للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُؤَجَّلُ لَهُ) بِمَعْنَى يُمْهِلُ الْوَلِيُّ وُجُوبًا (إنْ سَأَلَتْ) زَوْجَتُهُ (ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) سَوَاءٌ الْحُرُّ وَالرَّقِيقُ فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ حِينِ الْإِيلَاءِ فِي غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ وَابْتِدَاؤُهُ فِي رَجْعِيَّةٍ آلَى مِنْهَا مِنْ حِينِ الرَّجْعَةِ. وَيَقْطَعُ الْمُدَّةَ رِدَّةٌ بَعْدَ دُخُولٍ وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَبَعْدَ الْمُدَّةِ لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ أَوْ اخْتِلَالِهِ بِهَا فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُهَا مِنْ الْمُدَّةِ. وَمَانِعُ وَطْءٍ بِالزَّوْجَةِ حِسِّيٌّ أَوْ شَرْعِيٌّ غَيْرُ نَحْوِ حَيْضٍ كَنِفَاسٍ، وَذَلِكَ كَمَرَضٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ وَتَلَبُّسٍ بِفَرْضٍ نَحْوِ صَوْمٍ كَاعْتِكَافٍ، وَإِحْرَامٍ فَرْضَيْنِ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَعَهُ بِمَانِعٍ مِنْ قِبَلِهَا وَتُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةَ بِزَوَالِ الْقَاطِعِ وَلَا تُبْنَى عَلَى مَا مَضَى.

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ: أَنَّهُ إنْ حَصَلَ مِنِّي وَطْءٌ لَا يَكُونُ إلَّا مَرَّةً فَيَبَرُّ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِالْوَطْءِ مَرَّةً، أَوْ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ، حَتَّى تَفْرُغَ السَّنَةُ.

قَوْلُهُ: (بَلْ حَالِفٌ) فَإِنْ وَطِئَ ثَانِيًا حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى يُمْهِلُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ: مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ مَعَ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْمَتْنِ، أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ يُؤَجَّلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا حَلُّ مَعْنًى.

قَوْلُهُ: (إنْ سَأَلَتْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يَأْتِي. وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَيْ التَّأْجِيلُ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لِقَوْلِهِ: يُؤَجَّلُ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ قَوْلُهُ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالرَّفْعِ نَائِبُ فَاعِلٍ وَلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِيُؤَجِّلُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الشَّرْحِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ مَفْعُولٌ، وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُولِي حَيْثُ قَالَ يُمْهِلُ الْمُولِي كَمَا عَلِمْت وَهِيَ أَيْ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَقٌّ لِلزَّوْجِ، كَالْأَجَلِ فِي الدَّيْنِ. وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَاقْتَصَرَ عَلَى شَهْرَيْنِ فِي الزَّوْجَةِ الرَّقِيقَةِ، وَمَالِكٌ فَاقْتَصَرَ عَلَى شَهْرَيْنِ فِي الزَّوْجِ الرَّقِيقِ، كَمَذْهَبِهِمَا فِي الطَّلَاقِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ حِينِ الْإِيلَاءِ) أَيْ مِنْ تَلَفُّظِهِ بِهِ، وَلَوْ فِي مُبْهَمَةِ عَيَّنَهَا لَا مِنْ وَقْتِ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَابْتِدَاؤُهُ) أَيْ التَّأْجِيلِ قَوْلُهُ: (وَيَقْطَعُ الْمُدَّةَ) أَيْ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ رِدَّةٌ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ دُخُولٍ) وَأَمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْقَطِعُ لَا مَحَالَةَ فَلَا إيلَاءَ، وَمِثْلُ الدُّخُولِ اسْتِدْخَالُ مَنِيِّ الزَّوْجِ الْمُحْتَرَمِ.

قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الْمُدَّةِ) مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ كَمَا قَالَهُ ق ل. وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِقَطْعِهَا مَا يَشْمَلُ عَدَمَ حُسْبَانِهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ يَضْرِبُ لَهُ أَرْبَعَةً أُخْرَى إنْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الْإِيلَاءِ أَكْثَرُ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ) أَيْ إنْ أَصَرَّ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ اخْتِلَالَهُ بِهَا أَيْ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ زِيَادِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُهَا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ، وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ: وَتَسْتَأْنِفُ بَلْ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ مَعْنَى الْقَطْعِ عَدَمُ الْحُسْبَانِ مَعَ الْبِنَاءِ عَلَى مَا مَضَى، مَعَ أَنَّهَا لَا تَبْنِي كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَمَانِعُ وَطْءٍ) أَيْ وَيَقْطَعُ الْمُدَّةَ مَانِعُ إلَخْ قَوْلُهُ: (كَمَرَضٍ) مِثَالٌ لِلْمَانِعِ الْحِسِّيِّ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَطْءٍ مِنْ ذَكَرٍ عَادَةً ح ل قَوْلُهُ: (نَحْوِ صَوْمٍ) إلَّا إنْ كَانَ الصَّوْمُ مُوَسَّعًا كَقَضَاءٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا الْآنَ، وَاعْتَمَدَ الزَّرْكَشِيّ: أَنَّهُ مَانِعٌ أَيْ لِأَنَّهُ يَهَابُ وَطْأَهَا، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَهُ ح ل. وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: نَحْوِ صَوْمٍ أَيْ وَلَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ قَضَاءً فَوْرِيًّا وَكَذَا قَضَاءً مُوَسَّعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ وَلَا يُكَلَّفُ فِي نَحْوِ الصَّوْمِ الْوَطْءَ لَيْلًا.

قَوْلُهُ: (وَإِحْرَامٍ) : صَرَّحُوا بِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا، إذَا أَحْرَمَتْ بِالْفَرْضِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى وَاجِبٍ مُضَيَّقٍ كَأَنْ أَفْسَدَتْ الْحَجَّ، أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الصَّوْمِ حَرَّرَ.

قَوْلُهُ: (فَرْضَيْنِ) فِيهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْتَنِعُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ تَأَمَّلْ، لَكِنْ يُشْكِلُ مَعَهُ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ اهـ. وَقَالَ خَضِرُ اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ لِقَوْلِهِ: فَرْضَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَتَلَبُّسٍ بِفَرْضٍ نَحْوِ صَوْمٍ اهـ. قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَعَهُ) أَيْ الْمَانِعُ قَوْلُهُ: (وَتَسْتَأْنِفُ الْمُدَّةَ) أَيْ فِي الرِّدَّةِ وَالْمَانِعُ قَوْلُهُ: (وَلَا تَبْنِي) أَيْ لِانْتِفَاءِ التَّوَالِي الْمُعْتَبَرِ فِي حُصُولِ الْإِضْرَارِ، أَمَّا غَيْرُ الْمَانِعِ كَصَوْمِ نَفْلٍ، أَوْ الْمَانِعِ الْقَائِمِ بِهِ، مُطْلَقًا حِسًّا أَوْ شَرْعًا أَوْ بِهَا، وَكَانَ نَحْوَ حَيْضٍ فَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ، لِأَنَّ الزَّوْجَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَحْلِيلِهَا وَوَطْئِهَا فِي الْأَوَّلِ وَالْمَانِعُ مِنْ قِبَلِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِعَدَمِ خُلُوِّ الْمُدَّةِ عَنْ الْحَيْضِ غَالِبًا فِي الثَّالِثَةِ وَأُلْحِقَ بِهِ النِّفَاسُ، لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

وَقَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّوَالِي هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُوجَدُ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَقَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الْمَانِعِ كَصَوْمِ نَفْلٍ لَعَلَّ مِثْلُهُ كُلُّ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَحْلِيلِهَا أَيْ إخْرَاجِهَا مِنْ الصَّوْمِ، بِسَبَبِ إبْطَالِهِ بِنَحْوِ الْوَطْءِ. فَقَوْلُهُ: وَوَطْئِهَا مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ وَعِبَارَةُ مَرَّ وَلِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>