للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنْتُ الْمُرْضِعَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ أُمَّ نَسَبٍ كَانَتْ مَوْطُوءَتَك فَيَحْرُمُ عَلَيْك أُمُّهَا وَبِنْتُهَا، فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ يَحْرُمْنَ فِي النَّسَبِ وَلَا يَحْرُمْنَ فِي الرَّضَاعِ فَاسْتَثْنَاهَا بَعْضُهُمْ مِنْ قَاعِدَةٍ: يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ وَالْمُحَقِّقُونَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْتَثْنَى لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا يَحْرُمْنَ فِي النَّسَبِ لِمَعْنًى لَمْ يُوجَدْ فَيَهِنَّ فِي الرَّضَاعِ كَمَا قَرَّرْته، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْك أُخْتُ أَخِيك سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ نَسَبٍ كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَخٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا. أَمْ مِنْ رَضَاعٍ كَأَنْ تُرْضِعُ امْرَأَةٌ زَيْدًا وَصَغِيرَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلِأَخِيهِ لِأَبِيهِ نِكَاحُهَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُخْتُ أُخْتَ أَخِيك لِأَبِيك لِأُمِّهِ كَمَا مَثَّلْنَا أَمْ أُخْتُ أَخِيك لِأُمِّك لِأَبِيهِ، مِثَالُهُ فِي النَّسَبِ أَنْ يَكُونَ لِأَبِي أَخِيك بِنْتٌ مِنْ غَيْرِ أُمِّك فَلَكَ نِكَاحُهَا، وَفِي الرَّضَاعِ أَنْ تَرْتَضِعَ صَغِيرَةٌ بِلَبَنِ أَبِي أَخِيك لِأُمِّك فَلَكَ نِكَاحُهَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّبَبِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُصَاهَرَةُ بِقَوْلِهِ: (وَأَرْبَعٌ بِالْمُصَاهَرَةِ وَهِيَ أُمُّ الزَّوْجَةِ) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ نَسَبٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

النَّافِلَةُ أَعَمَّ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا بِنْتُك) أَيْ إنْ كَانَ وَلَدُك، أَيْ الْأَعْلَى أُنْثَى وَقَوْلُهُ أَوْ مَوْطُوءَةُ ابْنِك، أَيْ إنْ كَانَ ذَكَرًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا بِنْتُ الْمُرْضِعَةِ) أَيْ وَلَا بِنْتُ مُرْضِعَةِ وَلَدِك، فَلَوْ قَالَ وَلِابْنَتِهَا لَكَانَ أَخْصَرُ وَأَظْهَرُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ أُمَّ نَسَبٍ) أَيْ لِلْوَلَدِ.

قَوْلُهُ: (فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ) جَعَلَهَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا أُمُّ إلَخْ، جَعَلَهَا صُورَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ نَظَمَهَا شَيْخُنَا م د عَلَى التَّرْتِيبِ فَقَالَ:

مُرْضِعَةُ الْأَخِ أَوْ الْأُخْتِ تَحِلْ ... أَوْ وَلَدُ الْوَلَدِ وَلَوْ أُنْثَى جُعِلْ

كَذَاك أُمُّ مُرْضِعٍ لِلْوَلَدْ ... وَبِنْتُهَا وَهِيَ خِتَامُ الْعَدَدْ

قَوْلُهُ: (فَاسْتَثْنَاهَا بَعْضُهُمْ) أَيْ لِلْمَعْنَى الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (لِمَعْنًى لَمْ يُوجَدْ فِيهِنَّ فِي الرَّضَاعِ) أَيْ وَهُوَ الْأُمُومَةُ وَالْبِنْتِيَّةُ وَالْأُخْتِيَّةُ، أَيْ أَنَّهُ سَبَبُ انْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ عَنْهُنَّ. وَقَوْلُهُ: " كَمَا قَرَّرْته " أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ نَسَبٍ إلَخْ ح ل. وَقَوْلُ الْمُحَشِّي: " وَالْأُخْتِيَّةُ " غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الْأَرْبَعِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ: لِأَنَّ أُمَّ الْأَخِ لَمْ تَحْرُمْ لِكَوْنِهَا أُمَّ أَخٍ وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ لِكَوْنِهَا أُمًّا أَوْ حَلِيلَةَ أَبٍ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَكَذَا الْقَوْلُ فِي بَاقِيهِنَّ. قَوْلُهُ: (فَلِأَخِيهِ) أَيْ لِأَبِيهِ نِكَاحُهَا، وَإِنْ وُجِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَزَيْدٌ عَمُّهُ وَخَالُهُ؛ لِأَنَّهُ أَخُو أَبِيهِ وَأَخُو أُمِّهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَبِيهِ) الْأَحْسَنُ إسْقَاطُ لِأَبِيهِ لِيَشْمَلَ الْأَخَ الشَّقِيقَ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الْمُرْضِعَةَ لَيْسَتْ أُمَّ زَيْدٍ مِنْ النَّسَبِ فَإِرْضَاعُهَا لِزَيْدٍ لَا يُثْبِتُ التَّحْرِيمَ عَلَى إخْوَتِهِ مُطْلَقًا، عَلَى أَنَّ فِي التَّقْيِيدِ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ مَا لَا يَخْفَى شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ لِأَبِي أَخِيك) أَيْ لِأُمِّك وَقَوْلُهُ بِنْتٌ مِنْ غَيْرِ أُمِّك بِأَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّضَاعِ) أَيْ وَمِثَالُهُ فِي الرَّضَاعِ أَنْ تُرْضِعَ صَغِيرَةً إلَخْ. صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ رَجُلًا مُتَزَوِّجٌ بِامْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ وَالْأُخْرَى يُقَالُ لَهَا عَائِشَةُ فَأَتَى بِبِنْتٍ مِنْ فَاطِمَةَ، ثُمَّ إنَّ فَاطِمَةَ أَرْضَعَتْ بِنْتًا صَغِيرَةً أَجْنَبِيَّةً وَأَتَى بِوَلَدِ مِنْ عَائِشَةَ يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ فَنِسْبَةُ زَيْدٍ لِبِنْتِ فَاطِمَةَ أَنَّهُ أَخُوهَا لِأَبِيهَا وَنِسْبَتُهُ إلَى الرَّضِيعَةِ أَنَّهُ أَخُوهَا لِأَبِيهَا مِنْ الرَّضَاعِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ طَلَّقَ أُمَّ زَيْدٍ فَتَزَوَّجَ بِهَا شَخْصٌ آخَرُ فَأَتَى مِنْهَا بِوَلَدٍ يُقَالُ لَهُ بَكْرٌ فَنِسْبَةُ بَكْرٍ لِزَيْدٍ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ وَنِسْبَةُ بَكْرٍ لِلرَّضِيعَةِ أَجْنَبِيٌّ فَأَرَادَ بَكْرٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا وَيَصْدُقُ عَلَى بَكْرٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِمِنْ ارْتَضَعَ بِلَبَنِ أَبِي أَخِيهِ لِأُمِّهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (بِلَبَنِ أَبِي أَخِيك) أَيْ بِلَبَنِهِ الْحَاصِلِ مِنْ زَوْجَةٍ أُخْرَى غَيْرَ أُمِّك.

قَوْلُهُ: (بِالْمُصَاهَرَةِ) أَيْ بِسَبَبِ الْمُصَاهَرَةِ، وَهِيَ وَصْفٌ شَبِيهٌ بِالْقَرَابَةِ، وَهِيَ فِي أَرْبَعَةٍ: فَزَوْجَةُ الِابْنِ وَبِنْتُ الزَّوْجَةِ أَشْبَهَتَا بِنْتَه، وَزَوْجَةُ الْأَبِ وَأَمُّ الزَّوْجَةِ أَشْبَهَتَا الْأُمَّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ هِيَ خُلْطَةٌ تُوجِبُ تَحْرِيمًا.

قَوْلُهُ: (أُمُّ الزَّوْجَةِ) وَلَوْ تَأَخَّرَ ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ عَنْ النِّكَاحِ كَأَنْ يُطَلِّقَ صَغِيرَةً فَتُرْضِعُهَا امْرَأَةٌ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>