للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَعْدَهُ كَمَا لَوْ حَدَثَ بِهِ، وَلَا خِيَارَ لِوَلِيٍّ بِحَادِثٍ وَكَذَا بِمُقَارِنِ جَبٍّ وَعُنَّةٍ لِلْعَقْدِ، وَيَتَخَيَّرُ بِمُقَارِنِ جُنُونِ الزَّوْجِ وَإِنْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ، وَكَذَا بِمُقَارِنِ جُذَامٍ وَبَرَصٍ فِي الْأَصَحِّ لِلْعَارِ. وَالْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ إذَا ثَبَتَتْ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ، فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْفَسْخِ بِعَيْبِ الْعُنَّةِ، وَكَذَا بَاقِي الْعُيُوبِ رَفْعٌ إلَى حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ. وَتَثْبُتُ الْعُنَّةُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَطْلَعَ لِلشُّهُودِ عَلَيْهَا، وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَةً كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِطَلَبِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا، فَإِذَا تَمَّتْ رَفَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي، فَإِنْ قَالَ: وَطِئْتُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَاسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِالْفَسْخِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِإِمْكَانِ تَصْوِيرِهَا بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَعَنَّ عَنْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَأَرَادَ تَجْدِيدَ نِكَاحِهَا.

قَوْلُهُ: (وَيَتَخَيَّرُ) أَيْ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ سَيِّدًا فِي أَمَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ رَضِيَتْ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَهِيَ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْخِيَارُ حَرَّرَهُ ح ل. وَفِي ع ش عَلَى م ر: وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً رَشِيدَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِنْ رَضِيَتْ؛ لِأَنَّ رِضَا غَيْرِهَا لَا أَثَرَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخِيَارُ إلَخْ) وَكَذَا الرَّفْعُ لِلْقَاضِي عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا فَوْرِيٌّ أَيْضًا كَمَا فِي م ر. قَوْلُهُ: (إذَا ثَبَتَتْ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مُشَاهَدَتِهَا فِي غَيْرِ الْعُنَّةِ أَوْ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُنَّةِ أَوْ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ الْإِقْرَارِ لَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مُشَاهَدَتِهَا، إذْ لَا يُشَاهَدُ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْعُيُوبِ فَإِنَّهَا تُشَاهَدُ فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُشَاهَدَتِهَا. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (رَفْعٌ إلَى حَاكِمٍ) أَيْ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعُيُوبِ، وَمِثْلُ الْقَاضِي الْمُحَكِّمُ بِشَرْطِهِ حَيْثُ نَفَّذَ حُكْمَهُ بِأَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي وَلَوْ قَاضِيًا ضَرُورَةً كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ. قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَقَدْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا بِالْعُنَّةِ أَيْ الْمُقَارِنَةِ لِلْعَقْدِ، وَالزَّوْجُ مُكَلَّفٌ، بِأَنْ نَكَحَ حُرٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ لِلُزُومِ الدَّوْر، إذْ سَمَاعُهَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ وَبُطْلَانُهُ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانُ دَعْوَاهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ صَادِرٌ مِنْ مُجْتَهِدٍ.

قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْفَسْخُ لِلْعُيُوبِ. وَقَوْلُهُ: " لَا مَطْلَعَ " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الطَّاءِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، أَيْ لَا اطِّلَاعَ، فَسَاوَى تَعْبِيرَ غَيْرِهِ بِلَا اطِّلَاعٍ؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: لَا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَطْلَعَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهَا) أَيْ اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةٍ. قَوْلُهُ: (ضَرَبَ الْقَاضِي إلَخْ) وَلَوْ غَيْرُ الَّذِي أَثْبَتَ عُنَّتُهُ. وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَةً هَلْ وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ عَجْزٌ خُلُقِيٌّ تَوَقَّفَ سم، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِهَا لَكِنَّ الْمَعْصُومَ وَاجِبُ التَّصْدِيقِ، فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ ضَرْبِ السَّنَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ نَاقِضٌ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَخْذِ بِخَبَرِهِ؛ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (سَنَةً) سَوَاءٌ الْحُرُّ وَالرَّقِيقُ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ ضَرْبِ الْحَاكِمِ ق ل. وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ: وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ لَا الثُّبُوتِ بِخِلَافِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ لِلنَّصِّ، وَتُعْتَبَرُ السَّنَةُ بِالْأَهِلَّةِ كَمَا فِي م ر.

قَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ، وَقَالُوا: تَعَذُّرُ الْجِمَاعِ قَدْ يَكُونُ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ فَتَزُولُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ بُرُودَةٍ فَتَزُولُ فِي الصَّيْفِ أَوْ يُبُوسَةٍ فَتَزُولُ فِي الرَّبِيعِ أَوْ رُطُوبَةٍ فَتَزُولُ فِي الْخَرِيفِ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجْزٌ خُلُقِيٌّ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: " قَدْ يَكُونُ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ " فِيهِ اكْتِفَاءٌ بِإِحْدَى صِفَتَيْ كُلِّ فَصْلٍ عَنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ، إذْ فِي الصَّيْفِ مَعَ الْحَرَارَةِ الْيُبُوسَةُ وَفِي الشِّتَاءِ مَعَ الْبُرُودَةِ الرُّطُوبَةُ وَفِي الرَّبِيعِ مَعَ الرُّطُوبَةِ الْحَرَارَةُ وَفِي الْخَرِيفِ مَعَ الْبُرُودَةِ الْيُبُوسَةُ. وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِمُضَادَّتِهَا لِبَعْضِهَا فَالْيُبُوسَةُ فِي الصَّيْفِ وَالرُّطُوبَةُ فِي الشِّتَاءِ ضِدَّانِ وَالْحَرَارَةُ فِي الرَّبِيعِ وَالْبُرُودَةُ فِي الْخَرِيفِ ضِدَّانِ وَإِنْ كَانَ لِشُهْرَتِهَا، فَالْحَرَارَةُ فِي الرَّبِيعِ وَالْبُرُودَةُ فِي الْخَرِيفِ أَشْهَرُ، فَلَوْ ذَكَرُوا فِي كُلِّ فَصْلٍ صِفَتَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَأَشْهَرُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بِطَلَبِ الزَّوْجَةِ) فَلَوْ سَكَتَتْ لِجَهْلٍ أَوْ دَهْشَةٍ فَلَا بَأْسَ بِتَنْبِيهِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ وُجُوبِ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِتَقْصِيرِهَا بِعَدَمِ الْبَحْثِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. وَيَكْفِي فِي طَلَبِهَا قَوْلُهَا إنِّي طَالِبَةٌ حَقِّي مِنْ ضَرْبِ الْمُدَّةِ وَالتَّخْيِيرُ عَلَى مُوجَبِ الشَّرْعِ أَيْ مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ.

قَوْلُهُ: (رَفَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي) أَيْ فَوْرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ ادَّعَتْ جَهْلَ الْفَوْرِيَّةِ عُذِرَتْ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى اهـ. ح ل. وَعِبَارَةُ ق ل: وَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ أَيْ لِمَنْ عَلِمَ بِهِ وَبِفَوْرِيَّتِهِ وَيُعْذَرُ مِنْ جَهِلَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>