للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ يَرِثُهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِابْنَ كَالْعُضْوِ مِنْهَا، وَانْفَصَلَ مِنْهَا إنْسَانًا وَلَا كَذَلِكَ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْهَا الْبِنْتُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَبِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّبَبِ الثَّانِي وَهُوَ الرَّضَاعُ بِقَوْلِهِ: (وَاثْنَانِ بِالرَّضَاعِ وَهُمَا الْأُمُّ الْمُرْضِعَةُ وَالْأُخْتُ مِنْ الرَّضَاعِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] فَمَنْ ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ صَارَتْ بَنَاتُهَا الْمَوْجُودَاتُ قَبْلَهُ وَالْحَادِثَاتُ بَعْدَهُ أَخَوَاتٌ لَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ مَعَ وُضُوحِهِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ جَهَلَةِ الْعَوَامّ يَظُنُّونَ أَنَّ الْأُخْتَ مِنْ الرَّضَاعِ هِيَ الَّتِي ارْتَضَعَتْ مَعَهُ دُونَ غَيْرِهَا وَيَسْأَلُونَ عَنْهُ كَثِيرًا فَمُرْضِعَتُك وَمَنْ أَرْضَعْتهَا أَوْ وَلَدْتهَا أَوْ أَبًا مِنْ رَضَاعٍ وَهُوَ الْفَحْلُ أَوْ أَرْضَعْته أَوْ أُرْضِعَتْ مِنْ وَلَدِك بِوَاسِطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَمُّ رَضَاعٍ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ الْبَاقِيَ مِنْ السَّبْعِ بِالرَّضَاعِ بِمَا ذَكَرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى الْمَرْأَةِ وَعَلَى سَائِرِ مَحَارِمِهَا إلَخْ) حَتَّى الزَّانِي مِنْهُمْ كَأَنْ زَنَى بِأُخْتِهِ فَأَتَتْ بِبِنْتٍ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا بِنْتُ أُخْتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: (بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَبِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ بِنْتَ الزِّنَا لَا أَبَ لَهَا، وَالْأَوْلَى لِمَنْ خَرَجَتْ مِنْهُ النُّطْفَةُ. وَعِبَارَةُ ع ش: وَلَا كَذَلِكَ النُّطْفَةُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ أَيْ لَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ الْمَنِيَّ يَعْنِي لَمْ يَنْفَصِلْ إنْسَانًا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَاثْنَانِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: " وَاثْنَتَانِ " وَهُوَ أَوْفَقُ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مُؤَنَّثٌ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَيَحْرُمْنَ أَيْ السَّبْعَةُ بِالرَّضَاعِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَيْنِ تَأَسِّيًا بِالْآيَةِ، وَسَيَأْتِي يَقُولُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ.

قَوْلُهُ: (فَمُرْضِعَتُك) مُبْتَدَأٌ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ وَلَدْتهَا " مَعْطُوفٌ عَلَى أَرْضَعْتهَا. وَقَوْلُهُ: " أَوْ أَبًا " مَعْطُوفٌ عَلَى الْهَاءِ فِي وَلَدْتهَا. وَقَوْلُهُ: " أَوْ أَرْضَعْته " مَعْطُوفٌ عَلَى وَلَدْتهَا، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ: " أُمُّ رَضَاعٍ ". وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " فَمُرْضِعَتُك " أَيْ الَّتِي بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ تَقْرِيبًا وَإِلَّا فَلَبَنُهَا لَا يَحْرُمُ ق ل بِزِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْفَحْلُ) الَّذِي هُوَ حَلِيلُ الْمُرْضِعَةِ الَّذِي اللَّبَنُ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْحَلَبِيُّ. وَقَوْلُهُ: " الَّذِي اللَّبَنُ " لَهُ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ لِغَيْرِهِ كَأَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً تُرْضِعُ فَإِنَّ الزَّوْجَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ صَاحِبَ اللَّبَنِ اهـ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (بِوَاسِطَةٍ إلَخْ) يَرْجِعُ إلَى الْخَمْسَةِ الَّتِي قَبْلَهُ سِوَى الْأُولَى، فَاشْتَمَلَتْ عِبَارَتُهُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ فَرْدًا لِلْأُمِّ.

قَوْلُهُ: (وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ الْبَاقِيَ) فِيهِ أَنَّ الْبَاقِيَ سَيُذْكَرُ فِيمَا يَأْتِي، فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذَا هُنَاكَ. وَمَعْنَى وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ تَصْوِيرًا لَا حُكْمًا، إذْ الْحُكْمُ ثَابِتٌ بِالْحَدِيثِ، فَقَوْلُهُ: " لِقَوْلِهِ إلَخْ " أَيْ فَثَبَتَ التَّحْرِيمُ بِالنَّصِّ وَأَمَّا التَّصْوِيرُ فَيُقَاسَ عَلَى مَا سَبَقَ، فَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك أَوْ لَبَنِ فُرُوعِك نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَبِنْتُهَا كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ رَضَاعٍ وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ أَحَدِ أَبَوَيْك نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا أُخْتُ رَضَاعٍ، وَكَذَا مَوْلُودَةُ أَحَدِ أَبَوَيْك رَضَاعًا وَبِنْتُ وَلَدِ الْمُرْضِعَةِ أَوْ الْفَحْلِ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ، وَمَنْ أَرْضَعَتْهَا أُخْتُك أَوْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ أَخِيك وَبِنْتِهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ، وَبِنْتُ وَلَدٍ أَرْضَعَتْهُ أُمُّك أَوْ ارْتَضَعَ بِلَبَنِ أَبِيك نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ أَخٍ أَوْ أُخْتُ رَضَاعٍ، وَأُخْتُ الْفَحْلِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ أَبَى أُمِّهِ أَوْ أَبِي الْمُرْضِعَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا عَمَّةُ رَضَاعٍ، وَأُخْتُ الْمُرْضِعَةِ أَوْ أُمُّهَا أَوْ أُمُّ الْفَحْلِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا خَالَةُ رَضَاعٍ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

وَقَوْلُهُ: " فَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك " أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً أَوْ مَوْطُوءَةً بِشُبْهَةٍ. وَقَدْ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ عَلَى عَشَرَةِ أَفْرَادٍ لِلْبِنْتِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك صُورَةٌ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ لَبَنُ فُرُوعِك فِيهِ " أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الْفُرُوعَ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، وَيَرْجِعُ لَهُمَا قَوْلُهُ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا. وَقَوْلُهُ: " وَبِنْتُهَا " كَذَلِكَ فِيهِ خَمْسُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِنْتِهَا يَرْجِعُ لِلْمُرْتَضِعَةِ بِلَبَنِك وَلِلْمُرْتَضِعَةِ بِلَبَنِ فُرُوعِك، وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْأُولَى وَاحِدَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعٌ. وَقَوْلُهُ: " وَكَذَا مَوْلُودَةُ أَحَدِ أَبَوَيْك إلَخْ " فِيهِ صُورَتَانِ، فَأَفْرَادُ الْأُخْتِ سِتَّةٌ وَقَوْلُهُ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا تَعْمِيمٌ فِي الْبِنْتِ وَالْوَلَدِ. وَقَوْلُهُ: " وَمَنْ أَرْضَعَتْهَا أُخْتُك " أَيْ مِنْ نَسَبٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>