للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي قَوْلِهِ: (وَاللُّقَطَةُ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى مَا يُفْعَلُ فِيهَا (عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ أَحَدِهَا مَا يَبْقَى عَلَى الدَّوَامِ) كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (فَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ تَمَلُّكِهَا وَبَيْنَ إدَامَةِ حِفْظِهَا إذَا عَرَّفَهَا وَلَمْ يَجِدْ مَالِكَهَا هُوَ (حُكْمُهُ) أَيْ هَذَا الضَّرْبِ (وَ) الضَّرْبِ (الثَّانِي مَا لَا يَبْقَى عَلَى الدَّوَامِ) بَلْ يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ (كَالطَّعَامِ الرَّطْبِ) كَالرَّطْبِ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ وَالْبُقُولِ (فَهُوَ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (مُخَيَّرٌ) فِيهِ (بَيْنَ) تَمَلُّكِهِ ثُمَّ (أَكْلِهِ) وَشُرْبِهِ (وَغُرْمِهِ) أَيْ وَغُرْمِ بَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ (أَوْ بَيْعِهِ) بِثَمَنِ مِثْلِهِ (وَحِفْظِ ثَمَنِهِ) لِمَالِكِهِ (وَ) الضَّرْبِ (الثَّالِثِ مَا يَبْقَى) عَلَى الدَّوَامِ لَكِنْ (بِعِلَاجٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ (كَالرَّطْبِ) الَّذِي يَتَجَفَّفُ (فَيَفْعَلُ) الْمُلْتَقِطُ (مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ) لِمَالِكِهِ (مِنْ بَيْعِهِ) بِثَمَنِ مِثْلِهِ (وَحِفْظِ ثَمَنِهِ) لَهُ (أَوْ تَجْفِيفِهِ وَحِفْظِهِ) لِمَالِكِهِ إنْ تَبَرَّعَ الْمُلْتَقِطُ بِالتَّجْفِيفِ، وَإِلَّا فَيَبِيعُ بَعْضَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ وَيُنْفِقُهُ عَلَى تَجْفِيفِ الْبَاقِي. وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ الَّذِي يُبَاعُ مَا يُسَاوِي مُؤْنَةَ التَّجْفِيفِ (وَ) الضَّرْبِ (الرَّابِعِ مَا يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ كَالْحَيَوَانِ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَالْآدَمِيُّ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالنَّظَرِ لِلرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ لُقَطَةً بِخِلَافِ الْحُرِّ فَإِنَّهُ لَقِيطٌ لَا لُقَطَةٌ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) فَجُمْلَةُ الْأَقْسَامِ أَرْبَعَةٌ مَالٌ وَغَيْرُهُ، فَغَيْرُ الْمَالِ قِسْمٌ وَالْمَالُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لَيْسَ بِحَيَوَانٍ وَحَيَوَانٍ آدَمِيٍّ وَحَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ.

قَوْلُهُ: (وَيُعْلَمُ غَالِبُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ غَيْرِ الْمَالِ وَهُوَ الِاخْتِصَاصُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيُعْلَمُ بَعْضُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّك عَلِمْت أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ قِسْمَيْنِ مِنْهَا وَهُمَا لُقَطَةُ الْمَالِ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَالْحَيَوَانِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، فَقَدْ ذَكَرَ نِصْفَ الْأَقْسَامِ لَا غَالَبَهَا، شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فِي قَوْلِهِ) لَعَلَّ (فِي) بِمَعْنَى (مِنْ) الْبَيَانِيَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ، أَيْ كَلَامُهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إلَخْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ قَوْلَهُ " فِي قَوْلِهِ " طَرَفٌ لِقَوْلِهِ: " كَلَامِهِ " مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ) أَيْ إجْمَالًا وَإِلَّا فَهِيَ بِالنَّظَرِ لِلتَّفَاصِيلِ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللُّقَطَةَ إمَّا أَنْ تَحْتَاجَ إلَى نَفَقَةٍ أَوْ لَا، فَإِنْ احْتَاجَتْ فَهِيَ الضَّرْبُ الرَّابِعُ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ بِطُولِ الْبَقَاءِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يُخَيَّرُ الْمُلْتَقِطُ بَيْنَ أَمِينٍ تَمَلَّكَهَا مَعَ غُرْمِ الْبَدَلِ وَإِدَامَةِ الْحِفْظِ، وَإِنْ تَغَيَّرَتْ فَإِمَّا أَنْ لَا تَقْبَلَ التَّجْفِيفَ بِالْعِلَاجِ أَوْ تَقْبَلَهُ، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْهُ خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ تَمَلُّكِهَا بَيْنَ التَّمَلُّكِ ثُمَّ الْأَكْلِ وَالْغُرْمِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ مَعَ حِفْظِ الثَّمَنِ، وَإِنْ قَبِلَتْ التَّجْفِيفَ خُيِّرَ بَيْنَ بَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا وَبَيْنَ التَّجْفِيفِ لَهَا إمَّا بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ أَوْ بَيْعِ جُزْءٍ مِنْهَا لِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: " عَلَى الدَّوَامِ " أَيْ الْمُعْتَادِ، وَلَيْسَ بِحَيَوَانٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى عِلَاجٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (مِنْ التَّخْيِيرِ) أَيْ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بِشَرْطِ الضَّمَانِ، أَيْ وَكَانَ لَهُ إدَامَةُ الْحِفْظِ.

قَوْلُهُ: (إذَا عَرَّفَهَا) يَرْجِعُ لِلتَّخْيِيرِ.

قَوْلُهُ: (كَالطَّعَامِ) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمَشْرُوبَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُخَيَّرٌ) أَيْ إنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ، فَإِنْ أَخَذَهُ لِلْحِفْظِ فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ الْخُصْلَةِ الثَّانِيَةِ الْآتِيَةِ سم. قَوْلُهُ: (بَيْنَ تَمَلُّكِهِ) أَيْ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (وَشُرْبِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.

قَوْلُهُ: (وَغُرْمِهِ) أَيْ لِمَالِكِهِ حِينَ يَظْهَرُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَيْعِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَبَيْعِهِ؛ لِأَنَّ أَوْ لَا تَقَعُ بَعْدَ بَيْنَ لِأَنَّهَا لَا تُضَافُ إلَّا لِمُتَعَدِّدٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهَا إلَى أَوْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى وَغُرْمِهِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " أَوْ بَيْعِهِ " أَيْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وَجَدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ أُلَاحِظُ الْبَيْعَ لَمْ يَبِعْ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ أُلَاحِظُ الْأَكْلَ أَكَلَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ع ش عَلَى الْغَزِّيِّ؛ ثُمَّ يُعَرِّفُهُ لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الدَّوَامِ) أَيْ الْمُعْتَادِ.

قَوْلُهُ: (وَحِفْظِ ثَمَنِهِ) ثُمَّ يُعَرِّفُ الْمَبِيعَ.

قَوْلُهُ: (إنْ تَبَرَّعَ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ الَّذِي يُبَاعُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْحَيَوَانِ مِنْ أَنَّهُ يُبَاعُ كُلُّهُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ عَلْفَهُ يَتَكَرَّرُ فَيُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ نَفْسَهُ؛ فَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ أَعْنِي الْبَيْعَ وَالتَّجْفِيفَ فَكَمَا لَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي التَّجْفِيفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ مَشَايِخِنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ التَّجْفِيفِ يُعَرِّفُهُ وَيَظْهَرُ جَوَازُ التَّعْرِيفِ أَيْضًا قَبْلَهُمَا وَمَعَهُمَا، لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ الرَّطْبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. اهـ. سم. وَيُنْفِقُهُ، أَيْ يُنْفِقُ ثَمَنَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>