للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِثْلِ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْفَاسِخَةُ فَهِيَ الْمُخْتَارَةُ لِلْفُرْقَةِ، فَكَأَنَّهَا أَتْلَفَتْ الْمُعَوَّضَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَيَسْقُطُ الْعِوَضُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْفَاسِخُ بِعَيْبِهَا فَكَأَنَّهَا هِيَ الْفَاسِخَةُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَهَلْ هُوَ كَرِدَّتِهَا فَيَسْقُطُ الْمَهْرُ أَوْ كَرِدَّتِهِ فَبِنِصْفِهِ؟ وَجْهَانِ، صَحَّحَ الْأَوَّلُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّشَائِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَصَحَّحَ الثَّانِي الْمُتَوَلِّي وَالْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرِهِمْ؛ وَهُوَ أَوْجُهُ.

تَتِمَّةٌ: يَجِبُ لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ وَطْءٍ مُتْعَةٌ إنْ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَطْرُ مَهْرٍ بِأَنْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ، وَادَّعَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَسْقُطُ مَهْرُ الْكَبِيرَةِ وَيَجِبُ لِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ فَوَّتَتْ عَلَيْهِ الْبُضْعَ بِتَمَامِهِ اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ لَهُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ؛ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَتَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِرْضَاعِهَا زَوْجَةً لَهُ صَغِيرَةً مِثْلُهُ ارْتِضَاعُهَا بِنَفْسِهَا مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ الْكَبِيرَةِ، فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْمَهْرَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (كَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا) قَالَ م ر؛ لِأَنَّ فَسْخَهُ النَّاشِئَ عَنْهَا كَفَسْخِهَا.

فَإِنْ قُلْت: لَمْ جَعَلْتُمْ عَيْبَهَا كَفَسْخِهَا لِكَوْنِهِ سَبَبَ الْفَسْخِ وَلَمْ تَجْعَلُوا عَيْبَهُ كَفَسْخِهِ؟ قُلْنَا: الزَّوْجُ بَذَلَ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا، فَإِذَا كَانَتْ مَعِيبَةً فَالْفَسْخُ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إذْ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ حَقُّهُ وَالزَّوْجَةُ لَمْ تَبْذُلْ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ وَالْعِوَضُ الَّذِي مَلَكَتْهُ سَلِيمٌ، فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا فَسْخَ لَهَا؛ إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ أَثْبَتَ لَهَا الْفَسْخَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا، فَإِذَا اخْتَارَتْهُ لَزِمَهَا رَدُّ الْبَدَلِ كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَشَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ الْمَفْرُوضَ الصَّحِيحَ) أَيْ فِي الْمُفَوِّضَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَهْرَ الْمِثْلِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ مَهْرًا وَلَمْ تَكُنْ مُفَوِّضَةً.

قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ) مُتَعَلِّقٌ بِيُسْقِطُ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ هِيَ الْفَاسِخَةُ) يَرْجِعُ لِلْفُرْقَةِ الَّتِي وُجِدْت مِنْهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَهَذَا التَّعْلِيلُ قَاصِرٌ إذْ لَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الرَّضَاعِ وَالرِّدَّةِ، وَقَدْ عَلَّلَ تِلْكَ الصُّورَةَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ جِهَتِهَا لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ يُشْبِهُ التَّعْلِيلَ بِالْمُدَّعَى اهـ.

قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّهَا هِيَ الْفَاسِخَةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِسَبَبِهَا.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَوْجَهُ) مُعْتَمَدٌ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: تَتِمَّةٌ: هَلْ لِلْقَاضِي صَرْفُ مَالِ الْيَتِيمَةِ فِي جِهَازِهَا مَعَ أَنَّهُ يَتْلَفُ بِالِاسْتِعْمَالِ؟ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُنْتُ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي عُبَيْدِ بْنِ حَرْبَوَيْهِ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ: أَيُّهَا الْقَاضِي فِي حِجْرِي يَتِيمَةٌ وَقَدْ أَذِنْتُ فِي تَزْوِيجِهَا وَطَلَبَ أَهْلُهَا الْجِهَازَ فَمَاذَا تَأْمُرُ؟ فَقَالَ: جَهِّزْ بِقَدْرِ صَدَاقِهَا، فَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: فَقُلْت فِي نَفْسِي أَظُنُّهُ يُجَارِي فِي هَذَا قَوْلَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَقُلْت: أَيَّدَ اللَّهُ الْقَاضِيَ أَعَلَى غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ؟ قَالَ: لَا، قُلْت: فَالْمَحْجُورُ عَلَيْهَا أَوْلَى. فَالْتَفَتَ إلَى ابْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ: لَا تُجَهِّزْ إنْ أَرَادُوا هَكَذَا وَإِلَّا فَلْيَفْعَلُوا مَا أَرَادُوا فَسُرِرْت بِرُجُوعِهِ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: فَهَذَا ابْنُ الْحَدَّادِ وَابْنُ حَرْبَوَيْهِ تَبِعَا ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت لِابْنِ الْحَدَّادِ الْجَزْمَ بِالْجَوَازِ لِمَا فِيهِ مِنْ رَغْبَةِ الْأَزْوَاجِ فِي الْوَصْلَةِ بِهَا، لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِ تَخْصِيصُهُ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ، قَالَ: وَلَعَلَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْحَدَّادِ وَالْقَاضِي فِي إجْبَارِهِ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْبَاجِيُّ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ عَدَمُ إجْبَارِ الْمَرْأَةِ عَلَى الْجِهَازِ خِلَافًا لِمَالِكٍ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (لِمُطَلَّقَةٍ) لَا فَرْقَ فِي الطَّلَاقِ بَيْنَ الْبَائِنِ وَالرَّجْعِيِّ وَإِنْ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ لَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ أَخْذًا مِنْ جَعْلِهِمْ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ فِي غَالِبِ الْأَحْكَامِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ زي وسم. قَوْلُهُ: (مُتْعَةٍ) الْمُتْعَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَةً مِنْ التَّمَتُّعِ هَذَا بَيَانٌ لِلْمَأْخُوذَةِ مِنْهُ لَا بَيَانٌ لِمَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَمَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>