للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَلَا عَلَى لِعَانِهَا بَلْ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ لِعَانِ الزَّوْجِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا إذَا نَفَى الْحَمْلَ بِلِعَانِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي.

فَرْعٌ: لَوْ قَذَفَ زَوْجٌ زَوْجَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي وَهِيَ ثَيِّبٌ ثُمَّ لَاعَنَا وَلَمْ تُلَاعِنْ جُلِدَتْ ثُمَّ رُجِمَتْ (وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهَا) أَيْ حَدُّ الزِّنَا الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهَا بِتَمَامِ لِعَانِ الزَّوْجِ (بِأَنْ تُلَاعِنَ) بَعْدَ تَمَامِ لِعَانِهِ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ لَفْظِ السُّقُوطِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا وَجَبَ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا إلَّا بِتَمَامِ لِعَانِهِ وَبِاشْتِرَاطِ الْبَعْدِيَّةِ، جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: ٨] الْآيَةَ. (فَتَقُولُ) بَعْدَ أَنْ يَأْمُرَهَا الْحَاكِمُ فِي جَمْعٍ مِنْ النَّاسِ كَمَا سُنَّ التَّغْلِيظُ فِي حَقِّهِ كَمَا مَرَّ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّ فُلَانًا هَذَا) أَيْ زَوْجَهَا إنْ كَانَ حَاضِرًا وَتُمَيِّزُهُ فِي الْغَيْبَةِ كَمَا فِي جَانِبِهَا (لَمِنْ الْكَاذِبِينَ) عَلَيَّ (فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٨] الْآيَةَ.

(وَتَقُولُ فِي) الْمَرَّةِ (الْخَامِسَةِ بَعْدَ أَنْ يَعِظَهَا) أَيْ يُبَالِغُ (الْحَاكِمُ) نَدْبًا فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ بِالتَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِيرِ كَأَنْ يَقُولَ لَهَا: عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَيَأْمُرُ امْرَأَةً تَضَعُ يَدَهَا عَلَى فِيهَا لَعَلَّهَا أَنْ تَنْزَجِرَ فَإِنْ أَبَتْ إلَّا الْمُضِيَّ، قَالَ لَهَا: قَوْلِي: (وَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ) فِيمَا رَمَانِي بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ سُكُوتُهُ فِي لِعَانِهَا عَنْ ذِكْرِ الْوَلَدِ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِكْرِهِ فِي لِعَانِهَا حُكْمٌ فَلَمْ تَحْتَجْ إلَيْهِ وَلَوْ تَعَرَّضَتْ لَهُ لَمْ يَضُرَّ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ بَدَّلَ لَفْظَ شَهَادَةٍ بِحَلِفٍ وَنَحْوِهِ كَأُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ إلَى آخِرِهِ أَوْ لَفْظَ غَضِبَ بِلَعَنَ أَوْ غَيْرِهِ كَالْإِبْعَادِ وَعَكْسِهِ بِأَنْ ذَكَرَ الرَّجُلُ الْغَضَبَ، وَالْمَرْأَةُ اللَّعْنَ أَوْ ذَكَرَ اللَّعْنَ أَوْ الْغَضَبَ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهَادَةِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلنَّصِّ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ وَالْحِكْمَةُ فِي اخْتِصَاصِ لِعَانِهَا بِالْغَضَبِ وَلِعَانِ الرَّجُلِ بِاللِّعَانِ أَنَّ جَرِيمَةَ الزِّنَا أَعْظَمُ مِنْ جَرِيمَةِ الْقَذْفِ فَقُوبِلَ الْأَعْظَمُ بِمِثْلِهِ وَهُوَ الْغَضَبُ لِأَنَّ غَضَبَهُ تَعَالَى إرَادَةُ الِانْتِقَامِ مِنْ الْعُصَاةِ وَإِنْزَالُ الْعُقُوبَةِ بِهِمْ وَاللَّعْنِ وَالطَّرْدِ وَالْبُعْدِ. فَخُصَّتْ الْمَرْأَةُ بِالْتِزَامِ أَغْلَظِ الْعُقُوبَةِ وَلَوْ نَفَى الذِّمِّيُّ وَلَدًا ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي الْإِسْلَامِ فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَقُسِّمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ فِي نَسَبِهِ وَإِسْلَامِهِ وَوَرِثَهُ وَانْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ وَلَوْ قَتَلَ الْمُلَاعَنُ مَنْ نَفَاهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ وَالِاعْتِبَارُ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ بِحَالَةِ الْقَذْفِ فَلَا يَتَغَيَّرَانِ بِحُدُوثِ عِتْقٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ إسْلَامٍ فِي الْقَاذِفِ أَوْ الْمَقْذُوفِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ لَاعَنَا) أَيْ الزَّوْجَانِ، الزَّوْجَةَ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُلَاعِنِ أَنْ يَكُونَ زَوْجًا وَقْتَ اللِّعَانِ بَلْ وَقْتَ الْقَذْفِ وَنَحْوِهِ. وَكَذَا لَهُ اللِّعَانُ إذَا أَبَانَهَا ثُمَّ لَاعَنَهَا لِنَفْيِ وَلَدٍ أَوْ حَمْلٍ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ تُلَاعِنْ، أَمَّا إذَا لَاعَنَتْ سَقَطَ عَنْهَا الْحَدَّانِ قَوْلُهُ: (جُلِدَتْ) أَيْ لِلْأَوَّلِ وَرُجِمَتْ أَيْ لِلثَّانِي وَلَا يُقَدَّمُ الرَّجْمُ عَلَى الْجَلْدِ لِئَلَّا تَمُوتَ فَيَفُوتَ حَقُّ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (جَزَمَ بِهِ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِهِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِاشْتِرَاطٍ إلَخْ.

قَوْلُهُ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: ٨] أَيْ الْعَذَابَ بِلِعَانِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَ أَنْ يَأْمُرَهَا) أَيْ يُلَقِّنَهَا كَلِمَاتِ اللِّعَانِ قَوْلُهُ: (فِي جَمْعٍ مِنْ النَّاسِ) أَيْ نَدْبًا قَوْلُهُ: (عَنْ ذِكْرِ الْوَلَدِ) كَأَنْ تَقُولَ وَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْك

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) جَوَابُ لَوْ قَوْلُهُ: (وَإِنْزَالُ الْعُقُوبَةِ إلَخْ) أَيْ بِالْغَضَبِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عِقَابٍ بِخِلَافِ اللَّعْنِ فَمَعْنَاهُ الْإِبْعَادُ عَنْ الرَّحْمَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ عَذَابٌ أَوَّلًا.

قَوْلُهُ: (أَغْلَظِ الْعُقُوبَةِ) أَيْ جِنْسِ الْعُقُوبَةِ فَأَلْ لِلْجِنْسِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>