للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ: كُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ مِنْ سَيِّدٍ، أَوْ وَارِثٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا، عَدْلًا أَمْ فَاسِقًا، مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَمْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا لِقَتْلِ عَبْدِهِ أَقْسَمَ، لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِبَدَلِهِ، وَلَا يُقْسِمُ سَيِّدُهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إنْ قَتَلَ الْعَبْدَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُقْسِمُ دُونَ الْمَأْذُونِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ مَا أَقْسَمَ أَخَذَ السَّيِّدُ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ مَاتَ الْوَلِيُّ بَعْدَمَا أَقْسَمَ، أَوْ قَبْلَهُ وَقَبْلَ نُكُولِهِ حُلِّفَ السَّيِّدُ، أَوْ بَعْدَ نُكُولِهِ فَلَا لِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِالنُّكُولِ. كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ.

(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ) أَيْ عِنْدَ الْقَتْلِ (لَوْثٌ) بِأَنْ تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ، أَوْ ظَهَرَ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ بِدُونِ كَوْنِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً أَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ، أَوْ شَهِدَ بِهِ عَدْلٌ، أَوْ عَدْلَانِ، أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَتِيلَيْنِ أَوْ كَذَّبَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ يَسْقُطُ فِيهَا اللَّوْثُ. كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِسُقُوطِ اللَّوْثِ فِي حَقِّهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالْيَمِينِ أَنَّهُ لَا يُغَلَّظُ فِي حَقِّهِ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، وَأَظْهَرُهُمَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَيَكُونُ صِفَةً، وَالْمَجَازُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: التَّعْبِيرِ بِالْمَصْدَرِ وَنِسْبَةِ الْحُكْمِ إلَى الْخَبَرِ.

قَوْلُهُ: (كُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ: " أَقْسَمَ " خَبَرٌ.

قَوْلُهُ: (لِقَتْلِ عَبْدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ يُحَلَّفُ لِأَجْلِ قَتْلِ عَبْدِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَلَوْ قُتِلَ وَهُنَاكَ لَوْثٌ فَادَّعَى السَّيِّدُ عَلَى عَبْدٍ، أَوْ حُرٍّ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَهَلْ يُقْسِمُ السَّيِّدُ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ: أَشْهَرُهُمَا بِنَاؤُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ بَدَلَ الْعَمْدِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؟ إنْ قُلْنَا: نَعَمْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَقْسَمَ السَّيِّدُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ لِحِفْظِ الدِّمَاءِ وَهَذِهِ الْحَاجَةُ تَشْمَلُ الْقِصَاصَ وَالْكَفَّارَةَ وَالْمُدَّبَّرَ وَالْمُكَاتَبَ، وَأَمُّ الْوَلَدِ فِي هَذَا كَالْقِنِّ فَإِذَا أَقْسَمَ السَّيِّدُ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى حُرٍّ أَخَذَ الدِّيَةَ مِنْ مَالِهِ فِي الْحَالِ إنْ ادَّعَى عَمْدًا مَحْضًا، وَإِلَّا فَمِنْ عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَبْدٍ تَعَلَّقَتْ الْقِيمَةُ بِرَقَبَتِهِ مُطْلَقًا، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْسِمُ سَيِّدُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ. قَوْلُهُ: (تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ يَدِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ رَاجِعٌ لَهُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ) أَيْ وَفَسَخَ السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ مَاتَ الْوَلِيُّ) أَيْ فَإِنَّ الدِّيَةَ لِلْوَارِثِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ عَجَزَ قَبْلَ مَا أَقْسَمَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَ نُكُولِهِ) أَيْ عَجَزَ بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَوْلُهُ فَلَا أَيْ فَلَا يُحَلَّفُ السَّيِّدُ وَقَوْلُهُ: لِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِالنُّكُولِ أَيْ فَيُحَلَّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ: (أَيْ عِنْدَ الْقَتْلِ) أَيْ عِنْدَ دَعْوَى الْقَتْلِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ " وَإِذَا اقْتَرَنَ بِدَعْوَى الْقَتْلِ إلَخْ ".

قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ لَوْثٌ أَصْلًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ ظَهَرَ) بِأَنْ ادَّعَى الدَّمَ تَفْصِيلًا حَتَّى تُسْمَعَ الدَّعْوَى فَيَشْهَدَ عَدْلٌ بِأَصْلِ الْقَتْلِ بِأَنْ أَخْبَرَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا، أَوْ غَيْرَهُ، شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ يُقْتَلُ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِهِ بَعْدَ دَعْوَى مُفَصِّلَةٍ فَلَا قَسَامَةَ، لِأَنَّهَا لَا تُفِيدُ مُطَالَبَةَ الْقَاتِلِ وَلَا الْعَاقِلَةِ. اهـ، وَكَتَبَ ح ل عَلَى قَوْلِهِ: " بَعْدَ دَعْوَى مُفَصِّلَةٍ " فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ إلَّا مُفَصِّلَةً فَكَيْفَ يَقُولُ يُقْتَلُ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَيْ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَلِيُّ وَيُفَصِّلُ، ثُمَّ تَظْهَرُ الْأَمَارَةُ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ، دُونَ صِفَتِهِ بِأَنْ يُخْبِرَ بِذَلِكَ عَدْلٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ) كَأَنْ قَالَ لَسْتُ أَنَا الَّذِي كَانَ مَعَهُ السِّكِّينُ الْمُلَطَّخَةُ مَثَلًا، أَوْ لَسْتُ أَنَا الَّذِي كَانَ خَارِجًا مِنْ عِنْدِ الْمَقْتُولِ، أَوْ كُنْتُ غَائِبًا وَقْتَ الْقَتْلِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ شَهِدَ بِهِ) الصَّوَابُ حَذْفُ بِهِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: " أَنَّ زَيْدًا إلَخْ " بَدَلًا مِنْ الْهَاءِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَّبَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ) أَيْ كَذَّبَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْبَعْضَ الْمُدَّعِيَ لِلْقَتْلِ كَأَنْ قَالَ أَحَدُ ابْنَيْ الْقَتِيلِ قَتَلَهُ فُلَانٌ وَكَذَّبَهُ الِابْنُ الْآخَرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِي سِتِّ صُوَرٍ: الْأُولَى تَكَاذُبُ الْوَرَثَةِ. الثَّانِيَةُ تَعَذُّرُ إثْبَاتِ اللَّوْثِ. الثَّالِثَةُ إنْكَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الرَّابِعَةُ اللَّوْثُ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ بِدُونِ كَوْنِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَصُورَتُهُ: أَنْ يَقُولَ الْوَارِثُ: أَدَّعِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ قَتَلَ أَبِي، ثُمَّ يُخْبِرُ الْعَدْلُ بِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ قَتَلَ مُوَرِّثَ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا غَيْرَهُ فَلَا قَسَامَةَ. الْخَامِسَةُ الشَّهَادَةُ مِنْ عَدْلٍ، أَوْ عَدْلَيْنِ أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَتِيلَيْنِ لِانْبِهَامِهَا أَيْ الشَّهَادَةِ، فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. السَّادِسَةُ عَدَمُ الْوَارِثِ الْخَاصِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا.

قَوْلُهُ: (وَأَظْهَرُهُمَا) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ وَقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَيْ فِي قَوْلِهِ: " تَنْبِيهٌ "

<<  <  ج: ص:  >  >>