للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالنِّيَّةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ، وَكَانَ وُجُوبُهُ مَعَ وُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَفِي مُوجِبِهِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: الْحَدَثُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا. ثَانِيهَا: الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِهَا. ثَالِثُهَا: هُمَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ.

وَلَهُ شُرُوطٌ وَفُرُوضٌ وَسُنَنٌ. فَشُرُوطُهُ وَكَذَا الْغُسْلُ: مَاءٌ مُطْلَقٌ، وَمَعْرِفَةٌ أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَلَوْ ظَنًّا، وَعَدَمُ الْحَائِلِ، وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ وَعَدَمُ الْمُنَافِي مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فِي غَيْرِ أَغْسَالِ الْحَجِّ وَنَحْوِهَا. وَمَسُّ ذَكَرٍ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْبَصَائِرِ قَوْلُهُ الذُّنُوبِ أَيْ الصَّغَائِرِ لِأَنَّهَا الَّتِي يُكَفِّرُهَا الْوُضُوءُ قَوْلُهُ أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ هَذَا التَّعْرِيفُ لَا يَشْمَلُ التَّرْتِيبَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فِي التَّعْرِيفِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ التَّرْتِيبُ وَأُجِيبَ: بِأَنَّ قَوْلَهُ أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ أَيْ ذَاتًا أَوْ صِفَةً وَهِيَ تَقْدِيمُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَيَدْخُلُ التَّرْتِيبُ ح ف قَوْلُهُ وَهُوَ تَعَبُّدِيٌّ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُنَاجَاةٌ لِلرَّبِّ تَعَالَى فَطُلِبَ التَّنْظِيفُ لِأَجْلِهَا وَإِنَّمَا اُخْتُصَّ الرَّأْسُ بِالْمَسْحِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا فَاكْتَفَى فِيهِ بِأَدْنَى طَهَارَةٍ وَخُصَّتْ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَحَلُّ اكْتِسَابِ الْخَطَايَا أَوْ لِأَنَّ آدَمَ مَشَى إلَى الشَّجَرَةِ بِرِجْلَيْهِ وَتَنَاوَلَ مِنْهَا بِيَدِهِ وَأَكَلَ مِنْهَا بِفَمِهِ وَمَسَّ رَأْسُهُ وَرَقَهَا وَالتَّعَبُّدِيُّ أَفْضَلُ مِنْ مَعْقُولِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الِامْتِثَالَ فِيهِ أَشَدُّ وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ سُئِلَ هَلْ التَّعَبُّدِيُّ أَفْضَلُ أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ كَلَامُ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الِانْقِيَادِ بِخِلَافِ مَا ظَهَرَتْ عِلَّتُهُ فَإِنَّ مُلَابِسَهُ قَدْ يَفْعَلُهُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ عِلَّتِهِ وَفَائِدَتِهِ قَوْلُهُ مَعَ وُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقِيلَ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا وَفُرِضَ أَوَّلًا لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ نُسِخَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ إلَّا مَعَ الْحَدَثِ وَالصَّلَاةُ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ فَرْضِ الْوُضُوءِ هَلْ كَانَ يَتَوَضَّأُ لَهَا أَوْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ كَانَ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ هُنَا فُرِضَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَلَمْ يَقُولُوا شُرِعَ

قَوْلُهُ: (وَفِي مُوجِبِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبِهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْجُهٌ) لَوْ قَالَ أَقْوَالٌ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَقْوَالَ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ، وَالْأَوْجُهُ لِلْمُجْتَهِدِ اجْتِهَادَ مَذْهَبٍ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ وَالِانْقِطَاعُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ لِفَوْرِيَّتِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ) وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ مَا إذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَفْعَلْهَا. قَوْلُهُ: (ثَالِثُهَا هُمَا) أَيْ الْحَدَثُ وَالْقِيَامُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ الِانْقِطَاعُ فَمُوجِبُهُ مَجْمُوعُ أَمْرَيْنِ: الْحَدَثُ بِشَرْطِ الِانْقِطَاعِ، وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (فَشُرُوطُهُ) هِيَ اثْنَا عَشَرَ فِي السَّلِيمِ، وَيَزِيدُ السَّلَسُ بِثَلَاثَةٍ أُخَرَ فَشُرُوطُ وُضُوءِ السَّلَسِ خَمْسَةَ عَشَرَ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْغُسْلُ) بِالْجَرِّ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَكَذَا شُرُوطُ الْغُسْلِ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا قَبْلَهُ وَمَاءٌ مُطْلَقٌ مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ خَبَرُ الْأَوَّلِ أَيْ فَشُرُوطُهُ مَاءٌ مُطْلَقٌ إلَخْ وَالْغُسْلُ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (مَاءٌ مُطْلَقٌ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الِاشْتِبَاهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَعْرِفَةُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَلَوْ ظَنًّا) هَذَا إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ لَا مُطْلَقًا فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ اشْتِبَاهٌ يَكْفِي اسْتِصْحَابُ الْإِطْلَاقِ وَلَا يُشْتَرَطُ ظَنُّهُ اهـ. م د. وَمُرَادُهُ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ بِدَلِيلِ جَعْلِهِ غَايَةً.

قَوْلُهُ: (وَعَدَمُ الْحَائِلِ) كَدُهْنٍ جَامِدٍ. أَمَّا الْمَائِعُ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَسَّ الْمَاءِ لِلْعُضْوِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ شَوْكَةٌ لَوْ أُزِيلَتْ لَمْ يَلْتَئِمْ مَحَلُّهَا وَغُبَارٌ عَلَى عُضْوٍ لَا عَرَقَ مُتَجَمِّدٌ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ الْقَفَّالُ: تَرَاكُمُ الْوَسَخِ عَلَى الْعُضْوِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ، وَلَا النَّقْضُ بِلَمْسِهِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا صَارَ جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ، إذْ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ. وَالْمُرَادُ بِصَيْرُورَتِهِ كَالْجُزْءِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، وَمِنْهُ وَسَخٌ تَحْتَ الْأَظَافِرِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِمَنْعِهِ وُصُولَ الْمَاءِ وَقَشَفٌ مَيِّتٌ مُتَرَاكِمٌ وَرَمَصٌ فِي الْعَيْنِ وَلَيْسَ مِنْهُ طَبُوعٌ عَسَرَ زَوَالُهُ فَيُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل.

نُكْتَةٌ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُتَصَوَّرُ صِحَّةُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَعَلَى بَدَنِهِ شَيْءٌ لَاصِقٌ بِهِ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهِ يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. وَصُورَتُهُ فِي الْوَسَخِ الَّذِي نَشَأَ مِنْ بَدَنِهِ وَهُوَ الْعَرَقُ الَّذِي يَتَجَمَّدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْ الْغُبَارِ كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَلَا يَضُرُّ لَوْنُ صِبْغٍ وَحِنَّاءٍ وَلَا دُهْنُ لَا جِرْمَ لَهُ كَشَيْرَجٍ ق ل. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) كَالْغُسْلِ لِدُخُولِ مَكَّةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ وَكَغُسْلِ الْعِيدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمَسُّ ذَكَرٍ) لَوْ قَالَ فَرْجٍ لَكَانَ أَعَمَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>