للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّأْقِيتَ. وَلَوْ تَوَاطَأَ الْعَاقِدَانِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَقَدَا بِذَلِكَ الْقَصْدِ بِلَا شَرْطٍ كُرِهَ.

وَلَوْ نَكَحَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَهَا أَوْ أَنْ لَا يَطَأَهَا إلَّا نَهَارًا أَوْ إلَّا مَرَّةً مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ جِهَتِهَا لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَ الْعَقْدِ، فَإِنْ وَقَعَ الشَّرْطُ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَالتَّمْكِينُ حَقٌّ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا تَرْكُهُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي التَّحْلِيلِ بِيَمِينِهَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ، وَلِلْأَوَّلِ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا لَكِنْ يُكْرَهُ، فَإِنْ قَالَ: هِيَ كَاذِبَةٌ مُنِعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا، إلَّا إنْ قَالَ بَعْدَهُ: تَبَيَّنَ لِي صِدْقُهَا، وَلَوْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ بِإِزَالَةِ مَا يَمْلِكُهُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ التَّحْلِيلِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُرِيدُ النِّكَاحِ لِلْمُطَلَّقَةِ لِيُحَلِّلَهَا لِلزَّوْجِ مَأْجُورًا إذَا لَمْ يَشْرُطْهُ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إرْفَاقَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَإِدْخَالَ السُّرُورِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ نَادِمًا، حَكَاهُ فِي التَّمْهِيدِ. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ) وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْحَدِيثُ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» وَهَذَا عِنْدَنَا، وَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَعَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَصِحُّ التَّحْلِيلُ مُطْلَقًا بِهَذَا الشَّرْطِ سَوَاءٌ وَقَعَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ. وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا مَانِعٌ كَالرَّتْقِ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ اهـ. وَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ إلَّا بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ زَوْجٌ غَيْرُ مُحَلِّلٍ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَلَمْ تُذْكَرْ الْمَرْأَةُ فِي اللَّعْنِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ جَهْلُهَا ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَتْ لُعِنَتْ. قُلْت: وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ دُخُولِهَا فِي الْحَدِيثِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْمُحَلَّلِ لَهُ مَا هُوَ أَعَمُّ فَيَشْمَلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ إذْ التَّحْلِيلُ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَتِهَا) كَأَنْ كَانَ مِنْ وَلِيِّهَا أَوْ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُطَلَّقَةِ) أَيْ فَتُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا زُوِّجَتْ وَأَنَّهُ أَدْخَلَ حَشَفَتَهُ وَأَنَّ الْعِدَّةَ انْقَضَتْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهَا) وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُحَلِّلُ بَعْدَ طَلَاقِهِ الْوَطْءَ أَوْ قَالَ ذَلِكَ وَلِيُّهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يُعَارِضْ أَحَدٌ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينِهَا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْحَفْنَاوِيُّ. وَعِبَارَةُ ح ل: وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا أَنَّ الْمُحَلِّلَ وَطِئَ بِالنَّظَرِ لِحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ لَا لِوُجُوبِ الْمَهْرِ بِتَمَامِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَطْءَ، وَلِلْأَوَّلِ نِكَاحُهَا وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا بِحَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ تَبَيَّنْتُ صِدْقَهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِقَوْلِ أَرْبَابِهَا وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ، وَلَوْ أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ: وَتُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْإِصَابَةِ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا الْمُحَلِّلُ، فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ تَزْوِيجُهَا وَتُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْوَطْءِ إذَا أَنْكَرَهُ الْمُحَلِّلُ أَوْ الزَّوْجُ كَمَا تُصَدَّقُ إذَا ادَّعَتْ التَّحْلِيلَ وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ أَوْ الشُّهُودُ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ اثْنَانِ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، لَا إنْ كَذَّبَهَا الْجَمِيعُ؛ وَيُكْرَهُ نِكَاحُ مَنْ ظَنَّ كَذِبَهَا فِيهِ. وَلَوْ رَجَعَ الزَّوْجُ عَنْ التَّكْذِيبِ قُبِلَ أَوْ رَجَعَتْ هِيَ عَنْ الْإِخْبَارِ بِالتَّحْلِيلِ قُبِلَتْ قَبْلَ عَقْدِ الزَّوْجِ لَا بَعْدَهُ اهـ.

فَرْعٌ: رَجَعَ مِنْ غَيْبَتِهِ وَادَّعَى مَوْتَ زَوْجَتِهِ حَلَّ لَهُ نِكَاحُ نَحْوِ أُخْتِهَا أَوْ رَجَعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَادَّعَتْ مَوْتَ الْأُخْرَى لَمْ تَحِلَّ لِزَوْجِ أُخْتِهَا الَّتِي ادَّعَتْ مَوْتَهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَ قَادِرٌ عَلَى حِلِّ نَحْوِ الْأُخْتِ بِنَفْسِهِ بِطَلَاقٍ مَثَلًا بِخِلَافِهَا.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْإِمْكَانِ) أَيْ بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ التَّزَوُّجُ وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْأَوَّلِ تَزْوِيجُهَا) الْأَوْلَى تَزَوُّجُهَا فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ هِيَ كَاذِبَةٌ إلَخْ) وَلَوْ كَذَّبَهَا الْغَيْرُ وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ لَمْ تَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ؛ لَكِنْ صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْحِلَّ، وَنَقَلَهُ عَنْ الرَّازِيِّ. وَلَوْ أَنْكَرَتْ النِّكَاحَ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَادَّعَتْ نِكَاحًا بِشُرُوطِهِ فَلِلْأَوَّلِ تَزَوُّجُهَا إنْ صَدَّقَهَا. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فَتُصَدَّقُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>