لَهَا: «إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَك وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْتُ ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْتُ» أَيْ بِالْقَسْمِ الْأَوَّلِ بِلَا قَضَاءٍ وَإِلَّا لَقَالَ: وَثَلَّثْتُ عِنْدَهُنْ، كَمَا قَالَ: وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ. وَلَا يَتَخَلَّفُ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَاتِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ مُدَّةَ الزِّفَافِ إلَّا لَيْلًا فَيَتَخَلَّفُ وُجُوبًا تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَأَمَّا لَيَالِي الْقَسْمِ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ وَعَدَمِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَخْرُجَ فِي لَيْلَةِ الْجَمِيعِ أَوْ لَا يَخْرُجَ أَصْلًا، فَإِنْ خَصَّ لَيْلَةَ بَعْضِهِنَّ بِالْخُرُوجِ أَثِمَ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الَّتِي تَخُصُّهَا يَبِيتُهَا عَنْد وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا، وَفِي الدَّوْرِ الثَّانِي يَبِيتُ لَيْلَتَهَا عِنْدَ الثَّانِيَةِ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا، وَكَذَا يَفْعَلُ فِي بَقِيَّةِ الْأَدْوَارِ إلَى أَنْ تَتِمَّ السَّبْعُ وَتَمَامُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ لَيْلَةً؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ كُلِّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَيْلَةٌ فَتَحْصُلُ السَّبْعُ بِمَا ذُكِرَ، فَإِذَا ضَرَبْت السَّبْعَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ وَهِيَ أَقَلُّ مَا يَحْصُلُ فِيهِ الْقَضَاءُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَلَغَ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ اهـ. وَقَوْلُهُ: " مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَيْلَةٌ "، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ ثَلَاثَةٌ دَائِرٌ عَلَيْهِنَّ: الْأُولَى خَدِيجَةُ، وَالثَّانِيَةُ عَائِشَةُ، وَالثَّالِثَةُ حَفْصَةُ، ثُمَّ تَزَوَّجَ ثَيِّبًا يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ وَبَاتَ عِنْدَهَا سَبْعًا فَصَارَ لِلْبَاقِيَاتِ إحْدَى وَعِشْرُونَ لَيْلَةً؛ وَلَهُ فِي الْقَضَاءِ طَرِيقَتَانِ: الْأُولَى أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ سَبْعًا وَلَاءً، وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ خَدِيجَةَ لَيْلَتَهَا ثُمَّ كَذَا عَائِشَةُ ثُمَّ كَذَا صَفِيَّةُ؛ فَإِذَا جَاءَتْ لَيْلَةُ فَاطِمَةَ ضَرَبَ الْقُرْعَةَ بَيْنَ الثَّلَاثِ، فَكُلُّ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ بَاتَهَا عِنْدَهَا. ثُمَّ يَدُورُ فَإِذَا جَاءَتْ لَيْلَتُهَا ضَرَبَ الْقُرْعَةَ بَيْنَ الْبَاقِيَتَيْنِ، ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ، ثُمَّ يَدُورُ وَيَبِيتُ لَيْلَتَهَا عِنْدَ الثَّالِثَةِ اهـ.
قَالَ الزِّيَادِيُّ: فَإِنْ سَبَّعَ لِلثَّيِّبِ بِغَيْرِ طَلَبِهَا أَوْ طَلَبَتْ دُونَهَا فَالزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ هُوَ الَّذِي يَقْضِيه، فَإِذَا أَجَابَهَا بِخَمْسٍ قَضَى يَوْمَيْنِ وَلَا يَجُوزُ إجَابَتُهَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُجِيبَتْ لِلسَّبْعِ لِقَضَائِهَا كُلِّهَا فَفِي إجَابَتِهَا إلَيْهَا مَصْلَحَةٌ لِلْأُخْرَيَاتِ بِخِلَافِ إجَابَتِهَا لِخَمْسٍ. وَدَخَلَ فِي الْجَدِيدَةِ الْأَمَةُ الْمُسْتَفْرَشَةُ إذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَتَزَوَّجَهَا وَالْبَائِنُ دُونَ الرَّجْعِيَّةِ اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: نَعَمْ إنْ خَيَّرَهَا فَسَكَتَتْ أَوْ فَوَّضَتْ إلَيْهِ الْإِقَامَةَ تَخَيَّرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ أَقَامَ السَّبْعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا أَوْ اخْتَارَتْ دُونَ السَّبْعِ لَمْ يَقْضِ سِوَى مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا وَهِيَ الْبِكْرُ، وَلَوْ زَادَ الْبِكْرَ عَلَى السَّبْعِ قَضَى الزَّائِدَ فَقَطْ مُطْلَقًا وَوَجْهُهُ أَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَكَانَ مَحْضَ تَعَمُّدٍ اهـ.
وَقَوْلُهُ: " فَإِنْ أَقَامَ السَّبْعَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا " وَعَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى الْجَدِيدَةِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ السَّبْعَةَ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ طَلَبِهَا. وَقَوْلُهُ: " مُطْلَقًا " أَيْ سَوَاءٌ طَلَبَتْ أَمْ لَا. وَقَوْلُهُ: "؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا " أَيْ فِي حَقٍّ شُرِعَ لِغَيْرِهَا فَإِنَّ الْخَمْسَ مَثَلًا لَمْ تُشْرَعْ لِأَحَدٍ اهـ ع ش.
قَوْلُهُ: «كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّ سَلَمَةَ» وَكَانَتْ ثَيِّبًا فَاخْتَارَتْ الثَّلَاثَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَخَلَّفُ بِسَبَبِ ذَلِكَ) أَيْ لَيَالِي الزِّفَافِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَاتِ، أَيْ بَلْ يَخْرُجُ لِمَا ذَكَرَ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَنْ الْخُرُوجِ أَيْ فِي النَّهَارِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف. قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَتَخَلَّفُ لِمَا ذَكَرَ إلَّا لَيْلًا، فَقَالَ، أَيْ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَتَخَلَّفُ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَاتِ وَمَا بَعْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا.
قَالَ ق ل: وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فَقَالَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِلْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهَا انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِشَيْخِهِ الزِّيَادِيِّ، وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَالْحَفْنَاوِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَتَخَلَّفُ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْ الْخُرُوجِ أَيْ فِي النَّهَارِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ لِمَا ذُكِرَ اتِّفَاقًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِ تَخَلُّفِهِ لَيْلًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَخَلُّفُهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا وَإِنْ كَانَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ؛ وَهَذَا كُلُّهُ ذَكَرَهُ م ر فِي شَرْحِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَهُ تَرْتِيبُ الْقَسْمِ عَلَى لَيْلَةٍ، فَمَا وَقَعَ فِي الْحَوَاشِي غَيْرُ مُحَرَّرٍ. وَقَوْلُ ق ل سَابِقًا يَتَخَلَّفُ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الزِّيَادِيِّ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ م ر. وَعِبَارَةُ م ر فِيمَا مَرَّ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّ مَنْ عِمَادُهُ اللَّيْلُ وَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا لِجِنَازَةٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ مَرْدُودٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي لَيَالِي الزِّفَافِ فَقَطْ عَلَى مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ فِيهَا لِمَنْدُوبٍ تَقْدِيمًا لِوَاجِبِ حَقِّهَا؛ كَذَا قَالَاهُ، لَكِنْ أَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي رَدِّهِ وَاعْتَمَدُوا عَدَمَ الْحُرْمَةِ، أَيْ وَعَلَيْهِ فَهِيَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ اهـ بِحُرُوفِهِ؛ فَيَجُوزُ التَّخَلُّفُ لِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَجِبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute