للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْفَرَدَتْ عَنْ جِنْسِ الْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِانْفِرَادِ عَمَّنْ ذُكِرَ فِي الْأَرْبَعَةِ الزَّوْجُ فَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَعَ وُجُودِهِ النِّصْفُ أَيْضًا.

(وَ) خَامِسُهَا (الزَّوْجُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ (وَلَدٌ) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَصْدُقُ الْوَلَدُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (وَلَا وَلَدُ ابْنٍ) لَهَا وَإِنْ سَفَلَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَمَّا مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: ١٢] وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الِابْنِ كَوَلَدِ الصُّلْبِ فِي حَجْبِ الزَّوْجِ مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبْعِ، إمَّا لِصِدْقِ اسْمِ الْوَلَدِ عَلَيْهِ مَجَازًا، وَإِمَّا قِيَاسًا عَلَى الْإِرْثِ، وَالتَّعْصِيبِ فَإِنَّهُ فِيهِمَا كَوَلَدِ الصُّلْبِ إجْمَاعًا.

(وَ) الْفَرْضُ الثَّانِي (الرُّبُعُ وَهُوَ فَرْضُ اثْنَيْنِ) فَرْضُ (الزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ) لِزَوْجَتِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (أَوْ) مَعَ (وَلَدِ الِابْنِ) لَهَا وَإِنْ سَفَلَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَمَّا مَعَ الْوَلَدِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ} [النساء: ١٢] وَأَمَّا مَعَ وَلَدِ الِابْنِ فَلِمَا مَرَّ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الِابْنِ هُنَا وَفِيمَا قَبْلَهُ وَلَدُ الْبِنْتِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ وَلَا يُحْجَبُ (وَهُوَ) أَيْ الرُّبُعُ (لِلزَّوْجَةِ) الْوَاحِدَةِ (وَ) لِكُلِّ (الزَّوْجَاتِ) بِالسَّوِيَّةِ (مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ) لِلزَّوْجِ (أَوْ) عَدَمِ (وَلَدِ الِابْنِ) لَهُ وَإِنْ سَفَلَ، أَمَّا مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: ١٢] وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ وَلَدِ الِابْنِ فَبِالْإِجْمَاعِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالزَّوْجَاتِ بَعْدَ الْوَاحِدِ أَنَّ مَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ إلَى انْتِهَاءِ الْأَرْبَعِ فِي اسْتِحْقَاقِ الرُّبُعِ كَالْوَاحِدَةِ، وَهُوَ إجْمَاعٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ تَرِثُ الْأُمُّ الرُّبُعَ فَرْضًا فِيمَا إذَا تَرَكَ زَوْجَةً وَأَبَوَيْنِ فَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَاحِدٌ وَهُوَ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُحْتَاجُ لِذَلِكَ إلَّا فِي جَانِبِ بِنْتِ الِابْنِ وَالْأُخْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (وَتَنْقِيصُ) أَيْ وَعَنْ حَاجِبٍ أَيْضًا كَابْنِ صُلْبٍ وَبَنِيهِ. وَكَانَ الصَّوَابُ ذِكْرُهُ ق ل وَقَدْ يُقَالُ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ عَنْ التَّنْقِيصِ قَوْلُهُ: (فِي دَرَجَتِهَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ. قَوْلُهُ: (بِنْتُ صُلْبٍ) وَكَذَا إذَا كَانَ مَعَهَا أُخْتٌ لَهَا فَأَكْثَرَ، وَلَفْظُ تَنْقِيصٍ يَشْمَلُهَا وَلَوْ ذَكَرَهَا كَانَ أَوْلَى ق ل.

قَوْلُهُ: (عَنْ جِنْسِ الْبُنُوَّةِ) أَيْ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ إنْ كَانَتْ فِي أُنْثَى فَهِيَ صَارَتْ عَصَبَةً مَعَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي ذَكَرٍ فَهِيَ مَحْجُوبَةٌ بِهِ وَوَجْهُ الْأُخُوَّةِ ظَاهِرٌ، إذْ لَا تَأْخُذُ النِّصْفَ مَعَ إخْوَةٍ لَهَا فَالْمُرَادُ بِهَا الْأُخُوَّةُ لِلْأُخْتِ أَوْ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ حَالَهُمَا وَاحِدٌ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِالْبُنُوَّةِ هُنَا. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: قَوْلُهُ عَنْ جِنْسِ الْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ هُمَا مُحْتَاجٌ إلَيْهِمَا هُنَا لِأَنَّ الْمُرَادَ الْبُنُوَّةُ لِلْمَيِّتِ وَالْأُخُوَّةُ لَهَا هِيَ وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ لِأَنَّ بُنُوَّةَ الْمَيِّتِ يُنْسَبُونَ إلَيْهَا لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَخِيهَا وَأَمَّا إخْوَتُهَا فَهُمْ أَوْلَادُ أَبِيهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأُخْتِ لِلْأَبِ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ عَنْ جِنْسِ الْبُنُوَّةِ الشَّامِلَةِ لِبُنُوَّةِ الْمَيِّتِ وَبُنُوَّةِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ.

قَوْلُهُ: (عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ عَنْ جِنْسِ الْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ. وَقَوْلُهُ: " الزَّوْجُ أَيْ الِانْفِرَادُ عَنْ الزَّوْجِ، فَلَا يُشْتَرَطُ انْفِرَادُهُنَّ عَنْهُ فِي اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ كَمَا قَالَ فَإِنَّ لِكُلٍّ إلَخْ " وَفِيهِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِمَّا قِيَاسًا) اُنْظُرْ كَيْفَ يُقَاسُ الثَّابِتُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الثَّابِتِ بِالْإِجْمَاعِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ " إمَّا قِيَاسًا " مُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ وَهَذَا لَا يُرَدُّ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ عَلَى الْإِرْثِ وَالتَّعْصِيبِ، فَقَاسَ حَجْبَ ابْنِ الِابْنِ لِلزَّوْجِ عَلَى الْإِرْثِ وَالتَّعْصِيبِ، أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الِابْنِ فِي الْإِرْثِ وَالتَّعْصِيبِ كَذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي حَجْبِ الزَّوْجِ.

قَوْلُهُ: (فَرْضُ الزَّوْجِ) وَجُعِلَ لَهُ فِي حَالَتَيْهِ ضِعْفُ مَا لِلزَّوْجَةِ فِي حَالَتَيْهَا لِأَنَّ فِيهِ ذُكُورَةً، وَهِيَ تَقْتَضِي التَّعْصِيبَ فَكَانَ مَعَهَا كَالِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ دَرَجَةً فَكَانَ مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ. وَقَوْلُهُ: " فَكَانَ مَعَهَا " أَيْ بِالنِّسْبَةِ لَهَا لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْإِرْثِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) وَلَوْ مِنْ زِنًا لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (فَلِمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الِابْنِ كَوَلَدِ الصُّلْبِ اهـ أح.

قَوْلُهُ: (أَوْ عَدَمُ وَلَدِ الِابْنِ) " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتُفِيدَ مِنْ تَعْبِيرِهِ) كَأَنَّهُ يَدْفَعُ تَوَهُّمَ قُصُورِ الْعِبَارَةِ عَمَّا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سم: أَرَادَ بِالزَّوْجَاتِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ.

قَوْلُهُ: (قَدْ تَرِثُ الْأُمُّ الرُّبُعَ) هِيَ عِبَارَةٌ فِي غَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>