءِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>