للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَشَارَ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: (بِالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ) عَلَى مَا مَرَّ بَيَانًا وَتَحْرِيرًا فِي كُلٍّ مِنْهَا. (و) الرَّابِعُ (الْجَبُّ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ قَطْعُ جَمِيعِ الذَّكَرِ مَعَ بَقَاءِ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ، أَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْهُ مَا يُولِجُ قَدْرَهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا عَلَى الْأَصَحِّ، فَلَوْ تَنَازَعَا فِي إمْكَانِ الْوَطْءِ بِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَخَرَجَ بِهِ الْخَصِيُّ وَهُوَ مَنْ قُلِعَتْ أُنْثَيَاهُ وَبَقِيَ ذَكَرَهُ، فَلَا خِيَارَ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْجِمَاعِ؛ قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِ الْحَاوِي: وَيُقَالُ إنَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْزِلُ فَلَا يَعْتَرِيهِ فُتُورٌ. (و) الْخَامِسُ (الْعُنَّةُ) فِي الْمُكَلَّفِ قَبْلَ الْوَطْءِ فِي قُبُلِهَا وَهُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ عِلَّةٌ فِي الْقَلْبِ وَالْكَبِدِ أَوْ الدِّمَاغِ أَوْ الْآلَةِ تُسْقِطُ الشَّهْوَةَ النَّاشِرَةَ لِلْآلَةِ فَتَمْنَعُ الْجِمَاعَ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْمُكَلَّفِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْعُنَّةِ فِي حَقِّهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ أَوْ بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ وَإِقْرَارِهِمَا لَغْوٌ. وَبِقَيْدِ قَبْلَ الْوَطْءِ الْعُنَّةُ الْحَادِثَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَمَّا هِيَ إذَا حَدَثَتْ بَعْدَهُ فَلَا خِيَارَ كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا حُكْمُ وَلِيِّهَا فَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ) وَإِنْ تَمَاثَلَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (بَيَانًا) أَيْ تَعْرِيفًا. وَقَوْلُهُ: " وَتَحْرِيرًا " أَيْ مِنْ كَوْنِ الِاسْتِحْكَامِ شَرْطًا فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي الْجُنُونِ، قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَقَوْلُهُ: " عَلَى مَا مَرَّ " خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ وَهِيَ كَائِنَةٌ عَلَى مَا مَرَّ. وَبَيَانًا وَتَحْرِيرًا مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْمَرْفُوعِ، أَيْ مَرَّ بَيَانُهُ وَتَحْرِيرُهُ. قَوْلُهُ: (وَالرَّابِعُ الْجَبُّ) نَعَمْ لَوْ وَجَدَتْهُ مَجْبُوبًا لَكِنَّهَا رَتْقَاءُ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ جَمَاعَاتٍ ثُبُوتُ الرَّدِّ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ الْمَقْصُودِ مِنْ النِّكَاحِ، وَعَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ حَكَى طَرِيقًا آخَرَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ فُسِخَتْ لَمْ تَصِلْ إلَى الْوَطْءِ سم.

قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ) أَيْ حَشَفَةُ ذَكَرِهِ، وَلَوْ حَدَثَ بِهِ جَبٌّ فَرَضِيَتْ بِهِ فَحَدَثَ بِهَا رَتْقٌ أَوْ قَرَنٌ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ رَمْلِيٌّ. وَقَوْلُهُ: " لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ " الْمَقْصُودِ أَخْرَجَ التَّمَتُّعَ بِنَحْوِ لَمْسٍ وَنَظَرٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَقْصُودَيْنِ مِنْ النِّكَاحِ لِذَاتِهِمَا، فَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ وَلَكِنْ عَجَزَ بِهِ عَنْ الْوَطْءِ، فَهُوَ مِثْلُ الْعُنَّةِ فَتُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ وَتُعْتَبَرُ حَشَفَتُهُ بِأَقْرَانِهِ فِي غَيْرِ مَقْطُوعِهَا وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَشَفَتُهُ وَإِنْ جَاوَزَتْ الْعَادَةَ فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ، وَيُصَدَّقُ هُوَ فِي بَقَاءِ قَدْرِهَا لَوْ أَنْكَرَتْهُ. وَقَوْلُهُ: " حَشَفَةُ ذَكَرِهِ " أَيْ كَبُرَتْ أَوْ صَغُرَتْ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ ذَكَرِهِ قَدْرُ حَشَفَةٍ مُعْتَدِلَةٍ أَوْ أَكْثَرُ لَكِنْ دُونَ حَشَفَتِهِ أَوْ صَغُرَتْ حَشَفَتُهُ جِدًّا وَكَانَ الْبَاقِي قَدْرَهَا دُونَ الْمُعْتَدِلَةِ فَلَا خِيَارَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ مَعَ انْتِشَارِهِ وَأَدْخَلَ مِنْهُ قَدْرَ الْحَشَفَةِ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَدْرِهَا مَعَ وُجُودِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي اهـ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (قَدْرُهَا) بِرَفْعِ قَدْرِ بَدَلًا مِنْ مَا الْوَاقِعُ فَاعِلًا لِقَوْلِهِ: " بَقِيَ " أَيْ إنْ بَقِيَ قَدْرٌ يُولَجُ وَأَمْكَنَ وَطْؤُهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي إمْكَانِ الْوَطْءِ بِهِ) أَيْ فِيمَا يُولَجُ قَدْرُهَا.

قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ بِالْمَجْبُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْجَبِّ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ بِهِ أَيْ الْجَبُّ الْخِصَاءُ.

قَوْلُهُ: (فَلَا خِيَارَ بِهِ) أَيْ بِالْخِصَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْخَصِيِّ.

قَوْلُهُ: (الْعُنَّةُ) أَيْ الْعَجْزُ عَنْ الْوَطْءِ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لَهَا مُطْلَقًا، أَوْ لِكَوْنِهَا بِكْرًا دُونَ غَيْرِهَا وَإِنْ حَصَلَ بِمَرَضٍ يَدُومُ سم.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ) الْأَوْلَى: " وَهِيَ " إلَّا أَنْ تُؤَوَّلَ الْعُنَّةُ بِالْمَرَضِ أَوْ بِكَوْنِهَا خَامِسَ الْعُيُوبِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ دَعْوَى الْعُنَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِقْرَارُهُمَا لَغْوٌ) أَيْ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِمَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ، فَلَيْسَ هُنَاكَ يَمِينٌ مَرْدُودَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَبِقَيْدِ قَبْلَ الْوَطْءِ الْعُنَّةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَمَّا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلَا خِيَارَ لَهَا بِالْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَعَ رَجَاءِ زَوَالِهَا عَرَفَتْ قُدْرَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ وَوَصَلَتْ إلَى حَقِّهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْجَبِّ اهـ. وَقَوْلُهُ: عَرَفَتْ قُدْرَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ وَوَصَلَتْ إلَخْ ". إنْ قُلْت هَذَا التَّعْلِيلَ يَأْتِي فِي الْمَجْبُوبِ إذَا كَانَ الْجَبُّ بَعْدَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ عَرَفَتْ قُدْرَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ وَوَصَلَتْ إلَى حَقِّهَا، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْمَجْبُوبِ إلَّا إذَا جَبَّ قَبْلَ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ مُطْلَقًا. فَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَعَ رَجَاءِ زَوَالِهَا أَيْ الْعُنَّةِ فِي الْعِنِّينِ، بِخِلَافِ الْمَجْبُوبِ فَلَا يَرْجُو زَوَالَ عِلَّتِهِ؛ أَفَادَهُ شَيْخُنَا: وَقَوْلُهُ: " قَبْلَ الْوَطْءِ " بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي التَّحْلِيلِ، فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَلَا يَزُولُ حُكْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>