للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا كَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ مُطَالَبَتُهُ، لِأَنَّ التَّمَتُّعَ حَقُّهَا وَيَنْتَظِرُ بُلُوغَ الْمُرَاهِقَةِ وَلَا يُطَالِبُ وَلِيَّهَا لِذَلِكَ. وَمَا ذَكَرْته مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ مُطَالَبَتِهَا بِالْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهَا تَرَدُّدُ الطَّلَبِ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ بِالزَّوْجِ وَهُوَ طَبْعِيٌّ كَمَرَضٍ فَتُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ بِأَنْ يَقُولَ إذَا قَدَرْت: فِئْت ثُمَّ إنْ لَمْ يَفِئْ طَالَبَتْهُ بِطَلَاقٍ أَوْ شَرْعِيٍّ كَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَاجِبٍ فَتُطَالِبُهُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُهُ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ، لَمْ يُطَالَبْ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْهُمَا أَيْ: الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ. (طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ) طَلْقَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

اقْتَضَاهُ الْمَتْنُ، مِنْ أَنَّهَا تَرَدُّدُ الطَّلَبِ بَيْنَهُمَا، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ نَصًّا فِي التَّرْتِيبِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ.

قَوْلُهُ: (لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ) أَيْ كَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ فِي الْعُنَّةِ وَالْعَيْبِ وَالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ لِأَنَّهُ خُصْلَةٌ وَاحِدَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَمَا ذَكَرْته مِنْ التَّرْتِيبِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ التَّرْدِيدُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ: أَنَّهَا إذَا رَتَّبَتْ فَطَالَبَتْهُ بِالْفَيْئَةِ وَحْدَهَا ثُمَّ طَالَبَتْهُ بِالطَّلَاقِ وَحْدَهُ فَامْتَنَعَ، فَطَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِهِ مِنْ الطَّلَاقِ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْفَيْئَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا رُدِّدَتْ بَيْنَهُمَا فَامْتَنَعَ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ طَلَاقُ الْقَاضِي عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِهِ حِينَئِذٍ مِنْهُمَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ قَوْلُهُ: (تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ) أُجِيبَ: بِأَنَّ مَا فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ تَرْتِيبًا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَرَدُّدُ الطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (تَرَدُّدُ الطَّلَبِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَا أَدْرِي مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا قُلْنَا: بِالتَّرَدُّدِ فَطَلَّقَ الْحَاكِمُ لَا يَقَعُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْهُمَا تَأَمَّلْ ق ل لِأَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ مِنْ الْفَيْئَةِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ إلَخْ) مُحْتَرَزٌ قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ بِالزَّوْجَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمَّا الْمَانِعُ بِالزَّوْجِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ التَّخْيِيرِ. قَوْلُهُ: (طَبْعِيٌّ) إنْ كَانَ نِسْبَةً إلَى الطَّبْعِ فَبِفَتْحِ الطَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَإِنْ كَانَ إلَى الطَّبِيعَةِ، فَالْقِيَاسُ فَتْحُ الطَّاءِ وَالْبَاءِ شَوْبَرِيُّ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي النِّسْبَةِ إلَى فَعِيلَةٍ فَعَلِيٌّ.

قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَفَعَلِيٌّ فِي فَعِيلَةٍ اُلْتُزِمَ

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ لَا لِلْمُطَالَبَةِ وَالْوَعْدُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ كَافٍ وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ وَنَدِمْت عَلَى مَا فَعَلْت. اهـ. ح ف. وَيُعْجِبنِي هُنَا هَذَا الْبَيْتُ:

قَدْ صِرْت عِنْدَك كُمُّونًا بِمَزْرَعَةٍ ... إنْ فَاتَهُ السَّقْيُ أَغْنَتْهُ الْمَوَاعِيدُ

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ لَمْ يَفِ) هَذَا عَلَى طَرِيقَتِهِ. اهـ. ق ل وَالْقِيَاسُ رَسْمُهُ بِالْيَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ فَاءَ يَفِيءُ فَآخِرُهُ هَمْزَةٌ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِأَنْ سُكِّنَ أَوَّلًا قَبْلَ دُخُولِ الْجَازِمِ تَخْفِيفًا ثُمَّ حُذِفَتْ الْيَاءُ وَصَارَ يَفِئْ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ، أُبْدِلَتْ يَاءً لِكَوْنِهَا بَعْدَ كَسْرَةٍ ثُمَّ أُدْخِلَ الْجَازِمُ وَنُزِّلَتْ الْيَاءُ الْعَارِضَةُ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيَّةِ فَحُذِفَتْ لِلْجَازِمِ اهـ. عش عَلَى مَرَّ.

قَوْلُهُ: (طَالَبَتْهُ بِطَلَاقٍ) أَيْ وَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا بِاللَّفْظِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ وَلَوْ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ سَقَطَ حَقُّهَا وَلَا تَرْجِعُ إلَى الْمُطَالَبَةِ.

وَعِبَارَةُ مَرَّ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ مَا لَمْ تَنْتَهِ مُدَّةُ الْيَمِينِ لَتَجَدُّدِ الضَّرَرِ هُنَا كَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الْعُنَّةِ وَالْعَيْبِ وَالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ، لِأَنَّهُ خُصْلَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ. بِحُرُوفِهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ) بِأَنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِحِنْثِهِ وَإِلَّا بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ أَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ حِنْثِهِ وَلَا يَنْحَلُّ يَمِينُهُ ق ل، وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْحَلُّ يَمِينُهُ: أَيْ وَإِنْ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَانْدِفَاعِ ضَرَرِهَا سم.

قَوْلُهُ: (طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ) أَيْ وَلَوْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَوْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي ثُمَّ رَاجَعَ عَادَ الْإِيلَاءُ إنْ بَقِيَ مُدَّةٌ وَاسْتَأْنَفَتْ الْمُدَّةَ مِنْ الرَّجْعَةِ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِيلَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>