الْحَيْضِ ثَانِيَةً. وَمِنْهَا مَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عِوَضٍ، لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] وَلِحَاجَتِهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْمُفَارَقَةِ مِنْ حَيْثُ افْتَدَتْ بِالْمَالِ، وَهَذَا لَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (وَضَرْبٌ لَيْسَ فِي طَلَاقِهِنَّ سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ) عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَهُنَّ أَرْبَعٌ) الْأُولَى (الصَّغِيرَةُ) الَّتِي لَمْ تَحِضْ (وَ) الثَّانِيَةُ (الْآيِسَةُ) ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُمَا بِالْأَشْهُرِ فَلَا ضَرَرَ يَلْحَقُهُمَا (وَ) الثَّالِثَةُ (الْحَامِلُ) الَّتِي ظَهَرَ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا بِوَضْعِهَا فَلَا تَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ فِي حَقِّهَا وَلَا نَدَمَ بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ (وَ) الرَّابِعَةُ (الْمُخْتَلِعَةُ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا.
تَتِمَّةٌ: مَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ ثَمَّ بَعْدَهَا إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ تَمَامِ طُهْرٍ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يُقَالُ بِدْعِيٌّ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ ثَانِيَةً) وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ هَذَا بِدْعِيًّا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ لِلطَّلَاقِ الثَّانِي عِدَّةً لِعَدَمِ لُزُومِهَا بِهِ مَرْحُومِيٌّ.
قَوْلُهُ: (مَا لَوْ خَالَعَهَا) أَيْ وَكَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا؛ لِأَنَّ الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا سَتَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا فِيهِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى عِوَضٍ) أَيْ مِنْهَا وَكَانَتْ رَشِيدَةً أَيْ سَوَاءٌ بَاشَرَتْ الْخُلْعَ أَوْ أَذِنَتْ لِأَجْنَبِيٍّ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ يُخَالِعُ مِنْ مَالِهِ فَبِدْعِيٌّ وَلَوْ بِإِذْنِهَا.
قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ) أَيْ فَهُوَ شَامِلٌ لِزَمَنِ الْحَيْضِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ طَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ وَمَا بَعْدَهُ، أَيْ مَا ذَكَرَ فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ مِنْ الْأَقْسَامِ السَّبْعِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ وَارِدٌ إلَخْ) فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ انْحِصَارُ هَذَا الضَّرْبِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمَا فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ أَوْ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَخِيرُ وَارِدًا مَعَ أَنَّ الْمَتْنَ ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ بِاَلَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا وَهَذَا أَعَمُّ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِي طَلَاقِهِنَّ سُنَّةٌ إلَخْ) أَيْ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا. قَوْلُهُ: (وَهُنَّ) أَيْ هَذَا الضَّرْبُ وَأَنَّثَهُ وَجَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ الْخَبَرِ.
قَوْلُهُ: (الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ) سَوَاءٌ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَمْ لَا بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ لِتَكُونَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْآيِسَةِ وَالْحَامِلِ اهـ ب ش.
قَوْلُهُ: (الَّتِي لَمْ تَحِضْ) كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لِلصَّغِيرَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي هَذَا التَّعْمِيمِ مُسَلَّمٌ.
قَوْلُهُ: (الَّتِي ظَهَرَ حَمْلُهَا) أَيْ مِنْهُ لَا مِنْ شُبْهَةٍ وَلَا مِنْ زِنًا. وَقَيَّدَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْحَامِلِ الَّتِي لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا بِدْعِيٌّ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّدَمِ، قَالَ ق ل: وَهُوَ تَصْوِيرٌ لِقَوْلِهِ وَلَا نَدَمَ وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (الْمُخْتَلِعَةُ) هِيَ مَحَلُّ الْقِسْمِ الرَّابِعِ وَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهَا بِعَدَمِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مُطْلَقًا بِخُلْعٍ أَوْ لَا، قَالَ سم: وَلَعَلَّ الْعَدَدَ كَانَ خَمْسًا بَدَلَ قَوْلِهِ أَرْبَعٌ وَكَانَ قَوْلُهُ: الَّتِي إلَخْ مَقْرُونًا بِالْوَاوِ لِإِتْمَامِ الْخَمْسِ فَغَيَّرَهُ النُّسَّاخُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ يَقُولَ وَاَلَّتِي إلَخْ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ وَيَقُولَ خَمْسٌ بَدَلَ أَرْبَعٍ.
قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ مَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا) أَيْ بِسَبَبِ الْحَيْضِ سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَكُرِهَ تَرْكُهَا مَا دَامَ زَمَنُ الْبِدْعَةِ فَيَنْتَهِي سَنُّ الرَّجْعَةِ بِزَوَالِ زَمَنِ الْبِدْعَةِ وَهُوَ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ بِفَرَاغِهِ مَعَ زَمَنِ الْحَيْضِ بَعْدَهُ وَفِي حَيْضٍ خَالٍ عَنْ الْوَطْءِ بِفَرَاغِهِ وَبِالرَّجْعَةِ سَقَطَ الْإِثْمُ؛ لِأَنَّهُ لَحِقَهَا وَقَدْ وَفَّاهُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ وَإِنْ كَانَتْ تَوْبَةً خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ نَظَرًا لِمَا ذُكِرَ وَهُوَ انْتِهَاءُ زَمَنِ الْبِدْعَةِ وَلِأَنَّ التَّوْبَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي الرَّجْعَةِ لِحُصُولِهَا بِمُسَامَحَتِهَا مَثَلًا. وَقَوْلُهُ: " أَيْ بِسَبَبِ الْحَيْضِ " لَيْسَ قَيْدًا بَلْ كُلُّ مَنْ طَلَّقَ طَلَاقًا بِدْعِيًّا أَعَمُّ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ حَيْضٍ أَوْ كَانَ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحْبَلُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ؛ لَكِنَّ كَوْنَ الرَّجْعَةِ سُنَّةً فِي حَقِّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ هُوَ الْوَارِدُ فِي السُّنَّةِ فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فِي غَيْرِهِ فَهِيَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، فَلَعَلَّ الْمُحَشِّي قَيَّدَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْوَارِدَ فِي الْحَدِيثِ: وَقَوْلُهُ: " وَهُوَ فِي طُهْرٍ أَيْ وَزَوَالِ زَمَنِ الْبِدْعَةِ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: " مَعَ زَمَنِ الْحَيْضِ " أَيْ مَعَ فَرَاغِ زَمَنِ الْحَيْضِ أَيْضًا وَالشُّرُوعِ فِي الطُّهْرِ.
قَوْلُهُ: (سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ) أَوْ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا اهـ إمْدَادٌ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَمَامِ طُهْرٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ تَمَامٍ