للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ: يَا فَاجِرَةُ، أَوْ: يَا فَاسِقَةُ، أَوْ أَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ. أَوْ لَمْ أَجِدْك بِكْرًا وَنَوَى بِذَلِكَ الْقَذْفَ (فَعَلَيْهِ) لَهَا (حَدُّ الْقَذْفِ) لِلْإِيذَاءِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْمُحْصَنَةِ غَيْرُهَا. وَالْمُحْصَنُ الَّذِي يُحَدُّ قَاذِفُهُ مُكَلَّفٌ وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ فَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِ زَوْجَتِهِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَلَا الْبِكْرِ قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا (إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ) بِزِنَاهَا فَيَرْتَفِعَ عَنْهُ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ حِينَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ: «الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِك فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ نَبِيًّا إنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ فِي أَمْرِي مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ» فَنَزَلَتْ آيَاتُ اللِّعَانِ الْحَدِيثَ وَهُوَ بِطُولِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَدَلَّ عَلَى ارْتِفَاعِ الْحَدِّ بِالْبَيِّنَةِ (أَوْ يُلَاعِنُ) لِدَفْعِ الْحَدِّ إنْ اخْتَارَهُ لِحَدِيثِ هِلَالٍ، وَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.

وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ اللِّعَانِ سَبْقُ قَذْفِهِ زَوْجَتَهُ تَقْدِيمًا لِلسَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ لِأَنَّ اللِّعَانَ إنَّمَا شُرِعَ لِخَلَاصِ الْقَاذِفِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْضًا فِي الزِّنَا وَإِلَّا فَظَاهِرُ الشَّرْحِ قَصْرُهُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (فَصَرِيحٌ قَطْعًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُ دَرَجٌ فَكِنَايَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ مُطْلَقًا ز ي قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ أَجِدُك بِكْرًا) هَذَا فِي امْرَأَةٍ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا تَقَدُّمُ افْتِضَاضٍ مُبَاحٍ، فَإِنْ عُلِمَ لَهَا ذَلِكَ فَلَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ اهـ.

مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ: (وَالْمُحْصَنُ الَّذِي يُحَدُّ قَاذِفُهُ) احْتِرَازًا عَنْ الْمُحْصَنِ الَّذِي يَلْزَمُهُ الرَّجْمُ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُحْصَنِ قَرِيبًا قَوْلُهُ: (مُكَلَّفٌ إلَخْ) فَإِنْ فُقِدَ قَيْدٌ مِنْ هَذِهِ الْقُيُودِ فَالْوَاجِبُ التَّعْزِيرُ لِلْإِيذَاءِ. قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا حُدَّ أَوْ غَيْرَهُ عُزِّرَ. قَوْلُهُ: (حُرٌّ مُسْلِمٌ) وَإِنَّمَا جُعِلَ الْكَافِرُ مُحْصَنًا فِي حَدِّ الزِّنَا لِأَنَّهُ إهَانَةٌ لَهُ وَلَا يَرِدُ قَذْفُ مُرْتَدٍّ وَمَجْنُونٍ وَقِنٍّ بِزِنًا، أَضَافَهُ إلَى حَالِ إسْلَامِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ أَوْ حُرِّيَّتِهِ بِأَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ لِأَنَّ سَبَبَ حَدِّهِ إضَافَتُهُ الزِّنَا إلَى حَالَةِ الْكَمَالِ شَرْحُ مَرَّ.

قَوْلُهُ: (عَفِيفٌ عَنْ الْوَطْءِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ، عَفِيفٌ عَنْ زِنًا، وَوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ، وَوَطْءٍ فِي دُبُرِ حَلِيلَتِهِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَطْءٌ أَصْلًا أَوْ سَبَقَ لَهُ وَطْءٌ، لَا يُحَدُّ بِهِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ الْبَهِيمَةِ، وَمِثْلُ الْوَطْءِ الَّذِي يُحَدُّ بِهِ وَطْءُ حَلِيلَتِهِ، أَوْ مَحْرَمِهِ الْمَمْلُوكَةِ فِي دُبُرِهِمَا، فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا وَإِنْ كَانَ لَا يُحَدُّ بِمَا ذُكِرَ، وَمِثْلُ دُبُرِ مَحْرَمِهِ الْمَمْلُوكَةِ قُبُلُهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمَنْهَجِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِفَّتُهُ عَنْ وَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي الْحَيْضِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِ زَوْجَتِهِ) أَيْ بَلْ يُعَزَّرُ لِئَلَّا يَتَجَرَّأَ عَلَى سَبِّهَا وَهَذَا خَارِجٌ بِالْمُكَلَّفِ.

قَوْلُهُ: (الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ) . الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ مُطْلَقًا خَارِجَةٌ مِنْ الْمُكَلَّفِ فَقَوْلُهُ: الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ لَيْسَ قَيْدًا لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ خَارِجَةٌ بِالْمُكَلَّفِ سَوَاءٌ احْتَمَلَتْ الْوَطْءَ أَوْ لَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ قَيَّدَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ الزَّوْجُ حِينَئِذٍ لِدَفْعِ التَّعْزِيرِ الَّذِي لَزِمَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا احْتَمَلَتْ الْوَطْءَ، فَيُلَاعِنُ لِإِسْقَاطِ التَّعْزِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا الْبِكْرَ قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا) يُتَأَمَّلُ هَذَا وَيُحَرَّرُ قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُخْرِجُهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحَدُّ بِقَذْفِهَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَالَ الْمَدَابِغِيُّ: لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنْ يُقَالَ بَكَارَتُهَا تُكَذِّبُ دَعْوَاهُ فَصَارَ كَقَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ، لَكِنْ قَدْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ قَذَفَ بِكْرًا وَطَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا آخَرُ وَقَذَفَهَا ثَيِّبًا وَلَمْ تُلَاعِنْ، وَجَبَ عَلَيْهَا بِلِعَانِ الْقَاذِفِينَ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَذْفَ الْبِكْرِ يُؤَثِّرُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَتَأَمَّلْ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ مَا هُنَا بِغَيْرِ الْغَوْرَاءِ وَمَا يَأْتِي بِالْغَوْرَاءِ. قَوْلُهُ: (أَوْ التَّعْزِيرُ) أَيْ فِي قَذْفِ غَيْرِ الْمُحْصَنَةِ فَيُلَاحَظُ هَذَا فِي كَلَامِهِ سَابِقًا قَوْلُهُ: (ابْنُ سَحْمَاءَ) كَذَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ وَصَوَابُهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ ابْنُ سَحْمَاءَ، بِسِينٍ مَفْتُوحَةٍ وَحَاءٍ سَاكِنَةٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْمَدِّ اهـ.

مَرْحُومِيٌّ عَلَى وَزْنِ حَمْرَاءَ مُؤَنَّثُ أَسْحَمَ بِمَعْنَى أَسْوَدَ وَهِيَ أُمُّ شَرِيكٍ وَأَبُوهُ عَبَدَةُ. بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَالْمُحَدِّثُونَ يُسَكِّنُونَهَا.

قَوْلُهُ: (الْبَيِّنَةُ) أَيْ تَلْزَمُك الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَلَهُ الِامْتِنَاعُ) أَيْ مِنْ اللِّعَانِ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ اللِّعَانِ) جُمْلَةُ شُرُوطٍ اللِّعَانُ أَرْبَعَةٌ: سَبْقُ الْقَذْفِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ نَفْيِ الْوَلَدِ وَوَلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَتَلْقِينِ الْقَاضِي، وَأَنْ لَا يُبَدِّلَ لَفْظًا بِآخَرَ؛ وَكَوْنُ سَبْقِ الْقَذْفِ شَرْطًا فِي اللِّعَانِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لَهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اللِّعَانَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ اللِّعَانِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ إلَخْ عِلَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>